«بوابة أخبار اليوم» على «أرض الحياة».. من هنا تبدأ وحدة الكوريتين

الحدود بين الكوريتين
الحدود بين الكوريتين

ذكريات مريرة عاشها الشعب الكوري، مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، وما شهدته من تداعياتها وتكريس التقسيم إلى دولتين شمالية وجنوبية، وتشتيت العديد من الأسر بين بلدين انقطعت بينهما كافة أنواع الاتصالات حتى أبسطها، كالاتصالات التليفونية.

 

الوحدة، ولم شمل الأسر، وانتهاء التهديد الكوري الشمالي لجارتها الجنوبية، واختفاء خطر السلاح النووي، أحلام بدأت بتحويل المنطقة الحدودية الفاصلة بين الكوريتين من ذكريات صعبة ومؤلمة إلى مزار سياحي لتذكير العالم والشعوب بالقضية.

 

«دي. إم . زيه».. ذكريات مؤلمة
 

«بوابة أخبار اليوم» زارت منطقة «DMZ»، أو المنطقة منزوعة السلاح على الحدود بين الكوريتين، و«JSA» أو المنطقة الأمنية المشتركة بينهما، والتي تضم قوات تابعة للأمم المتحدة، وغرفة  أُنشئت لإجراء المفاوضات بين الكوريتين.

 

منطقة «DMZ»، أو كما يطلقون عليها الـ"دي إم  زيه"، يحظر فيها وجود السلاح، وذلك باتفاق مشترك بين حكومتي كوريا الشمالية والجنوبية، ونشأت في يوليو من عام ١٩٥٣ بمشاركة الأمم المتحدة، عند إعلان وقف إطلاق النار وليس إنهاء حالة الحرب بين البلدين.

 

ويحظر في المنطقة التي تمتد بطول ٢٥٠ كم وعرض ٤ كم، تواجد المدنيين إلا بإذن خاص ومسبق، إذ تدار من قبل قوات عسكرية مشتركة من الكوريتين والأمم المتحدة، لتكون أكثر المناطق حشدا للعسكريين في العالم، وحينما سمح  للسياح بزيارة المنطقة من الجانب الجنوبي، احتجت جارتها الشمالية بشدة على هذا الإجراء.

 

وتحتوي المنطقة منزوعة السلاح، على خرائط وآثار تحمل كلها الرغبة في الاتحاد من جديد، من بينها قطار قديم تعرض للتخريب خلال الحرب وهو في طريقه لكوريا الشمالية، إضافة إلى جسر كان يربط بين الكوريتين ودُمّر وقت العدوان الكوري الشمالي. 

 

وتضم المنطقة كذلك، الكثير من الشرائط الملونة والتي وضعها الكوريون على الأسلاك الشائكة التي وضعت أثناء الحرب لفصل الدولتين، والتي تعكس رغبتهما في الوحدة، فضلا عن وضع مجموعة من الأعمال الفنية لذات الهدف، ومنها نصب تذكاري على شكل دائرة منقسمة بداخلها خريطة الكوريتين، وعلى أطرافها يقف أشخاص يدفعونها للاكتمال مرة أخرى. 


«محطة قطار و4 أنفاق وساعة».. شواهد على حلم الوحدة

 

وكدليل على رغبة سيول في الوحدة مع جارتها، أنشأت محطة قطار على المنطقة الحدودية أطلقت عليها «دروسان»، والتي افتتحها الرئيس الأمريكي جورج بوش عام ٢٠٠٢، بهدف أن تكون محطة الانطلاق إلى  العاصمة الشمالية «بيونج يانج»، إضافة إلى تسيير قطار شحن لكوريا الشمالية في ديسمبر ٢٠٠٧.

 

وتحتوي المنطقة كذلك على 4 أنفاق سرية يطلق عليها «أنفاق العدوان»، كما يطلق عليها  في كوريا الجنوبية، وحفرتها كوريا الشمالية  لشن هجمات مفاجئة وعمليات اختطاف وتصفية في العاصمة الجنوبية «سيول»، وقد تم اكتشافهم في أعوام ١٩٧٤ و١٩٧٥، و١٩٧٨، و١٩٩٠. 

 

وزارت «بوابة أخبار اليوم»، أحد هذه الأنفاق والذي مُنع فيه التصوير تماما، ويشترط لمروره ارتداء خوذات حتى لا يتم الارتطام بسقف النفق، وكذلك لا يستطيع المار به التحكم في سرعة عبوره نظرا لانحداره الشديد.

 

ويمتد النفق لمسافة بعيده على طول الحدود، وتم استخدام الديناميت في حفرة، وجهزته كوريا الجنوبية بعد اكتشافه، بتوفير الإنارة به ووضع عدد من الكراسي الخشبية في بعض أركانه للسماح بالمارين عبره بالتقاط أنفاسهم.

 

وتشير الإرشادات الملعقة داخل النفق، إلى إمكانية عبور نحو ٣٠ ألف جندي يحملون أسلحة خفيفة كل ساعة.

 

وعلى بعد 40 كم من سيول، تقع نهاية النفق والتي تحمل ساعة رقمية لحساب الزمن الذي مر منذ الانفصال، أما رحلة العودة فلا تقل صعوبة عن رحلة عبوره، ومع ذلك تُقبل أعداد كبيرة من السائحين والكوريين على مشاهدته والمرور من خلاله. 

 

رحلات سياحية لـ«أرض الحياة والطبيعة»

وتشهد المنطقة تنظيم العديد من الرحلات السياحية، تنظمها شركات السياحة وأبرزها شركة تدعى «هوندا»، وذلك عبر أتوبيسات فاخرة تقدم وجبة ضمن برنامجها السياحي من المائدة الكورية التقليدية تدعى «البولبوجي»، وذلك في  أحد المطاعم القديمة المحلية في ذات المكان، والذي يحتوي بداخلة على غرفة طعام خشبية واسعة ويقدم الطعام في مناخ ودي ومريح يعكس الثقافة الكورية.

 

وأنشأ والد مالك شركة «هوندا»، كوبري الوحدة الذي مر عليه ألف بقرة بعد الانتهاء منه، كمساعدة للكوريين الشماليين عام ١٩٨٩، وجاءت هذه الخطوة كنوع من المساعدة  لأهله في كوريا الشمالية، وذلك بعدما هرب منها مع بقرته إلى كوريا الجنوبية ليتوسع في نشاطه في تجارة الأبقار هناك.

 

تقول «سوجي»، وهي مرشدة سياحية، إن الكوريتين كان يجمعهما نفس الدولة والتاريخ والتقاليد والثقافة، ولأسباب معقدة أهمها ظروف الحرب الباردة، حدث ما حدث، واصفة هذه الحرب بأنها «جمدت القلوب».

 

وأضافت: «اليوم أصبحت (دي. إم. زيه) تمثل مكانا رمزيا للوحدة، وهي أرض الحياة والتعايش مع الطبيعة، وجنة الورود والأرض الحية، حيث تعيش الحيوانات في  تناسق وتناغم».