مؤتمر «سوتشي».. تعدد الغائبون والسبب واحد

دونالد ترامب وإيمانويل ماكرون
دونالد ترامب وإيمانويل ماكرون

انطلقت اليوم في مدينة "سوتشي" الروسية أعمال مؤتمر الحوار الوطني السوري الذي ترعاه روسيا، الداعمة لحكومة الرئيس بشار الأسد منذ اندلاع الأحداث الدامية في الأراضي السورية في مارس عام 2011.

المؤتمر الذي دعت إليه روسيا منذ نحو شهرين رأى النور أخيرًا، وقد وجد دعمًا من إيران وتركيا، المشاركتين مع موسكو في مباحثات آستانا، كما كانت مصر من بين الدول التي لبت دعوة موسكو للمشاركة في هذا المؤتمر، الذي يسعى لإيجاد مخرجٍ للأزمة السورية كما تقول موسكو.

ورغم هذا، فإن قوى عظمى في العالم قد امتنعت عن المشاركة في هذا المؤتمر، وتلخصت أسباب رفضها المشاركة هي رغبتها في عدم الحيد عن مسار جنيف الذي ترعاه الأمم المتحدة منذ اندلاع الأزمة السورية.

أمريكا في طليعة المقاطعين

الولايات المتحدة تزعمت مشهد المقاطعين لمؤتمر"سوتشي"، فقد قررت البعثة الدبلوماسية الأمريكية في روسيا الامتناع عن المشاركة في المؤتمر، بصفة دولة مراقبة، لتذعن على لسان المتحدثة باسم الدبلوماسية الأمريكية ، ماريا أولسين، أن السبب وراء مقاطعة سوتشي هو رغبة واشنطن في ضرورة التركيز على دعم العملية السياسية التي تجري في جنيف برعاية أممية.

وتحدثت ماريا أولسين عن أن بلادها تضامنت مع قرار الهيئة التفاوضية الموحدة التابعة للمعارضة السورية والمتمخضة عن مؤتمر الرياض 2.

وكانت المعارضة السورية قد اتفقت في أواخر نوفمبر الماضي من منصة الرياض على رفض أي مفاوضاتٍ حول تسوية الأزمة السورية لا تتضمن مسألة رحيل الرئيس بشار الأسد عن الحكم في سوريا.

بريطانيا وفرنسا على خطى واشنطن

وبدورها، رفضت بريطانيا المشاركة في أعمال مؤتمر سوتشي، حيث شددت على ضرورة إجراء هذه المحادثات في إطار عملية تقودها الأمم المتحدة وقد حثت موسكو على الضغط على الحكومة السورية من أجل المشاركة في مفاوضات مجدية.

وكتب السفير البريطاني لدى سوريا ،مارتن لونجدين، على تويتر "بريطانيا لن تشارك في مؤتمر سوتشي، فعلى الرغم من المساعي الروسية يرفض النظام السوري المشاركة في حوارٍ بناءٍ، ودمر الثقة في أن سوتشي يمكن أن تساعد عملية جنيف".

فرنسا أيضًا كانت من البلدان المقاطعة لمؤتمر سوتشي، وقد قالت وزارة الخارجية الفرنسية إنه ينبغي لكل المبادرات الأخرى الخارجة عن إطار جنيف مثل اجتماع سوتشي الذي ستنظمه روسيا أن تدعم عملية الأمم المتحدة وتكون في هذا الإطار.

وأضافت الخارجية الفرنسية، على لسان المتحدث باسمها، "علمنا بقرار المعارضة السورية عدم المشاركة في سوتشي، فرنسا لن تشارك في هذا العمل الذي يجري هناك".

المعارضة السورية تقاطع

ورفضت هيئة التفاوض الروسية المعارضة برئاسة، ناصر الحريري، المشاركة في مؤتمر سوتشي بعد اجتماعها يوم السبت الماضي لحسم أمر المشاركة من عدمه، بعدما كانت قد أكدت في أكثر من مرة رفضها التفاوض مع النظام السوري خارج إطار مباحثات الأمم المتحدة في جنيف.

ووضعت المعارضة السورية شروطًا لقبول المشاركة في مؤتمر السلام بسوتشي، وهي عدم تكريس مسار سوتشي كمسارٍ تفاوضيٍ، فيكون عقده مرة واحدة فقط، على أن يصدر عنه توصيات لمسار جنيف فقط.

كما اشترطت أن ينضوي المؤتمر تحت مظلة القرار الأممي 2254، ويعترف النظام وموسكو بمسار جنيف مسارًا شرعيًا وحيدًا للعملية السياسية في سوريا، وهي الشروط التي لم تلق قبولًا من قبل موسكو ودمشق، حيث تنوي روسيا عقد عدة مؤتمرات لمباحثات سوتشي على شاكلة جنيف، ومباحثات آستانا التي تستضيفها العاصمة الكازخستانية بمشاركة روسيا وتركيا وإيران.

دعم أممي للمؤتمر

الأمم المتحدة نفسها فندت السبب الرئيسي الذي جعل عددٌ من القوى العظمى تقاطع مؤتمر سوتشي ،والذي استعرضناه سلفًا، حيث أوفد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريس، المبعوث الأممي لدى سوريا ،ستيفان دي ميستورا، لحضور مؤتمر سوتشي، ليكسب بذلك المؤتمر الصبغة الأممية التي تحدثت البلدان المقاطعة لقمة سوتشي عن فقدانه إياها.

ودعم جوتيرتس المؤتمر، معربًا عن قناعته بأن مؤتمر سوتشي سيسهم بقسطٍ ملحوظٍ من عملية جنيف التفاوضية السلمية تؤدي في النهاية إلى إنجاح عملية تسوية الأزمة السورية.

الجدير بالذكر، أن مؤتمر السلام بسوتشي سيُعقد على مدار يومين هما التاسع والعشرين والثلاثين من يناير الجاري، ويشكك الكرملين في إمكانية تأثر المؤتمر بغياب المعارضة السورية، في وقتٍ يتوقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألا يسهم المؤتمر في إيجاد حلٍ حاسمٍ للقضية السورية.