محمد البهنساوي يكتب: «المشاط» والمهمة « السهلة – المستحيلة»

محمد البهنساوي
محمد البهنساوي

أخيرا.. حدث التغيير الذى طال انتظاره بوزارة السياحة.. تغيير جوهري كان ينتظره القطاع ربما بعد ثورة يناير.. فالقطاع ظل مرتبطا بوزير من أبنائه منذ سنوات طويلة.. وربما احتاج تغيير هذا النهج.. وهو ما حدث باختيار وزيرة خارج دائرة الترشيحات التى تدور فيها الاختيارات فى كل تعديل وزارى.. فتجربة الوزير ابن القطاع لا نقول إنها جيدة أو سيئة.. فقد حققت الهدف منها وكان من الضرورى تغييرها.. ولا مجال لمقارنة التجربتين.. فمن بين أفضل عصور السياحة كان لوزيرين من خارج القطاع وهما فؤاد سلطان والراحل د. ممدوح البلتاجى.. واسوأ عصورها لوزراء ينتمون للقطاع..فالتجربتان تتبادلان قصص النجاح والفشل
الوزيرة الجديدة رانيا المشاط.. بدأت مهامها بحالة غير مسبوقة من التفاؤل.. ومن أسباب التفاؤل بالطبع أن الوزيرة ذات فكر منفتح وعلمى يرجع لخلفيتها سواء محليا بمنصبها بالبنك المركزى.. أو دوليا بعملها بصندوق النقد الدولى.. وزاد التفاؤل بعد لقاء المستثمرين بها أمس الأول لما لمسوه من فكر مختلف ومنفتح.. فتح شهيتهم من جديد لتطوير هذه الصناعة المهمة
الآن ومع حالة التفاؤل.. نؤكد أن هناك شروطا لجنى ثمارها وعودة الخير السياحى.. فالمناصب والخبرات للوزيرة الجديدة.. ليست كافية.. وستذهب سدى إذا تم تكبيل وغل يد الوزيرة بالروتين الحكومى الأبدى والمتوارث.. والقوانين البالية التى عفا عليها الزمن.. وإذا تمتعت الوزيرة بالقوة والذكاء والحسم فى مواجهة العوائق الحكومية ومن يهددها إذا خالفت تلك العوائق.. فستحدث الاستفادة المطلوبة.. وهذا أول تحد للمشاط.. يرتبط به إعادة تطوير وتأهيل العاملين بالوزارة وهيئاتها « خاصة هيئة التنشيط « وتغيير أسلوبهم فى العمل.. وللعلم فإن الوزارة والهيئات بها كفاءات عديدة ومتميزة.. فقط تحتاج تشجيعا وإعادة تأهيل.. بجانب منح الفرصة للمبدعين والأقوياء وليس إبعادهم لإفساح الطريق للخانعين المطيعين فقط.. إذن فسياسة إعادة ترتيب البيت التى نسمع عنها منذ زمن تحتاج للتطبيق العلمى الفعال
ويرتبط بالبيت السياحى أيضا المستثمرون والقطاع الخاص.. وهؤلاء حجر الزاوية فى أى تطوير سياحى.. وليس خافيا على الجميع الفجوة التى اتسعت بين هؤلاء والوزارة.. وحان الوقت لإزالة تلك الفجوة.. فالقطاع الخاص الذراع القوية لأى وزارة.. يجب الاستفادة منها وليس بترها.. خاصة أن هناك مستثمرين أصحاب خبرة وكفاءة وبصمات عالمية.. فكيف لا نستفيد منهم.. واعتقد أن لقاء الوزيرة بمجموعة منهم أمس الأول وفى اول يوم عمل وضع اللبنة الأولى فى إعادة ترميم العلاقة.. وهنا يجب أن نشير إلى الدور المطلوب من القطاع الخاص.. فعليهم ان يكونوا على قدرالمسئولية بنبذ الخلافات والتشاحن.. ويدركوا ان الوزيرة لايجب أن تجلس مع الجميع.. لكن يكفى ممثلون لهم.. بجانب ضرورة تغليب الصالح العام حتى لأنه وعلى المدى البعيد سيصب فى صالحهم بكل تأكيد
وأيضا لا يخفى على أحد الحالة المتردية التى وصلت إليها العلاقة بين الوزارة وكبار منظمى الرحلات الدوليين.. سواء لعدم الوفاء بالتزاماتهم.. وعدم الاهتمام الذى كانوا يلاقونه.. وكما عقدت الوزيرة لقاء مع المستثمرين المصريين.. أعتقد أنه عليها القيام بجولة مكوكية سريعة بالخارج للقاء اهم تجمعات لمنظمى الرحلات.. عندها ستنتقل لهؤلاء حالة التفاؤل والجدية الحالية
نعود للشق الحكومى.. فالسياحة بدأت تتراجع أهميتها داخل مجلس الوزراء.. والدليل تجميد المجموعة الاقتصادية الحكومية.. واستبعاد وزير السياحة من المجموعة الاقتصادية.. هذان القراران يجب مراجعتهما وبسرعة.. بجانب ضرورة ترميم وتقوية العلاقة بين وزارة السياحة وجميع الوزارات والهيئات المرتبط عملها بالسياحة.. لتحقيق التسهيلات المطلوبة.. ويجب أن تتحقق المعادلة الصحيحة أن وزير السياحة محامى ورسول قطاعه لدى الحكومة يدافع عنه ويشرح مطالبه.. لكن وللأسف العكس هو ما كان يحدث.. وتحولت الوزارة إلى جلاد قطاعها امام الحكومة.. ومن الإيجابيات ايضا أن وزيرة السياحة طلبت من المستثمرين تحديد مطالبهم من الوزارات الأخرى لتبدأ اتصالاتها لتحقيقها
وإذا كنا تحدثنا عن المعوقات والروتين الذى سيواجه الوزيرة.. فعليها وفى أسرع وقت البدء فى إعداد أجندة تشريعية إصلاحية للسياحة.. فيجب ألا تظل القوانين التى تحكم السياحة منذ نصف قرن.. وهذا يجب أن يكون فى مقدمة ملفات الوزيرة.. لأنه كلمة السر فى أى تطور نرجوه للقطاع.. ثانى الملفات بالطبع وهو التسويق السياحى.. ولن نتحدث عنه كثيرا فالوزيرة معها مستشار للتسويق أجمع الكل على تميزه.. يدعى محمد عامر وهناك ملف آخر يجب الاهتمام به وبسرعة.. ألا وهو حرق الأسعار.. والذى أدى أن تكون مصر من أرخص المقاصد السياحية فى العالم.. وأصبح قضاء أسبوع فى مصر للسائح أرخص من أن يقضى « الويك إند « فى بلده !!.. ناهيك عن الإساءة لسمعة مصر بالخارج وضياع المليارات على خزانتنا بسبب فئة معروفة تبيع البرامج بأرخص من تكلفتها الحقيقية بمائة ومائتين دولار.. وهل يصح أن تكون الوزارة على دراية بهؤلاء المخربين.. وتقف مكتوفة الأيدي
ومع وجود الوزيرة الجديدة.. هل نأمل فى أجندة سياحية تليق بمصر وطموحها السياحى.. وهو ما طلبه الرئيس السيسى فى أول اجتماع للمجلس الأعلى للسياحة لكنه لم ينفذ.. وان نفتح ملفات سياحية مهمة سواء بمساندة التحركات للأنماط السياحية الواعدة مثل السياحة الدينية والعلاجية وإنقاذ السياحة النيلية
الملفات كثيرة وسقف الطموحات ارتفع.. المهمة سهلة إذا طبقت المشاط الفكر المنفتح والقرارات الجريئة.. مستحيلة إذا استسلمت للمعوقات.. فهل يتحقق الأمل والآمال المعقودة على الوزيرة الجديدة ؟ أعتقد إن شاء الله أنها ستحقق !!