آلاف الضحايا يسقطون تحت الأنقاض.. والتشرد ينتظر الناجين

العقارات الآيلة للسقوط.. كارثة في انتظار الحل

العقارات الآيلة للسقوط
العقارات الآيلة للسقوط

97 ألف بناية «على وشك الإنهيار» في المحافظات.. والسيدة ومنشأة ناصر «على خط الأزمة»

«فساد المحليات والإيجار القديم واتحاد الشاغلين ونقص الوحدات البديلة» أبرز المشكلات

البرلمان يطالب بتعويض الأهالي بوحدات بديلة.. و«التنمية المحلية» تمتنع عن الرد

و«الإسكان» ترد: دورنا إصدار تقارير للمحافظين والمحليات وليس التنفيذ

البرلمان: مكاتب هندسية استشارية تقيم حالة المبانى

 

 لم تكن واقعة انهيار عقار مصطفي كامل بالإسكندرية أمس الجمعة، والتي أسفرت عن سقوط ضحايا، الأولى في سجل العقارات المنهارة في مصر، بل امتلئ السجل بعشرات الوقائع المماثلة، ما جعل هذا الملف شبحًا يهدد حياة آلالاف من السكان إما بالموت أو التشرد في الشوارع.

 

عقارات الشرقية

وكشفت البيانات الرسمية لتعداد المنشآت لعام 2017 والتي أعدها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن عدد العقارات الآيلة للسقوط دون أن يُتخذ إجراءً بشأنها يبلغ 97 ألفا و535 عقارا موزعة في كافة أنحاء الجمهورية.

وتستحوذ محافظة الشرقية على نصيب الأسد من العقارات الآيلة للسقوط بواقع 11 ألفا و430 عقارا تمثل 11.7% من إجمالى العقارات الآيلة للسقوط، وتصنف هذه العقارات بالتعداد تحت بند «غير قابل للترميم ومطلوب الهدم»، تليها محافظة المنيا بإجمالى 10424 عقارا، ثم محافظة سوهاج بإجمالى 7370 عقارا، ثم محافظة الدقهلية بواقع 7095 عقارا.

وحتى الآن لم تتدخل السلطات التنفيذية متمثلة فى وزارتي التنمية المحلية و الإسكان لإنقاذ أهالي هذه العقارات من كارثة محتملة تستيقظ عليها مصر كما حدث فى عقار منشأة ناصر المنهار وعقار السيدة زينب وعمارة الإسكندرية.

 

البرلمان يسعى لحل المشكلة

فى البداية، يقول النائب أحمد مصطفى عبد الواحد، وكيل لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، فى تصريحات خاصة لـ«بوابة أخبار اليوم» إنه تقدم بطلب إحاطة إلى الدكتور على عبد العال رئيس البرلمان، لتوجيهه إلى اللواء أبو بكر الجندي،وزير التنمية المحلية، بخصوص أزمة العقارات الآيلة للسقوط، وتم إرسال صور منه للوزير وأمين عام وزارة التنمية المحلية؛ وذلك لتحديد جلسة لمناقشة الموضوع.

وأضاف: «حاليا مجلس النواب فى إجازة، وعند عودة المجلس للانعقاد سيتم تحديد الجلسة، وكذلك نحاول عمل بروتوكول مع مكاتب استشارية هندسية لتحديد هذه العقارات وأماكن تواجدها؛ وهى عقارات موزعة في مختلف محافظات الجمهورية وعددها كبير وصادر لها قرار إزالة لكن لا تنفذ هذه القرارات لعدة أسباب إما أن سكانها بعقود إيجارات قديمة ويرفضون إخلائها، أو صاحب العقار لا يملك التكلفة المالية اللازمة للإزالة أو عدم وجود بدائل سكنية للأهالي».

واستطرد: «من المفترض أن صاحب العقار الآيل للسقوط تستدعيه الجهات الأمنية ويوقع على إقرار لديها يتعهد فيه بإزالة العقار خلال مدة أقصاها 60 يوم وإذا لم يلتزم يتعرض للمسائلة القانونية، فموضوع العقارات الآيلة للسقوط متشعب فيوجد عقارات يصدر لها قرار بالإزالة لدور واحد أو دورين وبالتالي يصبح صاحب العقار مهدد بأنه إذا قام بالتنفيذ يؤثر على باقي العقار، فالمشكلة تحتاج لمتخصصين يتم مناقشتهم داخل لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان حتى يتم تفعيل القانون على هذه العقارات».

وقال أيضًا: «فساد المحليات له دور كبير في تعطيل قرارات الإزالة، كما تتسبب الإدارات المحلية بالمحافظات والمكاتب الهندسية التابعة لها في تعطيل إصدار التراخيص للمواطنين فى حالة البناء وتتقاعس عن دورها وهو ما انتبهنا له فى قانون البناء الموحد حيث تم تحديد مدة شهر فقط لإصدار الترخيص، ويوجد أيضا عقارات حديثة آيلة للسقوط بسبب عيوب فنية بها ولم يتم بناءها طبقا للمواصفات وشروط التراخيص نتيجة فساد أيضا».

وتابع: «في كل محافظة سيتم اختيار مكاتب هندسية استشارية وتقوم بعمل دراسة لها وتوزيع الأحمال بها ووضع تصور مناسب للمبنى هل سيتم إزالته أم أجزاء منه وذلك بتطبيق كود المنشآت عليه الخاص بالمبانى».

وذكر: «فى حالة إزالة هذه المبانى سيتم التنسيق مع المحافظين لتوفير وحدات بديلة للأهالى، ومع استمرار الدولة فى بناء الوحدات السكنية سيسهم فى حل المشكلة، وكذلك عند هدم هذه المنازل فإننا نقضى على العشوائيات وننقلهم لمدن راقية تليق بالمواطن».

 

تنفيذ قرارات الإزالة

وتساءل النائب محمد العقاد، عضو لجنة الإسكان بالبرلمان: «هل عند تنفيذ قرارات الإزالة للعقارات الآيلة للسقوط  سيتم تعويض السكان بوحدات بديلة؟ فإذا كان هناك 100 ألف مبنى آيل للسقوط بمتوسط خمس وحدات فإننا نحتاج إلي نصف مليون وحدة سكنية لتعويض الأهالي.. هل يتوافر لدينا هذه الوحدات البديلة؟ وإذا توافرت هل مخصصة لنقل السكان بها؟ كلها أسئلة من المفترض أن تجيب عليها الأجهزة التنفيذية متمثلة فيٍ وزارات الإسكان والتنمية المحلية والمحافظين».

وقال العقاد، إن أسباب العقارات الآيلة للسقوط عديدة أبرزها عدم وجود صيانة لهذه المباني، وبعضها بنظام الإيجار القديم؛ ومن خلال دورنا في التشريع بالمجلس نستطيع تعديل قانون الإيجار القديم كي يضمن حقوق الطرفين.

وأوضح أن حل هذه المشكلة فى تفعيل دور اتحاد الشاغلين لأنه حاليا دوره غير مفعل وهو المسئول عن صيانة المبنى، وهو ما انتبهنا له في تعديل القانون 119 الخاص بالمباني«قانون البناء الموحد» وسيصدر خلال دور الانعقاد الحالي، ويسهم القانون الجديد فى تحجيم ظاهرة المباني الآيلة للسقوط من خلال تفعيل هذا الدور لاتحاد الشاغلين، ويكون مسئول مسئولية كاملة عن المبنى.

وذكر أن المباني الآيلة للسقوط لا مفر من تنفيذ القرار بالإزالة لها فى ضوء قرار اللجنة الهندسية؛ حفاظا على حياة السكان، ويجب تعويض السكان بوحدات سكنية بديلة فى حالة عدم امتلاكهم لمساكن خاصة بهم بعد تنفيذ قرار الإزالة، وهذا دور اجتماعى للدولة طبقا لنصوص الدستور.

 

«التنمية المحلية».. ترفض التعليق

تواصلت «بوابة أخبار اليوم» مع محمد هنداوى، المتحدث الإعلامى باسم وزارة التنمية المحلية، وبسؤاله عن الأسباب والمعوقات التى تقف حائلا أمام تنفيذ قرارات الإزالة للمبانى الآيلة للسقوط؛ باعتبار أن المجالس المحلية هى الجهة المنوطة بتنفيذ قرارات الإزالة، رفض التعليق وذِكر أى إجابات وظل يماطل أيام فى الرد ثم امتنع نهائيا عن ذكر أى معلومات.

 

«الإسكان».. نصدر تقارير للمحافظين والمحليات

وقالت المهندسة نفيسة هاشم، مستشارة وزير الإسكان لشؤون قطاع الإسكان والمرافق، إن قانون البناء الموحد، وضع آلية لفحص المبانى الآيلة للسقوط طبقا للمادة 90، حيث يتم تشكيل لجنة بكل وحدة إدارية، لفحص هذه المبانى واتخاذ الإجراءات اللازمة لها، ويتم تفعيل هذه المادة بكتب دورية.

وذكر الدكتور أحمد فرحات، رئيس جهاز التفتيش الفنى على أعمال البناء التابع لوزارة الإسكان، أن الجهاز له دور محدد ويتمثل فى الرقابة على أعمال البناء والتفتيش الفنى والمتابعة، مضيفا أن الجهاز لدية سلطة الضبطية القضائية، وفقاً لقرار إنشائه، لكى يتمكن المفتشون من دخول أى عقار لمعاينته دون أن يمنعهم أى شخص أو جهة وكذلك دخول الجهات الإدارية بالدولة المسؤولة عن إصدار تراخيص وهدم المبانى وإزالة المخالفات دون أن يعيق أى شخص دخولهم وتفتيشهم على هذه الجهات وفحص ومصادرة ما فيها من مستندات وأوراق تخص المبانى وتراخيص إصدارها.

ولفت إلى أن الجهاز يمارس دوره عبر آليتين، هما تلقى الشكاوى من المواطنين، سواء جيران العقارات، والثانية هى التفتيش العشوائى على المبانى فى الشوارع شهرياً، وبعدما يصدر التقرير نرسل منه نسخة إلى المحافظين فى المحافظات التى تم الفحص فيها، ونسخة أخرى إلى وزير التنمية المحلية، ويُحاط وزير الإسكان علماً بما تم فعله.

وشدد على أن معظم المبانى التى تنهار فى المحافظات، صدرت لها قرارات إزالة من الجهات المختصة التابعة للمحليات، لكن الجهاز لا يملك سلطة إصدار قرارات بالهدم أو الإزالة، ويقتصر دوره على كتابة تقارير فنية عن مدى صلاحية المبانى القديمة والمخالفات فى المبانى الجديدة ومدى سلامتها من الناحية الإنشائية.

وطالب بأن أى مواطن يرى منزلا قديما آيلا للسقوط عليه أن يتوجه فوراً إلى الحى التابع له والإبلاغ عن ذلك، ولا يشترط أن يكون المبلغ هو صاحب العقار أو أحد سكانه، بل من حق أى مواطن أن يبلغ لمنع الكوارث، وبناء على بلاغه يتم تشكيل لجنة «المنشآت الآيلة للسقوط» مكونة من اثنين من أساتذة كلية الهندسة ومهندس من الحى، للتوجه إلى المكان ومعاينته، وللمواطن أن يتظلم من قرار اللجنة خلال مدة معينة من صدور قرارها، ويتم تشكيل لجنة أخرى.

واعتبر «فرحات» أن المشكلة فى كثير من الأحيان هى رفض السكان إخلاء العقارات التى يصدر بحقها قرارات بالهدم والإزالة، وهو ما يؤدى إلى سقوط العقار بشكل مفاجئ، خصوصاً العقارات القديمة، التى مر على إنشائها عشرات السنوات.