عام على حكم «ترامب»| «صفقة القرن والتقارب الروسي» أحلام 2017 الضائعة

بوتين وترامب
بوتين وترامب

مر عامٌ على تولي دونالد ترامب مقاليد الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية، عامٌ كاملٌ لم يمر سهلًا على الرئيس الأمريكي، الذي واجه خلاله عواصف عاتية زلزلت أركان حكمه، وكانت كالمسمار الذي ضُرب في تابوت أحلامه وتطلعاته التي كان ينوي فعلها عند تبوأه منصبه بالبيت الأبيض.

 

الرئيس الأمريكي التي كانت توليه مقاليد الحكم محل تخوفٍ في الداخل الأمريكي وخارجه حول العالم، لكن مع الوقت بات هذا الرجل الذي أسدى بتصريحاتٍ رنانةٍ إبان حملته الانتخابية عاجزًا عن تنفيذ العديد منها، وأبرز وعده التي أطلقها خلال حملته الرئاسية، لتكون أحلام ترامب كالجمل الذي تمخض فأنجب فأرًا.

 

تحسين العلاقات مع روسيا

بداية أحلام ترامب التي كان يمني النفس في تحقيقها، هي فتح قناة اتصال جديدة بين واشنطن وموسكو، وإعادة المياه الراكدة إلى مجاريها في العلاقات بين البلدين، التي شهدت توترًا كبيرًا مع نهاية حقبة الرئيس السابق باراك أوباما.

 

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف تحدث في شهر يوليو الماضي عن أن إدارة أوباما سعت في نهاية حقبتها لتسميم العلاقات الروسية الأمريكية، مضيفًا أنها استخدمت أزمة العقار التابع للدبلوماسية الروسية في واشنطن فتيلًا لتفخيخ العلاقات بين البلدين.

 

سعي ترامب لتحسين علاقات واشنطن بموسكو، سار في الاتجاه المعاكس خلاف رغبات الرئيس الأمريكي فأصبحت العلاقات الأمريكية الروسية تعيش أوضاعًا وُصفت من قبل الأوساط السياسية في البلدين بأنها تشبه أجواء الحرب الباردة التي كانت عليها البلدان في النصف الثاني من القرن الماضي.

 

السبب الرئيسي وراء ذلك كانت مزاعم تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي جرت في أكتوبر عام 2016 ، وأفرزت ترامب رئيسًا للبلاد، مما شكل ضغطًا على الرئيس الأمريكي فور توليه مقاليد الحكم، خاصةً مع استمرار التحقيقات التي كانت تثبت بين حين وآخرٍ تورط أحد أركان حملة ترامب الرئاسية في التواطؤ مع موسكو أثناء الانتخابات.

وأجبر الرئيس الأمريكي على التصديق عن مضضٍ على فرض عقوباتٍ على روسيا في شهر يوليو الماضي، بعدما أقرها الكونجرس بغرفتيه النواب والشيوخ.

 

وأتت تلك العقوبات بعد أول لقاءٍ جمع الرئيس الأمريكي بنظيره الروسي فلاديمير بوتين في الحادي عشر من يوليو بمدينة هامبورج الألمانية على هامش قمة العشرين، لتوأد تلك العقوبات المفروضة على مسؤولين روس أي فرصة للتقرب بين موسكو وواشنطن.

 

ودائمًا ما حازت محاولات التقرب الروسي الأمريكي التي كان يسعى إليها ترامب خلال هذا العام لانتقاداتٍ واسعةٍ داخل الأوساط السياسية الأمريكية، ووصل الأمر إلى حد التربص بالرئيس الأمريكي ،إن جاز التعبير.

 

وأبرز تلك المرات حينما استقبل ترامب بالبيت الأبيض وفدًا روسيًا برئاسة وزير الخارجية سيرجي لافروف وسفير روسيا لدى الولايات المتحدة وقتها سيرجي كليسياك، حيث تحدثت صحيفة "واشنطن بوست" عن أن ترامب أفشى للافروف أسرار مخابراتية، وهو ما أغضب ترامب حينها وجعلته يقول إنه يواجه حربًا لم يواجهها أي رئيس أمريكي قبله.

 

تقويض الاتفاق النووي

ومن الأزمة مع روسيا إلى أخرى مع إيران، حيث كانت تطلعات ترامب التي تحدث خلالها في حملته الانتخابية، هو تقويض البرنامج النووي الإيراني، وعدم المضي قدمًا في الاتفاق النووي المبرم مع إيران إبان حقبة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما.

 

ومثلما حدث مع أزمة سوريا، وقف الكونجرس الأمريكي حجرًا عثرًا في وجه رغبات ترامب، التي أفصح عنها أكثر من مرة بنيته إلغاء هذا الاتفاق، حيث لم يربط الكونجرس على توجهات الرئيس الأمريكي، فطلب به أكثر من مرة إيضاح دلائه على خرق إيران للاتفاق النووي، قبل تثبيت العقوبات الموقعة على طهران، ليأبى حينها الكونجرس أن يسير وفق أهواء ترامب.

 

وقد أعلن مسؤولٌ رفيعٌ في الإدارة الأمريكية قبل أيام، أن الرئيس الأمريكي ،دونالد ترامب، قرر تمديد نظام رفع العقوبات عن إيران في إطار "الاتفاق النووي"، لكنه قال إنها المرة الأخيرة التي يلجأ ترامب خلالها لاتخاذ مثل هذا القرار.

 

الطعنات الموجهة صوب ترامب جاءت من حلفائه قبل خصمه الإيراني، فالاتحاد الأوروبي دعم مسألة استمرار الاتفاق النووي المبرم مع إيران، وكان آخرها الاجتماع الذي جمع وزراء خارجية الدول الكبرى بالاتحاد الأوروبي ومسؤولة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي ،فيديريكا موجريني، مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قبل أيامٍ قلائل، أكد الجميع خلاله دعمه لاستمرار الاتفاق النووي المبرم مع إيران.

 

ووقعت إيران اتفاقًا نوويًا عام 2015 مع ستٍ من القوى العظمى في العالم (الدول الخمس صاحبة حق النقض "الفيتو" بمجلس الأمن "الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا وفرنسا والصين" إضافةً إلى ألمانيا)، حيث نص الاتفاق على تخلي إيران عن مشروعها النووي والصاروخي مقابل إعفائها من العقوبات الاقتصادية الموقعة عليها على مدار السنوات الماضية.

 

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد انسحب في يوليو الماضي من اتفاقية مكافحة تغير المناخ التي كان سلفه باراك أوباما قد وقعها في باريس عام 2015، وهو ما خلف موجة امتعاضٍ شديدٍ في وجه ترامب من قبل قادة الدول الأوروبية.

صفقة القرن

منذ تولي ترامب مقاليد الحكم في البيت الأبيض، تخلى الرئيس الأمريكي الخامس والأربعون عن تصريحاته العدائية تجاه العالم العربي والإسلامي، وسعى بقوةٍ لإحياء محادثات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، مؤكدًا أن بلاده ستلعب دور الوسيط، وستقود التفاوض بين الجانبين.

 

من أجل ذلك، عمد ترامب في الأول من شهر يونيو الماضي على السير على خطى أسلافه في حكم البيت الأبيض بتأجيل عملية نقل السفارة الأمريكية لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، ليكون بذلك حينها تراجعًا منه عن وعدٍ انتخابيٍ قد قطعه على نفسه.

 

بيد أن الرئيس الأمريكي فاجأ الجميع في السادس من ديسمبر الماضي بإعلانه التأشير على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، ضاربًا بذلك عرض الحائط بكل الإدانات الدولية للقرار، والتي كان أبرزها تصويت 128 دولة بالأمم المتحدة ضد القرار الصادر عن الرئيس الأمريكي.

 

ترامب بقراره ذلك دفع محادثات السلام في الاتجاه المعاكس، وقوض دور الولايات المتحدة كوسيطٍ بين الجانبين، بعدما قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الأحد 14 يناير إن بلاده لن تقبل بأمريكا وسيطًا بينها وبين إسرائيل، وإن الشعب الفلسطيني قال "لا" في وجه ترامب.

 

عامٌ انقضى من حكم ترامب وُئدت خلاله تطلعاتٍ للرئيس الأمريكي، فهل يتغير خلال السنوات الثلاث الباقية في ولايته الرئاسية شيءٌ تجاه تلك القضايا أو أخرى ، أم سيبقى الوضع تجاهها كما هو دون تغييرٍ فيما هو آتٍ؟