تعرف على أسباب تذبذب أسعار «البيتكوين»

البيتكوين
البيتكوين

 استحوذت العملات المشفرة، وعلى رأسها البيتكوين، على عناوين الأخبار خلال الأشهر الثلاثة الماضية ‏خصوصاً بعد موجة الارتفاعات الكاسحة التي شهدتها، والتي أعقبتها سلسلة أكثر حدة من الانخفاضات ‏والخسائر القوية، ارتفع سعر البيتكوين من 5,000$ في بداية نوفمبر إلى نحو 20,000$ ‏مع نهاية ديسمبر، وخلال شهر يناير خسر البيتكوين أكثر من 60% من قيمته ليلامس المستوى 7,000$.‏

وهناك إجابات وتفسيرات عديدة: فالتفسير الأول لتقلبات البيتكوين ينصرف بالأساس إلى صغر حجم هذه الفئة الشابة من الأصول، قد يبدو هذا ‏الافتراض غريباً بعض الشيء خصوصاً وأن القيمة السوقية للبيتكوين تصل إلى 200 مليار دولار، فيما تبلغ ‏القيمة السوقية للعملات المشفرة مجتمعة أكثر من 600 مليار دولار.‏

وبرغم هذه الأرقام المذهلة  إلا أن أسواق البيتكوين والعملات المشفرة تبقى قطرة في محيط إذا ما قورنت ‏بالأسواق المالية الرئيسية مثل الأسهم والسندات والسلع الأساسية، على سبيل المثال تبلغ القيمة السوقية لشركة ‏آبل 900 مليار دولار، بعبارة أخرى  فإن قيمة كافة عملات البيتكوين مجتمعة هي أقل ربع قيمة آبل، فيما لا تزيد ‏قيمة جميع العملات المشفرة الأخرى عن ثلثي ر أسمال مُصنع هواتف الآيفون. ‏

لاحظ أننا نتكلم هنا عن شركة واحدة  فيما ستبدو المفارقة أكثر وضوحاً إذا قورنت العملات الإلكترونية مع ‏الأصول التقليدية، على سبيل المثال تبلغ القيمة السوقية لأسواق الأسهم 75 تريليون دولار، فيما تصل  قيمة ‏أسواق العملات  إلى 90 تريليون دولار، وأسواق العقارات ما يزيد عن 200 تريليون دولار.‏

هناك عدد لا يحصى من الأمثلة الأخرى ولكن دعنا نكتفي بهذا القدر لإظهار مدى ضآلة حجم تعاملات ‏البيتكوين مقارنة بالأسواق التقليدية، هذا الصغر النسبي في حجم السوق يؤدي بدوره إلى تقلبات حادة في سعر ‏العملة المشفرة حيث تؤدي التحركات الطفيفة، سواء صعوداً أو هبوطاً إلى قفزات سعرية.

 أيضاً من أبرز ‏خصائص الأسواق صغيرة الحجم وشحيحة السيولة هو سهولة التلاعب بالأسعار من قبل مجموعات من ‏المضاربين والتي تلجأ إلى خلق طلب كاذب بهدف تضخيم السعر وإغواء مزيد من المستثمرين للدخول إلى ‏السوق وشراء العملة عند هذه الأسعار المرتفعة.‏

أحد التفسيرات الأخرى ترتكز إلى مفهوم الفقاعة السعرية، حذر كثير من المحللين وخبراء الاقتصاد من أن ‏الارتفاع السريع لسعر البيتكوين هو نموذج كلاسيكي لتكون الفقاعة السعرية. ووجدت هذه النظرية صدى كبير ‏بعد الانخفاضات الأخيرة.‏

و يفسر بعض المحللين التقلبات الحالية في سعر البيتكوين، والتي تصل إلى 10% يومياً، ‏إلى أن انفجار الفقاعة السعرية يستغرق عادةً بعض الوقت، على سبيل المثال خلال أزمة الكساد الكبير التي ‏عاشتها الولايات المتحدة بدأ انخفاض سوق الأسهم في عام 1929 واستمر حتى فبراير 1930، تكرر نفس ‏السيناريو مع الأزمة المالية في 2008، حين بدأت في شهر يونيو واستمرت إلى فبراير 2009، هذا ‏الافتراض بطبيعة الحال يحمل في طياته توقعات بأن سعر البيتكوين لم يصل بعد إلى القاع  وأن الارتفاعات ‏الحالية ليست سوى موجات متتالية من التصحيحات المؤقتة والتي يعقبها انخفاضات أكثر حدة.‏

الافتراض الثالث لتفسير تذبذبات البيتكوين يركز على غياب عامل القيمة الجوهرية، بعبارة أخرى لا يمكن ‏لأحد أن يتخيل أن تصل أسواق الأسهم أو  السلع في فترات انهيارها إلى الصفر لأنها حتى في أسوأ الأحوال ‏تحتفظ بقيمة ذاتية مهما صغرت، على سبيل المثال عندما تهاوى سعر سهم مايكروسوفت من 39$ في ‏‏1999 إلى 14$ في نهاية عام 2000 ، لم يكن من المتصور أن تصل تتلاشى قيمة السهم لأن ‏مايكروسوفت في نهاية المطاف شركة قائمة لها أصول ومنتجات وتدفق معين للمبيعات يضمن لمستثمريها حد ‏أدنى من الإيرادات والأرباح.‏

يختلف الأمر إلى حد كبير في حالة البيتكوين والعملات الرقمية حيث لا تدعمها أصول مادية يمكن أن توقف ‏موجة الهبوط عند حد معين ، وهذا هو السبب الذي يدفع بعض المتشائمين إلى الحديث عن السيناريوهات التي ‏قد يصل معها سعر العملات المشفرة إلى الصفر.‏

الحجة الرابعة التي يسوقها البعض لتفسير تقلبات البيتكوين هي غياب المستثمرين الكبار، والذين يطلق عليهم ‏ المستثمرين المؤسساتيين، تساعد هذه الفئة على استقرار الأسواق المالية التي يعملون بها ‏وهو ما يعزى إلى إتباعهم لاستراتيجيات عقلانية وطويلة المدى قد تنطوي في بعض الأحيان على الاحتفاظ ‏بالأصل لسنوات عديدة، تضمن هذه الاستراتيجيات الهادئة استقرار الأسعار إلى حد كبير وتجعل من تذبذب ‏الأسواق استثناءً وليس قاعدة.‏

يختلف الأمر بصورة واضحة عند الحديث عن سوق البيتكوين والتي تعتمد بشكل رئيسي على المتداولين ‏الأفراد، وعلى الأخص المضاربين، يؤدي هذا إلى تحفيز التقلبات السعرية، حيث تسيطر مشاعر الجشع ‏والخوف بالتناوب على سلوكيات المستثمرين الصغار، وهو ما يساعد على ظهور نوبات الهلع عند حدوث أي ‏انخفاض في الأسعار.‏

برغم ذلك يأمل كثيرون أن يختلف الوضع خلال الشهور القادمة خصوصاً بعد إطلاق بورصتي شيكاغو ‏للخيارات والعقود الآجلة التداول على مشتقات البيتكوين مطلع العام الحالي.

وبرغم أن منتجات التداول الجديدة ‏لم تحظى بشعبية طاغية حتى الآن إلا أنها ستساعد حتماً على دخول المتداولين المؤسساتيين في مرحلة لاحقة، ‏حيث بدأت بعض صناديق التحوط الكبرى بالفعل في الحديث عن الانكشاف على العملات الرقمية من خلال ‏عقود بورصة شيكاغو.

كما تطورت هذه الخطوة لاحقاً مع بدء إطلاق صناديق استثمار متداولة في بورصات نيويورك ‏وناسداك تعتمد على شراء أسهم الشركات العاملة في مجال تكنولوجيا البلوكشين ، حتى وإن كانت لا تستثمر في ‏البيتكوين بشكل مباشر.‏