«أكراد كوباني» وجه العملة الثاني لكرد «عفرين»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بين جبلٍ و عينٍ في محافظة حلب شمال سوريا يعيش مجموعة من البدو الرحالة على اختلاف أعراقهم من البلوش والفرس واللور، جمعهم مسمى عرقي واحد اسمه الأكراد، وحلم وطنٍ واحدٍ لم يتحقق بعد اسمه "كردستان".

وفي هذه الأيام، تشن القوات التركية بإيعازٍ من رئيسها رجب طيب أردوغان حملةً عسكريةً تحت مسمى "غصن الزيتون" ضد وحدات حماية الشعب الكردية ،التي تقاتل تنظيم "داعش" الإرهابي ضمن قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الولايات المتحدة، حيث تعتبر أنقره تلك الوحدات امتدادًا لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمردًا عسكريًا جنوب شرق تركيا منذ عام 1984.

الأكراد الموتورين من تركيا

الحرب التي تشنها القوات التركية على عفرين، لم تكن الأولى الموجهة ضد الأكراد من قبل الدولة التركية، والتي بدأت عام 1925، مع بداية حقبة الرئيس التركي الأول مصطفى كمال أتاتورك الذي أخمدت حكومته ثورة الأكراد في تركيا بقيادة الشيخ سعيد بيران، ليضطر قسمٌ كبيرٌ منهم للفرار إلأى سوريا، وليقطنوا جبل الأكراد "عفرين" و مدينة عين العرب "كوباني" شمال غرب سوريا في محافظة حلب إلى جانب القامشلي ورأس العرب في محافظة الحسكة شمال شرق سوريا.

وبين الشرق والغرب من الشمال في الأراضي السورية، تأصل الثأر من أنظمة الحكم التركية، التي طردت عدًا منهم من أراضيهم، ليصبحوا أكرادًا موتورين، لم يتمكنوا من الحصول على الجنسية السورية بعدما لفظتهم بلادهم تركيا.

الاعتراف بعد الثورة

تعامل الحكومة السورية مع الأكراد في الحسكة وبلدتي عفرين وكوباني على أنهم أجانب وليسوا مواطنين محليين دام حتى اندلعت الاحتجاجات الشعبية التي عمت سوريا بما فيها أراضي الأكراد ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد بدايةً من مارس عام 2011.

ومحاولةً من بشار الأسد امتصاص الغضب الشعبي ضده في بدايات الاحتجاجات، أصدر مرسومًا رئاسيًا في أبريل من العام ذاته يقضي بمنح الجنسية السورية للأكراد المسجلين على أنهم أجانب في سوريا.

معركة ضد "داعش" في كوباني

لكن المعترك الحقيقي لأكراد كوباني كان مع بداية ظهور تنظيم ما يُعرف بالدولة الإسلامية "داعش"، فقد تمكنت عناصر تنظيم داعش في أكتوبر عام 2014 من السيطرة على ثلث مدينة كوباني في الجانب الشرقي منها، عقب اشتباكاتٍ عنيفةٍ مع القوات الكردية التي تحمي المدينة.

وقتها استضاف الرئيس التركي أردوغان زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني في سوريا صالح مسلم، ليخرج الأخير ويقول إنه تحصل على وعدٍ بدعم تركيا للأكراد في كوباني لمنع سقوط المدينة في قبضة التنظيم الإرهابي.

مجمعة من القوات البشمركية بزعامة نيجرفان بارزاني عبرت حينها عبر الأراضي التركية من العراق إلى كوباني شمال غرب سوريا، من أجل مناصرة أكراد سوريا خلال معركتهم الدائرة ضد تنظيم داعش.

تلك هي قصة كوباني التي لا تختلف كثيرًا عن عفرين فهما شطران في حلب لهيمنةٍ كرديةٍ في البلدتين شمال غرب سوريا، في ظل معركةٍ دائرةٍ في عفرين قد تصل مداها قريبًا أرض كوباني.