وسط حالة من الهدوء والسكينة، ومبانٍ مكتظة بالمواطنين، تجد "أشباح الظلام" سبيلها لتكسر حاجز الصمت وتحوله إلى ضوضاء، حتى لم يتبق لطالبي العلاج على نفقة الدولة سوى للوصول إلى لافتة "ادفع تحصل على الخدمة".
"تسيير المراكب الواقفة"، حيلة ابتدعها سماسرة العلاج الذين يتاجرون بأوجاع المرضى، ويسيطرون بنسج شباكهم للإيقاع بضعاف النفوس وسرعة خداعهم لتلبية مطالبهم، ليبقى المواطن في النهاية فريسة لجشعهم وأطماعهم في الوصول إلى جيبه.
توجه فريق "بوابة أخبار اليوم"، إلى المجالس الطبية المتخصصة في الحي السادس بمدينة نصر، والمسئولة عن تقديم العلاج والمعونة على نفقة الدولة، لرصد معاناة المواطنين في الحصول على الخدمات المقدمة.
«بائع فول» يتزعم الشبكة
ورصدت الجولة، شبكة كاملة تم تجنيدها للعمل كسماسرة، فسرعان ما يجد المواطن نفسه أمام بائع فول يتنصت عليه ويبدأ عرض المساعدة في حال سماعه أن الشخص فشل في الحصول على العلاج.
يبدأ البائع في مناداة شريكه لكي يسلم إليه المواطن، ويحصل منه على عمولته التي تختلف حسب الخدمة المقدمة، بينما يجلس عامل آخر في مكتبة لتصوير المستندات والأوراق، يذهب إليه المواطن للحصول على نسخ من الأوراق ليبدأ في قرائتها لمعرفة احتياجاته، ثم سرعان ما ينادي على صديقه لكي يسرد له ما سمعه وشاهده، فيسهل عليه عمله في التوجه بشكل مباشر نحو الفريسة.
ولم يتوقف عمل تلك الشبكة عند هذا الحد، بل يمتد إلى خلية من النحل تتنقل طوال اليوم وسط المواطنين، وتحاول التجسس عليهم لمعرفة شكواهم والعمل على تقديم المساعدة نظير الحصول على أموال.
2500 جنيه مقابل سيارة معاقين
يقول "محمد. ع"، أحد المواطنين، أنه ذهب إلى المجالس الطبية المتخصصة، للحصول على ما يثبت أحقيته في الحصول على سيارة معاقين على نفقة الدولة، لكن لصعوبة إجراءات الحصول على السيارة، لجأ إلى السماسرة لتلبية طلبه.
ويضيف "محمد"، تعرفت على أحد السماسرة من خلال بائع الفول، وقمت بالاتصال به، وعرض مشكلتي، وعلى الفور تمت المقابلة وحصل على مبلغ 2500 جنيه، لإنهاء الورق اللازم.
وأكدت "حنان.م"، أنها تأتي بشكل مستمر للحصول على العلاج لابنها، بسبب تعرضه لحادث سير، مشيرة إلى أن العلاج يصل شهريا إلى 2000 جنيه، ولا تواجه أي عقبات في الحصول على الدواء.
زيادة معاناة الفقراء
وأوضحت "لمياء.أ"، أن ما تداول مؤخرا بشأن إلغاء العلاج على نفقة الدولة وإحلال التأمين الصحي الشامل بدلا منه، سوف يزيد من معاناة الفقراء الذين يحصلون على العلاج والمساعدات من خلال المجالس الطبية والعلاج على نفقة الدولة.
يذكر أن الدكتور عماد كاظم، رئيس المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة، أكد أنه في حال تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل سيلغى العلاج على نفقة الدولة، مشيرًا إلى أنه في بعض القرارات يتحمل المريض ثلث النفقات فيما تتحمل الدولة الثلثين الآخرين.
وأوضح رئيس المجالس الطبية المتخصصة بوزارة الصحة، أن الدولة تنفق على العلاج بشكل عادل للمرضى المحتاجين، بعد الكشف عليهم من خلال لجنة طبية ثلاثية، لافتًا إلى أن الأشخاص الذين تشملهم قرارات الدولة هم من غير المؤمن عليهم أو ليس لديهم تأمين صحي.
