في عيد الشرطة..

«موقعة الإسماعيلية» عام 1952.. الشرارة الأولى ليوم العزة والكرامة

أفراد من القوات المصرية أثناء الاشتباكات بموقعة الإسماعيلية 1952
أفراد من القوات المصرية أثناء الاشتباكات بموقعة الإسماعيلية 1952

لم يأت الاحتفال بعيد الشرطة والذي يوافق يوم 25 يناير، من كل عام، من فراغ، فقد كانت أحداث 25 يناير عام 1952 هي دليل على شجاعة وبسالة الضباط المصريين.

 

جرت الأحداث في قسم شرطة بمدينة الإسماعيلية، يوم الجمعة 25 يناير 1952، عدما استدعى القائد البريطاني بمنطقة القناة "البريجادير أكسهام" ضابط الاتصال المصري، وسلمه إنذارًا بأن تسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وتجلو عن دار المحافظة والثكنات، وترحل عن منطقة القناة كلها، وتنسحب إلى القاهرة بدعوى أنها مركز اختفاء الفدائيين المصريين المكافحين ضد قواته في منطقة القنال.

 

رفضت المحافظة الإنذار البريطاني وأبلغته إلى وزير الداخلية " فؤاد سراح الدين باشا " الذي أقر موقفها، وطلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام، وعندها فقد القائد البريطاني أعصابه، فقامت قواته ودباباته وعرباته المصفحة بمحاصرة قسم الشرطة لنفس الدعوى بعد أن أرسل إنذارا لمأمور قسم الشرطة يطلب فيه منه تسليم أسلحة جنوده وعساكره ، غير أن ضباط وجنود الشرطة رفضوا قبول هذا الإنذار.

 

ووجهت الدبابات البريطانية مدافعها وأطلق البريطانيون نيران قنابلهم بشكل مركز وبشع بدون توقف ولمدة زادت عن الساعة الكاملة ، ولم تكن قوات الشرطة مسلحة بشيء سوى البنادق العادية القديمة.


وقبل غروب شمس ذلك اليوم حاصر مبنى قسم الشرطة الصغير ومبنى المحافظة في الإسماعيلية، سبعة آلاف جندي بريطاني مزودين بالأسلحة، تدعمهم دباباتهم "السنتوريون" الثقيلة وعرباتهم المصفحة ومدافع الميدان ، بينما كان عدد الجنود المصريين المحاصرين لا يزيد على 800 في الثكنات و80 في المحافظة لا يحملون غير البنادق.

 

واستخدم البريطانيون كل ما لديهم من الأسلحة في قصف مبنى المحافظة، ومع ذلك قاوم الجنود المصريون واستمروا يقاومون ببسالة وشجاعة فائقة ودارت معركة غير متساوية القوة بين القوات البريطانية وقوات الشرطة المحاصرة في القسم ولم تتوقف هذه المجزرة حتى نفدت آخر طلقة معهم بعد ساعتين طويلتين من القتال، سقط منهم خلالهما 50 شهيدًا و 80 جريحا وهم جميع أفراد جنود وضباط قوة الشرطة التي كانت تتمركز في مبنى القسم، وأصيب نحو سبعين آخرين، هذا بخلاف عدد آخر من المدنيين وأسر من بقي منهم.

 

ولم يستطع الجنرال "أكسهام" أن يخفي إعجابه بشجاعة المصريين فقال للمقدم "شريف العبد" ضابط الاتصال‏:‏ "لقد قاتل رجال الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا".

 

وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال "أكسهام" بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم‏.‏

 

في صباح السبت 26 من يناير 1952 انتشرت أخبار الحادث في مصر كلها، واستقبل المصريون تلك الأنباء بالغضب والسخط، وخرجت المظاهرات العارمة في القاهرة، واشترك جنود الشرطة مع طلاب الجامعة في مظاهراتهم ، وانطلقت المظاهرات تشق شوارع القاهرة التي امتلأت بالجماهير الغاضبة.

 

وتسببت هذه الأجواء الغاضبة في قيام حريق القاهرة، وتسببت أكثر في تدهور شعبية الملك فاروق لأبعد مستوى، مما مهد لقيام الضباط بحركة 23 يوليو بقيادة اللواء محمد نجيب في نفس العام.


 

 

 
 
 

احمد جلال

محمد البهنساوي