أكثر من 50 ألف مصنع والرقابة غائبة

«بئر السلم» ظاهرة تهدد الاقتصاد وتنذر بكارثة

المصانع غير المرخصة - صورة تعبيرية
المصانع غير المرخصة - صورة تعبيرية


كم هائل من المصانع غير المرخصة ضبطتها مباحث التموين خلال العام الماضي تخطت الـ580 مصنعا في المجال الغذائي نحو 396 مصنعا آخر في مجالات وأنشطة أخرى.. بما ينذر بكارثة على كافة المستويات باعتبارها مصانع «بير سلم» لا تخضع لرقابة صحية أو ضرائب وغيرها من الالتزامات التي تتكبدها المصانع والشركات في المنظومة الرسمية ففضلا عن ضررها البالغ في إهدار مئات الملايين على الدولة.


أصبح الغش التجاري بجميع أنواعه ظاهرة عالمية واسعة الانتشار تستحق الاهتمام وبات لزاماً أن تكثف الجهود المشتركة سواء من الجهات الحكومية أو مؤسسات المجتمع المدني للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة من اجل حماية المجتمعات والمحافظة على الاقتصاد الوطني للدول خاصة في ظل مواصلة تجار السلع الفاسدة غزوهم للأسواق وفرض بضاعتهم على المستهلك.. هذه الحقيقة كشفتها مئات القضايا ومن المؤكد أن الحالة الاقتصادية تعد سببًا وراء هذه الظاهرة حيث يلجأ المواطن محدود الدخل إلى شراء السلع مجهولة المصدر نظرًا لانخفاض أسعارها متجاهلًا ما قد تؤدى إليه من أضرار على صحته وأنها قد تهدد بالموت.. هذا بالإضافة إلى تعرض المنشآت القانونية والمصانع المرخصة لخطر الإفلاس والإغلاق لعدم قدرتها على منافسة سلع بير السلم الأرخص سعرًا.

«بوابة أخبار اليوم» فتحت الملف وسألت مسئولين وخبراء..


سيد بسيوني رئيس لجنة الصناعات الغذائية بجمعية مستثمري العاشر من رمضان قال أن التجارة العشوائية لابد من إعادة تأهيلها ومصانع «بير السلم» لابد أن تملك سجلات وحسابات وبطاقات ضريبية وأن تعمل في السوق الرسمية المنظمة ومن لا يستطيع عليه الخروج من السوق.


وأضاف أن التجارة والعمل المنظم يساهمان في بناء قاعدة معلوماتية لمختلف السلع لافتًا إلى أنه اقترح على وزير التموين ضرورة أن يكون لدى مفتشي التموين الذين يفحصون الفواتير الضريبية جهاز أو هاتف محمول به شبكة أو قاعدة بيانات ليتأكد من صحة الرقم الضريبي المكتوب على السلعة خوفًا من قيام بعض مصانع «بير السلم» بسرقة الرقم الضريبي لمصانع رسمية عاملة في السوق ورحب الوزير بالاقتراح ووعد بدراسة آليات تفعيله.


وطالب بتكثيف الرقابة الفعالة على هذه المصانع وأن يكون هناك تفتيش مستمر من قبل مباحث التموين لكشف أماكن وجود هذه الأوكار ولابد أن يكون للمستهلك دور إيجابي في القضاء على هذه الظاهرة عن طريق إبلاغ المسئولين عن وجود هذه المصانع وأماكنها. 


وأن يكون هناك تحرّك الأجهزة الحكومية للتصدي لتلك الظاهرة الخطيرة للمحافظة على الاقتصاد الوطني موضحا أن حجم نشاط السوق الموازية غير الرسمية في مصر تضخم كثيراً خلال السنوات القليلة الماضية ليصل إلى تريليون جنيه.


وأشار إلى أن تلك المصانع لم تقتصر أضرارها عند حدود الخسائر الاقتصادية بل أصبحت سبباً مباشراً لانتشار الأمراض الخطيرة مثل «فيروس سي» و»الفشل الكلوي». 


ومن جانبه أكد النائب مدحت الشريف عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب أن عمليات الغش التجاري تعيق عملية الاستثمار داخل الدولة لعدم وجود حقوق ملكية فكرية مشيرًا إلى أن ذلك يسيء لسمعة وموقف الدولة من أثناء إبرام الاتفاقيات التجارية الدولية وعمليات التبادل والتمويل التجاري بينها وبين الدول الأخرى.


وقال إن مجلس النواب سن تشريعات لمنع الغش التجاري إلا أنها غير مطبقة على أرض الواقع وتحتاج إلى تفعيل من خلال رقابة عن طريق الأجهزة الحكومية المعنية بذلك سواء جهاز حماية المستهلك أو وزارة الصناعة والتجارة.


كشف عاطف يعقوب رئيس جهاز حماية المستهلك عن وجود أكثر من 50 ألف مصنع في المحافظات المصرية من مصانع «بير السلم» تقدّم أكثر من 80% من المنتجات الغذائية غير الصالحة للاستخدام الآدمي الأمر الذي من شأنه التأثير على صحة المواطنين لافتقادها القيمة الغذائية السليمة، مؤكدا على أن تلك المصانع تزيد من أنشطتها مع المناسبات والأعياد حيث يرتفع الاستهلاك.


وأوضح يعقوب أن تلك المصانع تقوم بالترويج لمنتجاتها بشكل كثيف عبر وسائل الإعلام المختلفة وهو ما يفتح الباب للتساؤل حول صمْت بعض الأجهزة الرقابية المختصة، كما إن مهام الجهاز هي تلقى شكاوى المواطنين لحالات الغش التجاري بكافة أشكالها من خلال الرقم الساخن 19588.


ويؤكد د.شريف بهجت دكتور عيون أن النظارات الموجودة حالياً بالأسواق مصنعة من زجاج وبلاستيك رديء الصنع وغير خاضع لمواصفات طبية وهذه النظارات لا تحمى العيون من الأشعة فوق البنفسجية بل تتسبب في تقليل كفاءة الرؤية والإصابة بحساسية العين كما تتسبب في الإصابة بالتهاب شبكية العين والمياه البيضاء وينصح بضرورة شراء النظارات من محال موثوق فيها لتوافر معايير الأمان وحماية العين.

ومن جانبه يحذر د. سيد عبد الباري أستاذ علم البوليمرات «البلاستيكات» بقسم الكيماوي كلية العلوم جامعة المنصورة من المنتجات الاستهلاكية رخيصة الثمن لأنها تصنع من نفايات العالم من القمامة.

يؤكد رشاد عبده الخبير الاقتصادي أنه لا يمكن تجاهل دور النشاط الاقتصادي غير الرسمي خاصة وما تلاها من فوضى واهتزاز في اقتصاد الدولة لأنه من الأصل قام على أسس غير سليمة بعضها معتمد على الرشاوى لكنه يمتص عددا كبيرا من العمالة الموسمية فيقلل من نسبة البطالة وهذا هو الجانب الإيجابي له لكن يؤخذ عليه سلبيات أنه لا يؤدى دوره في دفع الضرائب ودعم خزينة الدولة ولا يوفر الرعاية الاجتماعية للعاملين به ولا يقوم بالتأمين عليهم، وهذا القطاع واسع ويضم فئات عديدة وموجود في كل دول العالم لكن بنسب متفاوتة لكن من المفترض ألا تزيد نسبته على 10%.

وأكد أن الحكومة بدأت ببعض الخطوات التي تصب في اتجاه الحل مثل تمويل المشروعات الصغيرة وتشجيع المنتج الصغير على دخول المنظومة الرسمية وتوفير أماكن لهم داخل المناطق الصناعية.

وتشير د. يمن الحماقي أستاذ الاقتصاد بجامعة عين شمس إلى أن مصلحة الضرائب قامت بعمل آلية للمعالجة الضريبية للمنشآت غير المرخصة تلتزم من خلالها بدفع مبلغ ثابت سنويا وعلى مدى عدة سنوات لحين تقنين أوضاعها والحصول على ترخيص لنشاطها وتحويلها لقطاع رسمي وتقول بحكم تجربتي مع أصحاب المشروعات الصغيرة أرى أن دمج هذا القطاع لا يأتي بقرارات فوقية ولكي ننجح لابد أن نتحرك من أرض الواقع وأن نذهب لهم في أماكنهم ونرصد مشاكلهم الحقيقية وأن يكون ذلك على مراحل «قطاعيا وجغرافيا», بمعنى أن نتحرك مع قطاع الجلود كله وننتهي منه وندخل على قطاع جديد وهكذا أما جغرافيا فيكون من خلال كل محافظة نذهب للتجمعات الصناعية بها وعندما ننتهي ننتقل لمحافظة أخرى.

وأكدت أهمية الاستعانة بنواب كل محافظة والجمعيات الأهلية واستخدام كل الآليات التي تجعلنا نصل لهؤلاء ونعرف مشاكلهم على أرض الواقع ونحلها وندمجهم في المجتمع وهذه الحلول تساعد الأفراد والمجتمع والدولة التي هي في حاجة لزيادة الإنتاجية والتصدير لتقليل حجم الديون الخارجية.