أحمد الفخراني: نعيش أغلب حياتنا بعالم لا وجود له

أحمد الفخراني
أحمد الفخراني

حاول الروائي أحمد الفخراني، أن يصنع تاريخا سريا للعالم الافتراضي في روايته الأولى «ماندورلا»، وطرح في روايته «سيرة سيد باشا» الصادرة عن بيت الياسمين سؤالا هو كيف يكتب الإنسان سيرته الذاتية في العالم الافتراضي؟ 

 

في روايته الأحدث «عائلة جادو» ـ الصادرة عن دار العين للنشر ـ التي قام فيها بخلط الفانتازيا بالواقع حتى أصبحا جسدا واحدا من خلال أحد تجار العبيد والمصارعين، يجد نفسه متورطا داخل لعبة قام بتصميمها والده وشقيقه، حيث يتحول الواقع إلى حياة افتراضية شبيهة برحلة دانتي ومهمته هي قتل كارل ماركس، والتقت «بوابة أخبار اليوم» بـ«الفخراني» ليحدثنا أكثر عن أبطال روايته الجديدة:

 

هذه رواية تتساءل: كيف يكتب الإنسان سيرته الذاتية في العالم الافتراضي؟

- كل ما يفعله الإنسان المعاصر في حياته اليومية، هو كتابة سيرته الذاتية، وروايته، وحركة تنقلاته، وتفصيلاته، ويومياته، عبر العالم الافتراضي، أليس هذا ما نفعله كل يوم عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، حتى ما لا نكتبه، يستطيع الإنترنت فهمه وتعقبه، أرشيف أكثر دقة، مما لو حاولنا متعمدين كتابة سيرة ذاتية. 

تتماس الرواية نوعا مع عكس كابوس جورج أورويل، في روايته 1984، فإذا كان عدو أورويل هو المجتمع الشمولي ضد المجتمع المفتوح، فانتصار المجتمع المفتوح الرأسمالي، أنتج نفس الكابوس، يراقبنا كما يراقب الأخ الأكبر، يزرع نفس الأنماط ويتجاوز الأمر لتحويلنا إلى سلع، ومستهلكين فقط.

 

تدور أحداث الرواية داخل لعبة «شمس المعارف» على شبكة الإنترنت.. هل أصبحت الحياة مجرد لعبة «إلكترونية»؟

- اختيار الحياة داخل لعبة، مجرد مجاز، لربط عالمين نتفاعل معهما بالقدر نفسه الواقعي والافتراضي، نعيش أغلب حياتنا على «الإنترنت». عالم لا وجود له. الانتصار في الألعاب «الإلكترونية»، يغني بشكل زائف عن الانتصار في الحياة. هل قابلت هذا الشخص الذي يصرخ: لقد حصلت لتوي على 3 ملايين، أو يأسف لخسارتها، وهو يقصد أموال داخل لعبة. لكن لم أقصد أن الحياة أصبحت كذلك. لكني رأيت فيه المجاز المناسب لوصف العالم الافتراضي.

 

ولم اخترت «والت ديزني» ومجدي وهبة ليكونا ممثلين للعالم الافتراضي؟

- لكونهما متناقضين من جهة، ويتبادلان الأدوار داخل الرواية ويصلان إلى النتيجة نفسها.. «ديزنى» نصف الموهوب الذي أجاد استغلال الموهوبين، فصار يخترع لنا الأنماط والمسارات التي علينا المضي فيها قدما، ونحاكم بالنفي والعزلة إذا فكرنا في كسرها، بينما مجدي وهبة ممثل موهوب كامل الموهبة ولكن غير ناجح بما يكفى ليصير من نجوم الصف الأول، يمثل النقيض، لكن ماذا لو حصل وهبة على فرصة «ديزنى»، سيفرض نمطا بدوره، هذا ما تحاول الرواية طرحه كسؤال، كما أن اختيارهما في الأساس لطرح سؤال عن معنى النجاح، حتى مفهوم كهذا يقدم كنمط، قد يكون ما نراه فشلا هو النجاح عينه.

 

في روايتك «عائلة جادو» تحولت الحياة الواقعية إلى عالم فانتازي.. هل ترى أن المساحة بين الواقعي والفانتازي متقاربة إلى هذه الدرجة؟

- لا أعتقد أن الفانتازيا تعبير دقيق عما أكتب، ربما المزج بين الحلم والواقع، فالحلم قادر على كشف تقارب الأسطوري من اليومي إلى درجة كبيرة، وهو الأمر الذي يعتمد عليه مشروعي الروائي منذ روايتي الأولى «ماندورلا».

 

ذكرت قصر البارون وقضية عبدة الشيطان واغتيال نجيب محفوظ وستيف جوبز وكارل ماركس وضعت تلك الأحداث الحقيقية في قالب فانتازي.. فلماذا اخترت تلك الأحداث والشخصيات الحقيقية؟

- لأني كما ذكرت، أعيد تمثيل الواقع مجددا من خلال مرآة الحلم، فأعيد صياغة الحكايات المعروفة بشكل جديد داخل سبيكة الرواية، بخصوص قصر البارون، لأنه أحد الجوانب المضيئة للرأسمالية، فصاحب قصر البارون الإقطاعي نفخ الروح في مصر الجديدة، كذلك تفعل الرأسمالية، قبل أن تعيد دورة استعباد الفرد، استوقفني في نجيب محفوظ، توصيف الماركسيين له في زمنه بكاتب البرجوازية حطا من شأنه، وهو أحد تناقضات الماركسية الملتزمة أيضا في رؤيتها للأدب. 

ستيف جوبز، رمز لكل إقطاعيي العصر الحديث، فهو يبدأ متمردا يرغب في تحرير الآخرين حتى أنه يؤمن بأفكار يسارية، لكن مع الوقت ينتهي كإقطاعي، يميني مستبد يرغب في احتكار كل شيء. 
كارل ماركس طبعا لأنه الفيلسوف الذي حمل فكرة العدالة، وهو أحد الأسئلة المحورية في الرواية لماذا تنتهي الأفكار النبيلة إلى جحيم على من حاولت مساعدتهم في الأساس.