بعد تهاوي صادرات قلعة الصناعة المصرية إلى 10%

صور| التشخيص الكامل لأزمة «غزل المحلة»

شركة غزل المحلة
شركة غزل المحلة

 

على مساحة 32 فدان تم انشاء شركة غزل المحلة عام 1927, وكان الاقتصادى الكبيرطلعت حرب وراء ظهورها, بعد أن قررإقامة أول شركة وطنية تختص وتهتم بالصناعات النسجية والقطنية, وتحمل الطابع المصرى الخالص, وتستطيع منافسة الشركات الاجنبية, ومنع احتكارها للمحاصيل المصرية, والتعامل معها على أنها بلد زراعى فقط, ووقع اختياره على أربعة مدن لتحقيق هذا الحلم والهدف, هى أبوكبيربالشرقية, وسمنود بالغربية, وسخا بكفرالشيخ, ومدينة المحلة الكبرى, ووضع عدة شروط لبدء المشروع فيها,هى ضرورة توافر مساحات كبيرة من اأاراضى للتوسعات المستقبلية, وملائمة الظروف المناخية ، وتفوقت المحلة على الجميع,  فكل الشروط كانت متوفرة بها بجانب شهرتها كأقليم زراعى, حقق أكثر من مرة الفوز بأعلى معدلات انتاج القطن,  فضلا عن انتشارصناعات النسيج اليدوى بها, والذى أفرزعددا كبيرا من العمال المهرة, بجانب وجود مدرسة النسيج المصرى التى انشئت عام 1914,  لتأهيل وإعداد الطلاب على صناعة النسيج الميكانيكى,  واستغل أهالى المحلة وعلى رأسهم نعمان باشا الأعصر عضو مجلس الشيوخ وعبد الحى باشا خليل أحد كبار تجار القطن الحلم الذى يسعى لتحقيقة طلعت حرب,  وقاما بتوفيركل مايحتاج إليه من مساحات لبناء الشركة, وتم شراء  32 فدانا بسعر 150 جنية للفدان, بناحية أحواض الجيارة واللبانة, زادت فيما بعد إلى 600 فدان, حيث تم افتتاح الشركة رسميا يوم 23 إبريل عام 1931, حضر حفل الافتتاح الملك فؤاد ملك مصر والسودان.

 

ورغم تاريخ شركة غزل المحلة المشرف وقصة كفاح ونضال عماله,ا لكنها بدأت تعرف مع آواخر التسعينات من القرن الماضى طريق الانهيار, وتعانى طعم الخسائر وتراكمت عليها الديون من كل جانب, وتحول العديد من عنابرها لمساكن تسكنها الاشباح, بعد توقف العديد من ماكيناتها عن العمل والدوران, حيث كشف تقريرالجهازالمركزى للمحاسبات الصادر بتاريخ 30/ 6 / 2016  عن حجم الكارثة المالية التى تواجه الشركة, والتى بلغت  403 , 752 مليون جنيه مقابل 729 , 659 مليون جنيه عن العام السابق, بزيادة فى الخسائر نحو 674 , 92 مليون جنيه, بسبب بيع معظم منتجات الشركة بأسعارأقل من التكلفة, وعدم استغلال الطاقة الانتاجية للمصانع بالشكل الأمثل ونقص الخامات, وعدم توافرأوامرتشغيل, بجميع مراحل الشركة, وانخفاض كفاءة الماكينات فى بعض الأقسام, وتقادم خطوط الإنتاج وبطء تصريف المخزون, لضعف إدارة البيع فى أداء عملها وانخفاض العمالة, رغم زيادة الأجور بفارق 28 مليون جنيه عن العام السابق, وأشارالتقريرعن حقيقة مؤلمة, عندما أكد أن جملة خسائر الشركة بلغت نحو  034 , 4 مليار جنيه, بما يعادل 3,3 % من رأس مال الشركة البالغ 240 , 1 مليارجنيه, مما يستوجب إعمال أحكام المادة (38) من القانون رقم 203 لسنة 1991,  بشأن استمرارالشركة من عدمه.

 

وفى محاولة للتعرف على أسباب تدهورأوضاع هذه الشركة العملاقة أكد عبد الرحمن محمد مهندس سابق بالشركة أن هناك عوامل عديدة ساهمت فى تراجع الإنتاج , منها عدم توافرالأقطان المصرية وخاصة القصيرة ومتوسطة التيلة, مما يعطل نسبة 40 % من ماكينات مصانع الشركة,  وإصرارالمسئولين فى الاعتماد على استيراد هذه الأنواع من الصين وبوركينا فاسو وبنين, وهى أقطان رديئة المستوى, أساءت لسمعة منتجات الشركة, بجانب مخاوف العملاء من خلطها بالأقطان المصرية جيزة 86 و90,. مما تسبب مؤخرا فى هروب العملاء الأوروبيين, وجعلهم يتوجهون لشرق أسيا, والتى تعتبرحاليا من أكبرمستوردى القطن المصرى, حيث يقومون بغزلة باستخدام آلاتهم الحديثة, وبيعه للأسواق الأوروبية بجودة عالية, فى الوقت الذى تجاهل فية المسئولين إجراء أى أعمال تطوير للماكينات, حيث كان آخرتحديث لها فى عام 1992, بمصنع غزل (2), وهوما أفقد قطاع الغزل بالشركة القدرة التنافسية على التصدير بجودة عالية, حتى أصبح حجم التصديرحاليا لايتجاوز10 %, بجانب تهالك آلات مصانع قطاع الصوف المتخصص فى انتاج البدل والأقمشة الصوفية, واتجاه المسئولين فى خلط الصوف بألياف صناعية, لتخفيض تكلفة سعر المتر, وتغطية رواتب 3500 عامل وعاملة بالقطاع, مما تسبب فى السماح بخلق منافسة فى الأسواق, على حساب منتج رديء, وأضافأانة رغم انخفاض العمالة من 24 ألفا إلى 17 ألفا, لكن للأسف منهم 9500 عامل انتاج مباشرعلى الماكينات فقط, و7500 عبارة عن موظفين وإداريين وهى عمالة غيرمنتجة, تمثل تكلفة إضافية على الانتاج, بجانب عدم إجراء الصيانة اللازمة لمحطتى الكهرباء, وارتفاع فواتيرالغازالباهظة, التى أصبحت أيضا تمثل عبئا كبيرا على ميزانية الشركة, مما اضطرها إلى إغلاق إحدى المحطات, رغم صيانة أبراج التبريد بتكلفة 8 مليون جنية العام الماضى.

بينما يرى أمين رابطة صناعة الغزل والنسيج بالمحلة أن الحل لإنقاذ الشركة من عثرتها, هو تدخل الدولة بكل قوة لزيادة مساحات زراعة القطن بأصنافه المختلفة, لتوفيراحتياجات الشركة ومصانع القطاع الخاص, بعدما تراجعت زراعتة من 2 مليون فدان منذ عشرة سنوات إلى 130 ألف فدان فقط حاليا, ودعم الدولة للاقطان المصرية طويلة التيلة لغيرالتصدير, لخلق سوق للمنافسة وتوفيراحتياجات مصانع قطاع النسيج الاستثمارى فى مصر,وشراء ماكينات حديثة من السوق الأوروبى, حتى تتمكن من إنتاج جميع الأقطان المصرية بجودة عالية, وتكون قادرة على المنافسة من جديد فى السوق الخارجى, وتطويرنظم التصميمات للملابس الجاهزة, بالتعاقد مع بيوت للأزياء ومكاتب عالمية, مع توفيرمندوبين يملكون خبرات التسويق الخارجى, وإعادة النظرفى قوانين ترقية العمالة التى تحصل على مؤهلات عليا ومتوسطة لدرجة موظف, أثناء الخدمة للحفاظ على العمالة من الاندثار, وفرض قوانين صارمة لمواجهة عمليات تهريب الغزول والأقمشة والملابس من الخارج للحفاظ على المنتج المحلى.