«الجدار العازل» .. سياج إسرائيل «العنصري» الشاهد على انتهاكاتها وصمود الفلسطينيين

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

حينما بنى اليهود دولتهم جعلوا حدودها عند نهاية آخر جندي إسرائيلي، وقد حازوا على اعترافٍ أمميٍ بدولتهم على أساس ذلك، فبنوا جدارًا عازلًا يصون حدودهم التي سلبوها عنوةً من الشعب الفلسطيني، فأصبحوا كالسارق الذي عليه أن يحصن غنيمته التي تحصل عليها بوسيلة غير مشروعة، خشية ضياعها واستردادها من قبل أصحابها الذين يعلمون سارقها.

ورغم تنافي الحدود المعترف بها بإسرائيل كدولةٍ مع ميثاق الأمم المتحدة، التي تشترط تمتع الدولة الحائزة على عضويتها بحدودٍ ثابتةٍ جغرافيًا، إلا أن الدعم الأمريكي والغربي لتل أبيب ساهم في حصول إسرائيل على هذا الاعتراف الأممي، الذي لم تحظى فلسطين صاحبة الأرض عليه بعد.

الجدران الإسرائيلية

ودون الخوض في تفاصيل ليست هي محور حديثنا الآن، فإن جدران الفصل العنصري، أو الحاجز الأمني، كما يسمونه الإسرائيليون، هو جدارٌ طويلٌ يتشكل من سياجات وطرق دوريات، في المناطق المأهولة بكثافة مثل منطقة المثلث أو منطقة القدس، وقد تم نصب أسوار بدلًا من السياجات.

وتشرع السلطات الإسرائيلية في إنشاء جدارٍ آخر بطول غزة يفرض عزلةً على القطاع، الذي يخضع لسيطرةٍ من حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، التي تصنفها تل أبيب على إنها منظمة إرهابية.

وفي الجمعة الثانية من مسيرات العودة الكبرى، حصدت قوات الاحتلال الإسرائيلي أرواح تسعة أشخاصٍ على الأقل في قطاع غزة، حسب إعلان وزارة الصحة الفلسطينية، بعدما خرج عشرات الآلاف من الفلسطينيين، قدرت وسائل إعلامٍ إسرائيليةٍ عددهم بخمسين ألفًا، مواصلين سلسلة من الاحتجاجات والنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، وسياسة الاستيطان التي يتبناها، وجدران الفصل التي يبنيها لحماية تلك المستوطنات.

سبب إنشاء الجدار العازل

انتفاضة الأقصى عام 2001 كانت وراء إنشاء هذا الجدار العازل، فقد شرعت حكومة آريل شارون آنذاك، في عام 2002، في بنائه، ليتم الانتهاء منه عام 2006 بطولٍ بلغ ما يربو على الأربعمائة كيلو مترٍ، بيد أن عملية زيادة طوله لا تزال قائمةً ضمن حملةٍ للحكومة الإسرائيلية تهدف إلى جعله يشدد الخناق على الفلسطينيين بأراضيهم على مسافة نحو 703 كيلو مترات.

ذاك الجدار فصلت محكمة العدل الدولية في يوليو عام 2004 في مشروعيته، فقضت بعدم أحقية إسرائيل في إنشائه، مطالبةً دولة الاحتلال بإزالة الجدار من كل الأراضي الفلسطينية بما في ذلك القدس الشرقية وضواحيها مع تعويض المتضررين من بناء الجدار.

قرارٌ لم يتخطى كونه مجرد حبرٍ سُكب على أحد الأوراق، دون أن يجد موطأ قدمٍ للتنفيذ على أرض الواقع، في ظل دأب إسرائيل على العصف بقراراتٍ أمميةٍ منذ شنها حرب الخامس من يونيو عام 1967، دون أن يكون هناك رادعٌ حقيقيٌ في ظل دعم الولايات المتحدة الأزلي لإسرائيل.

مخاوف إسرائيلية

وعلى مشارف غزة، تتجلى المخاوف الإسرائيلية في الوقت الراهن من تمكن الفلسطينيين من اجتياز الجدار العازل الذي يفصل قطاع غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة.

أمرٌ جاء على لسان متحدثٍ باسم الجيش الإسرائيلي، متحدثًا عن هواجس أمنيةٍ قد تنتج نتيجة اختراق أو إلحاق الضرر بالسياج الأمني، المشيد هناك بالقرب من خمسة مخيمات، باتت منطلقًا لمسيرات العودة الكبرى، التي يقوم بها الفلسطينيون.

تلك الهواجس أبى الفلسطينيون أن يبددوها أو يزيلوها من عقول الإسرائيليين، فقام عددٌ من الفلسطينيين بقص جزءٍ من الأسلاك الشائكة للجدار العازل، الذى يفصل قطاع غزة عن الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحديدًا الضفة الغربية.

وتمضي إسرائيل في سياساتها المنتهكة لحقوق الفلسطينيين، ضاربةً بالمواثيق الدولية عرض الحائط، دون أن يسهم هذا في تثبيط عزيمة الفلسطينيين المصرين على انتزاع حقوقهم المسلوبة.