«بعد 57 عاما»..الجزائر تطالب فرنسا بتعويض ضحايا تجاربها النووية

التجارب النووية بالجزائر
التجارب النووية بالجزائر

تنتهي الحروب وتبقى آثارها البغيضة لتشهد على وحشية مستعمر ظن يوما أن الأرض له، لكن التاريخ لا يغفر لهؤلاء وتظل جرائمهم شاهدة تنقل لكافة الأجيال ما عانته الشعوب يوما.

عانى المغرب العربي من الاستعمار الفرنسي الذي جثم على صدره ما يفوق القرن، استطاع بكل آسف طمس الهوية الثقافية وفرض لغته وثقافته وحارب كل ما يمثل العروبة والإسلام، وظل تأثير الاستعمار على تلك الدول حتى بعد حصولها على الاستقلال لتنتقل سلبياته من الإساءة للهوية الثقافية إلى تأثيرات صحية وبيئية ضارة.

في عام 1962، نالت الجزائر استقلالها عن فرنسا بعد حرب قتل فيها مئات الآلاف من أبناء شعبها الذي أخذ يناضل ضد المستعمر بلا هوادة، لكن وبالرغم من الاستقلال إلا أن معاهدة وقعها الرئيس الفرنسي شارل ديجول سمحت بالاستمرار في إجراء تجارب نووية حتى عام 1966.

أجرت فرنسا 17 تفجيرا نوويا في «عين أكر» في بدايات 1961 وحتى 1966، فوق الأرض وتحتها وداخل الجبال وفي منطقة رقان الصحراوية، لكن التأثيرات السلبية الصحية والبيئية لا تزال قائمة حتى الآن، مما استدعى البعض للمطالبة بتعويضات حق التجارب النووية التي أضرت سكان المناطق المتضررة.

ففي ندوة تاريخية بالعاصمة الجزائرية، تحدث وزير المجاهدين "قدماء المحاربين" الطيب الزيتوني متهما فرنسا بإجراء تجارب نووية على الصحراء الجزائرية، حيث أشار إلى أن فرنسا والجزائر تحضران لعقد لجنة مشتركة مهمتها دراسة ملف التعويضات الخاصة بهذه الملفّات.

وأوضح الوزير أن هذه الاقتراحات تتعلق بـ"تعويض الجماعات والأفراد المتضررين من الإشعاعات النووية، الذين أعدوا ملفات وسلموها للجانب الفرنسي، بالإضافة تعويضات عن المحيط".وأكد زيتوني أن "الأراضي الجزائرية المتضررة من الإشعاعات تفوق 100 كيلومتر مربع".

وأضاف المسؤول أن الجانب الجزائري "ينتظر اقتراحات الفرنسيين قبل اجتماع اللجنة المشتركة المعنية بهذا الملف"، مشيرا إلى أن الطرف الفرنسي "اقترح تطبيق قانون موران بالنسبة لضحايا التجارب النووية، وهذا القانون لم يعط نتيجة بالنسبة للضحايا الجزائريين، حيث لم ولن يستفيد منه أي جزائري".

مطالبات الجانب الجزائري ليست الأولى فقد سبق المطالبة بها من قبل، إلا أن وزارة الدفاع الفرنسية قد أصدرت في 2010 مرسوما مكملا لقانون كان البرلمان قد صدق عليه في 2009، يتناول ضحايا التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية.

وجاء في المرسوم الفرنسي أن الحكومة تشترط على المدنيين الذين يعانون من أمراض متصلة بتبعات إشعاعات الذرة أن يقدموا وثائق طبّية تثبت إصابتهم بالسرطان، ووثائق أخرى تثبت أنهم كانوا يقيمون بالمناطق التي جرت فيها التجارب النووية. وتعهدت الحكومة الفرنسية في المرسوم "بمنح تعويض مادي للمصابين بسرطان الثدي والدماغ والمعدة والرئة والكلى".

وعكفت فرنسا دوما على عدم توضيح عدد ضحايا هذه التجارب النووية، إذ تقول فرنسا إنهم نحو 500 شخص، أغلبهم عسكريون كانوا في أماكن التفجيرات، في حين يفيد مركز البحوث النووية الجزائري (وهو منظمة حكومية) بأن 18 ألف شخص بين مدني وعسكري حضروا تفجير القنابل بالمنشآت النووية، وكثير منهم توفّي بعد سنوات بأمراض جراء الإصابة بالإشعاعات الضارة إضافة إلى تضرر مناطق التجارب.