بعد حدوث كارثة سقوط المصعد الكهربى فى مستشفى بنها الجامعي، من الطابق السابع إلى مصرف المستشفى، ما أودى بحياة 7 أشخاص وإصابة 4 آخرين باصابات خطيرة، قامت «بوابة أخبار اليوم» بجولة فى بعض المصالح الحكومية، التى يتردد عليها المواطنون بكثافة، لرصد حالة المصاعد الكهربية بها، وهى مجمع التحرير بمنطقة وسط البلد بالقاهرة، ومحطة مترو أنفاق الجيزة، ومحطة سكة حديد الجيزة.
عند إستخدامك للمصعد فى هذه المصالح الحكومية تجد نفسك وكأنك داخل تابوتا متحركا، إما يصعد بك الى الرفيق الأعلى، أو يهبط بك الى مثواك الأخير، وبمجرد قدوم المصعد الى الدور الأرضى تجد المواطنين قد اصطفوا خلف بعضهم البعض فى طابور طويل، يشبه ما نشاهده أمام المخابز والمجمعات الإستهلاكية، وأعدادهم تزيد عن 8 أفراد، وهو الحد الأقصى لركوب المصعد.
جولة بالأسانسيرات الحكومية
فى المصعد الخاص بمحطة مترو أنفاق الجيزة، والمخصص لكبار السن وذوى الإحتياجات الخاصة، تجد مواطنون بحالة صحية جيدة يسارعون الى ركوب المصعد تجنباً لصعود السلم، ويتسابقون مع بعضهم على الركوب، وقد غاب الموظف الفنى المخصص لتشغيل المصعد، حيث لا أحد ينظم الحد الأقصى لعدد الركاب، فتجد الناس قد حُشروا مع بعضهم مرددين عبارة "نشيل بعض يا جماعة، كلنا ورانا شغل وارتباطات".
وأوضح رأفت أيوب، 66 عام "الأسانسير فى محطات المترو علشان كبار السن والمعاقين، لكن بنلاقى سيدات سنها صغير وصحتها جيدة وعاوزة تركب الأسانسير، واحنا شعب معندناش ثقافة احترام التعليمات والنظام، والمحافظة على المرفق الحكومى، وتلاقى الناس بتزاحم بعض ولما تحصل مصيبة نقول أصله فيه إهمال من الحكومة!".
أما المصعد الخاص بمحطة سكة حديد الجيزة فتجد مواطنون قادمون من سفر طويل من محافظات الوجه القبلى والصعيد، ومعهم أمتعتهم والحقائب الخاصة بهم، ذات وزن ثقيل قد تزاحموا أيضا على المصعد تجنباً لركوب السلم ولا يوجد عامل ينظم عملية الركوب وعدد الركاب والأحمال اللازمة.
وغالبا ما تحدث أعطال فى مصعد محطة السكة الحديد حيث تجد المصعد ينقل دفعة من الركاب ثم يغيب فترة طويلة دون أن يأتى، حيث يتزاحم المواطنون منتظرين مجيئه، ويقومون بتكرار الضغط على الزر الخاص باستدعائه دون جدوى، فيضطر المواطنون لطلوع السلم بحقائبهم.
وذكر بدر محمد، 32 عام "أنا جاى من سفر ولازم أستخدم الأسانسير لأنى معايا شنط كتير ومقدرش أطلع السلم، وحتى لو فيه خطورة هنعمل إيه ؟ المفروض الحكومة تزود عدد الأسانسيرات علشان تكفى عدد الركاب".
أما فى مجمع التحرير والذى يتردد عليه الآلاف يومياً لاستخراج أوراقهم الرسمية فيوجد به أكثر من مصعد، ويوجد عمال بداخل كل مصعد، لكن الأعداد كبيرة والإقبال كثيف، حيث يتزاحم المواطنون فى طوابير على ركوب المصعد، ما يضطر معه الموظف المختص لركوب أعداد أكبر من الحد المسموح به، لقضاء مصالح الناس والتسهيل عليهم وتخفيف الزحام، وذلك بحسب ما ذكره أحد العمال المُشغلين للمصعد.
وقال ممدوح حمزة، 37 عام "أنا بركب الأسانسير فى مجمع التحرير وأنا مطمئن لأن القاهرة الوضع مختلف فيها عن بنها هنا صيانة دورية واهتمام بخلاف المحافظات فيها إهمال، والموت ده قضاء ربنا، وطول عمرنا بنركب الأسانسير ومش بيحصل حاجة".
كوارث مشابهة لحادث بنها
وفي 18 أكتوبر من العام الماضي، كان زائرى مستشفى الباجور العام بمحافظة المنوفية، على موعد مع السيناريو نفسه، إذ سقط مصعد مخصص للزائرين من الدور الرابع، وسط حالة من الرعب والفزع، إلا أن القدر شاء لركاب الأسانسير النجاة دون وقوع أي وفيات.
وفى الثامن من شهر أبريل من عام 2010 أصيب 13 شخصاً، بينهم طبيبة وموظفة وعامل، وعدد من المرضي وذويهم، إثر سقوط المصعد رقم 3 بمبني الباطنة بمستشفي بنها الجامعي من الدور الثاني إلي بئر المصعد، وتبين من التحريات وقتها أن عامل المصعد والركاب فوجئوا أثناء وجودهم بالمصعد بانفصال أسلاك السير الخاصة ب،ه حتى سقط إلى أسفل المبنى، مما أسفر عن إصابة 13 شخصًا كانوا بداخله.
وفى يونيو 2017 بمستشفى الهلال للتأمين الصحى ببني سويف تمكنت وحدة الإسعاف والطوارئ من إنقاذ 10 مرضى من الاختناق، أثناء تواجدهم في الأسانسير الخاص بالمستشفى، حيث تلقت وحدة الطوارئ بالمستشفى الكثير من إشارات الإنذار والاستغاثات من عامل الأسانسيرعقب عطل فني به، ما بين الدورين الرابع والخامس، ما نتج عنه انتشار حالات الهلع والخوف من الاختناق بين المتواجدين بـالأسانسير، وخاصة في ظل وجود طفلين من الرضع وطفل دون الخامسة من عمره.
وفى يونيو 2015 بمستشفى المحمودية بمحافظة البحيرة سقط المصعد الكهربائي وبداخله 4 أشخاص، دون وقوع أي إصابات بشرية، حيث تم هدم مدخل الأسانسير وخلع الباب واستخراج من بداخله.
القانون وتنظيم الأسانسيرات
ويوجد مواصفات واشتراطات منصوص عليها بقرار وزير الإسكان والمرافق رقم 167 لسنة 1997 بشأن الكود المصرى لتحديث أسس تصميم وشروط تنفيذ المصاعد الكهربائية والهيدروليكية فى المبانى، ومن أهم هذه الاشتراطات هى أن الحى وبالتحديد الإدارة الهندسية تكون مختصة بإعطاء الترخيص الخاص بتركيب المصعد إلى الجهة التى تريد تركيبه، على أن يسرى ترخيص التشغيل لمدة 3 سنوات قابلة للتجديد لمدة مماثلة، وتقوم الإدارة الهندسية بالتفتيش الدورى للتحقيق من استمرار صلاحية المصعد للتشغيل.
ومن الاشتراطات الأخرى لتركيب المصاعد وتشغليها أنه يجب على الجهة أو صاحب المنشأة أو المسئول عنها التعاقد مع إحدى الشركات المرخص لها القيام بأعمال الصيانة الدورية.
كما يجب أيضاً تحديد عامل واحد على الأقل ليقوم بمراقبة تشغيل المصعد أو المصاعد، على أن يتم تدريبه على التعامل مع المواقف المختلفة.
وأيضًا من الأمور الهامة الأخرى والواجب وضعها فى الاعتبار هى وضع لوحة معدنية مثبتة داخل كل مصعد بالدور الأرضى، موضح بها اسم المنشاة القائمة بصيانة المصعد وعنوانها ورقم الترخيص لها بالعمل.
كما تختص مديرية الإسكان أيضاً بالإشراف على المصاعد، فحسب القانون رقم 119 لسنة 2008 يوجد لكل مصعد رخصة تشغيل، ولا يتم توصيل الكهرباء والمرافق إلا بعد الحصول على عليها ، ولا تصدر الرخصة إلا بتقرير مهندس استشارى.
احتياطات تأمين الأسانسيرات
قال شريف أحمد - فنى تركيب وصيانة المصاعد، بإحد شركات تركيب وصيانة وإصلاح المصاعد الكهربية - إنه يجب أن يكون المصعد ذا جودة عالية ويفضل أن يكون مستوردا ماعدا الكابينة من الممكن أن تكون محلية الصنع، مضيفاً "يجب ألا يكون المصعد أجزاء منفصلة تم تجميعها، بل مصعد متكامل من مصنع واحد قام بانتاجه، والمصنع معروف فى السوق وليس مصانع مغمورة".
وأوضح أن المصعد يجب أن يتوفر حماية له من خلال دوائر إلكترونية، وإضافة احتياطات أمان في البرنامج، لزيادة الحماية على المحرك، والاستجابـة لـزيـادة حـرارة المحـرك من خـلال الإحسـاس بترموستـات المحـرك، والتصحيـح التلقائـي إذا حـدث أي خلل،و حماية عالية ما بين دوائر الأمان واللوحة الإلكترونية".
وذكر أن لوحة التشغيل الداخلية يجب أن تكون الأزرار مرقمة بعدد الوقفات، وتضئ حين استخدامها، ويتم تزويدها بزر للوقـوف الاضطراري ".
وشدد على ضرورة توافر جهاز البراشوت، الذى يعمل على توقف الكابينة بصورة تدريجية، في حالة زيادة السرعة 25% زيادة عن السرعة المقررة، كما لابد أن تتواجد أقفال كهروميكانيكية، تمنع فتح الأبواب إلا إذا كانت الكابينة موجودة في الدور المطلوب، وكذلك توجد مصدات بالبئر لامتصاص الصدمات".
ولفت الى أن التمديدات الكهربائية يجب أن تكون جميعاً ضمن مواسير عازلة، وتكون نهاية أطراف الأسلاك الكهربائية معزولة عزلاً جيداً حسب المواصفات الفنية.
وأكد على ضرورة إجراء الصيانة الدورية للمصاعد على الأقل كل شهر، وفحص حبال الجر وفرامل الأمان الذاتية التى تمنع اصطدام الأسانسير بالأرض.
