مدير التنمية الزراعية: الفساد بالهيئة «عالى شوية».. وأتوعد لـ«حيتان الصحراوى»

 اللواء محمد حلمي  _ تصوير: عماد عبد الحميد
 اللواء محمد حلمي _ تصوير: عماد عبد الحميد

 اللواء محمد حلمي: ضعـــــــــــــاف النفوس تاجروا بأراضى الدولة
مزادات «حق الشعب» تعود قريبا.. وقائمة سوداء بأصحاب المصالح فى تعطيلها
لا مكان لـ «حيتان الصحراوى» بعد الآن.. ولن يستطيع أحد لىّ ذراع الدولة

هى من أكثر قطاعات وزارة الزراعة إثارة للمشاكل، ودائما ما يكون المسئول عنها عرضة للنقد فى كل وقت ومع كل قرار، فالهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية هى واحدة من أهم الهيئات داخل وزارة الزراعة وأكثرها ارتباطا بالملفات الشائكة، فالأراضى التى تقع تحت ولاية هيئة التعمير تتواجد فى كل المحافظات، ويتعرض ما بها للنهب والسيطرة، كما أنها صاحبة النصيب الأكبر فى الأراضى التى تقوم لجنة استرداد أراضى الدولة برئاسة المهندس إبراهيم محلب باسترجاعها وطرحها فى مزادات «حق الشعب».. اللواء محمد حلمي، المدير التنفيذى الجديد للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بوزارة الزراعة، والذى تسلم عمله قبل شهرين، أكد فى حواره لـ «بوابة أخبار اليوم » أنه يحاول تطهير الهيئة من الفاسدين فيها، وأكد أنه كرجل عسكرى لن يسمح لأى شخص بالاستيلاء على ما ليس من حقه من أراضى الدولة.


 شدد حلمى على أنه سيتم استرداد كل متر من أراضى الدولة التى يرفض أصحابها تقنين أوضاعها ورد حقوق الدولة أيا كان أصحاب هذه الأراضي، وقال: لن يستطيع أحد لىّ ذراع الدولة التى تصحح أوضاع خاطئة تردد الكثير من المسئولين قبل ذلك فى إصلاحها.


هيئة التعمير من القطاعات التى تثار حولها المشاكل دوما فى وزارة الزراعة.. لماذا؟ وكيف يمكن تغيير هذه الصورة؟


- طبيعة عمل الهيئة هو ما يسبب هذه المشاكل، حيث إن عملها بالأساس يقوم على التصرف فى أراضى الدولة الصحراوية والتى تعتبر أحد أهم موارد الدولة، كما أن الهيئة كانت تقوم بتقنين أراضى وضع اليد، وعليها أعباء كثيرة حتى صدر مؤخرا القانون 144 لسنة 2017 بتفويض المحافظين فى تقنين وضع اليد وهو ما أدى إلى تخفيف بعض أعباء الهيئة.


قلبت المنصب


 ولماذا تلاحق اتهامات الفساد الهيئة بشكل كبير؟


- هذا الأمر هو أول ما فكرت فيه عندما عرض على المنصب، وأنا قبلت المنصب لأن الترشيح  جاء لى من قبل وزارة الدفاع وتم تكليفى من قبل د.عبد المنعم البنا وزير الزراعة، وفى البداية ترددت كثيرا قبل أن أقبل المنصب تخوفا من أن أغامر باسمى وسمعتي، ولكنى كمقاتل مصرى تعودت على عدم التنحى عن أى مهمة أكلف بها مهما كانت، وأنا على إيمان تام بأننى سأنجح ما دام الهدف الأساسى هو الصالح العام وقد قررت إصلاح أحوال هيئة التعمير رغم كل الصعوبات.


ولكن هنا لا يمكن إغفال أن هناك موروثا قائما فى أذهان المواطنين حول الهيئة وأنها مكان فاسد، وهى مثل أى مكان فى الدولة بها الفاسد والشريف، وأنا أعترف أن نسبة الفساد بالهيئة «عالية شوية» بسبب ارتفاع قيمة الأراضى التى تتعامل فيها الهيئة بشكل كبير والتى لم تكن ظاهرة فى الفترة السابقة، وارتفاع قيمة الأرض أعطى زخما كبيرا لهيئة التعمير، وللأسف الشديد ضعاف النفوس تاجروا بهذه الأراضى مع المواطنين البسطاء، فالفساد ليس مجرد التعامل بشكل غير قانونى بل إنه إعطاء المواطنين ما يستحقونه بشكل قانونى ولكن بمقابل مادي، وأنا أعمل حاليا على تغيير الصورة السيئة للهيئة فى أذهان المصريين.


كما أننا نسعى إلى النهوض بالهيئة من خلال كل مقوماتها، حيث إنه سيتم نبذ الفاسد والإبقاء على المواطنين الشرفاء، ودعمهم بشباب هدفهم الأساسى مصلحة الوطن والدولة.


مصالح المواطنين


 وماذا عن هيكلة الهيئة؟
- هذا ما أقوم به حاليا، حيث يتم إعادة هيكلة كافة القطاعات بالهيئة وتنظيم البيت من الداخل وهذا يتم بشكل تدريجى حتى لا تتأثر مصالح المواطنين، حيث إننا نستهدف أن تكون كل كلمة صادرة عن الهيئة صحيحة وموثقة وهو ما لم يكن موجودا حيث كانت قنوات الاتصال مقطوعة حتى داخل الوزارة نفسها وهو ما نسعى لإصلاحه قريبا.


 وما هى أبرز الصعوبات التى واجهت الهيئة؟


- الفترة الماضية عكفت على دراسة كافة ملفات الهيئة، ووجدت أن هناك روتينا غير مقصود من بعض العاملين بالهيئة، فعلى سبيل المثال كانت هناك صعوبة فى عقد لقاءات بين المواطنين أصحاب المشاكل وبين مسئولى الهيئة، لذلك وجهت بتسهيل الإجراءات وجعلها أكثر شفافية، حيث قمت بتحديد يوم الخميس من كل أسبوع لعمل لقاء مع المواطنين يحضره جميع قيادات الهيئة أى أنه ستكون هناك مواجهات «عينى عينك» بين الطرفين، حيث يقوم المواطن بعرض المشكلة الخاصة به بكل شفافية ووضوح ويقوم المختص بالرد عليها ويتم اتخاذ قرارات فورية بشأن حل تلك المشاكل على أن يتم تلقى الطلبات يومى الأحد والإثنين أسبوعيا ودراستها الثلاثاء والأربعاء ثم نلتقى مع المواطنين يوم الخميس على أن يتم وضع إطار زمنى لحل المشكلة، وقد بدأت ثمار هذا الأمر فى الظهور حيث كان أول لقاء مع المواطنين به 10 مشكلات والأسبوع الماضى وصلنا إلى 60 مشكلة مما إضطرنا إلى تأجيل بعضها للمناقشة خلال اللقاء التالي.


 الدولة الآن تتوجه بكل قوة نحو استعادة أراضى الدولة.. أين وصل هذا الملف؟ وما طبيعة التعاون مع لجنة استرداد أراضى الدولة؟


- لجنة استرداد أراضى الدولة إنجاز كبير للرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث إنها واجهت المشكلة التى عزف البعض عن مواجهتها لسنوات طويلة، فهناك مواطنون استولوا على أراضى الدولة وقاموا بزراعتها على مدار 25 عاما وكثير منها غير النشاط من زراعى إلى تجارى أو سكني، وأسست فيلات ومنتجعات وقصور، وبعضهم يريد تقنين وضعه وإعطاء الدولة حقوقها وهؤلاء تعاملنا معهم وسددوا ما يستحق للدولة وتم تقنين أوضاعهم سواء أصحاب الزراعة المستقرة المنتجة أو بعد تغيير النشاط.


وما المقصود بالزراعة المستقرة؟


- هى الزراعات المنتجة المستقرة الهادئة التى تعطى انتاجا وتنمية، وليس مجرد زراعات هيكلية الغرض منها إظهار أن الأرض للزراعة وهى فى الحقيقة لأهداف أخري، لذا قامت لجنة استرداد أراضى الدولة بتشكيل لجنة رباعية لتقييم هذه الزراعات، وتم وضع شروط موحدة لتقنين الأوضاع بمعرفة المحافظين بهدف حل مشاكل وضع اليد والانتهاء منها لتحقيق الاستقرار فى القطاع الزراعى، وضخ الاستثمارات اللازمة للنهوض به.


المعاينة على الطبيعة


وماذا عن شروط التقنين؟


- تقنين وضع اليد للزراعات الجادة سيكون وفقا لأحكام القانون وثبوت بالمعاينة على الطبيعة أنها مزروعة زراعات جادة باستخدام طرق الرى الحديثة حفاظا على مياه الرى، وذلك وفقا للأسعار التى يتم تحديدها بمعرفة اللجنة العليا لتثمين أراضى الدولة، وذلك بهدف تحصيل مستحقات الدولة، وتتمثل ضوابط تقنين واضعى اليد سواء للأفراد أو الشركات فى عدم وجود أى نزاع على الأرض مع أى من الجهات أو الأفراد، وأن تكون الأرض مزروعة بصورة جادة.


 وكم عدد العقود التى تم توقيعها خلال المرحلة الماضية؟


- منذ أن تم تكليفى قبل شهرين، تم توقيع 148 عقدا، ثلاثة خلال شهر نوفمبر، و145 عقدا خلال الشهر الماضي.


 وأين مزادات «حق الشعب»؟ ولماذا لم تعقد خلال الفترة الماضية بعد أن كانت تتم بشكل دوري؟


هناك بعض المعوقات التى تواجه هذه المزادات من الجشعين المخالفين للقانون وهم الذين استولوا على أراضى الدولة قبل أن تستردها منها، إلا أننى أقول لهم إن الدولة ليست ضعيفة وسنحصل على كل حقوق الدولة وسنكون لهم بالمرصاد، حيث يقوم هؤلاء بمنع المستحقين الجدد للأراضى الذين اشتروها عن طريق المزادات من استلام أراضيهم، كما أنهم يقومون بتهديدهم، وسيتم اتخاذ كل الإجراءات القانونية ضدهم من أجل تمكين ملاك الأراضى الجدد منها، كما أنهم يحاولون أن يسوقوا بأن هذه المزادات لا قيمة لها حتى لا يكون هناك إقبال عليها من قبل المواطنين، وللأسف نجحوا فى ذلك فى بعض المزادات حيث لم يتقدم لها العدد المناسب، ونحن حصرنا كل هذه الأسماء المخالفة وأعددنا بهم قائمة سوداء وأبلغنا الجهات الرقابية بأسمائهم لاتخاذ الإجراءات اللازمة معهم لأنهم يحاولون لى ذراع الدولة إلا أن ذلك لا يمكن أن يحدث على الإطلاق.


وماذا عن المستثمرين الجادين؟


- كل مستثمر جاد عليه التقدم فورا إلى الهيئة وسيجد كل أشكال التعاون وتسهيل الإجراءات فى إنتظاره، حيث إن هناك مستثمرين يعانون من مشكلات مع الهيئة منذ أكثر من 20 عاما لدرجة أنه يأس من حلها، وتم حل هذه المشكلات مؤخرا ودفعوا ما عليهم.


غير صحيح


لكن بعض المستثمرين يتحدثون عن سداد المستحقات بالكامل ولم يحصلوا على الأرض حتى الآن.. ما ردك؟ وما السبب؟


- هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، بل إن كل من يقوم بسداد مستحقات الدولة يتم استكمال كافة الإجراءات القانونية الخاصة به طبقا للقواعد والقوانين المنظمة لعمل الهيئة.


 هل تمتلك الهيئة حصرا بالأراضى التى ستخضع للتقنين وقيمتها المادية؟


للأسف قاعدة البيانات الخاصة بالهيئة منهارة جدا، ولا يمكن حصر للأراضى المعتدى عليها، ولا الأراضى التى كانت موجودة بالهيئة وفقا لقوانين سابقة وخرجت من ولاية الهيئة، ولا حجم التصرفات التى قامت بها الهيئة على أراضيها، ونحن الآن نضع أسسا لهذه القاعدة على أن يتم إنجازها فى أسرع وقت ممكن.


 مخالفات طريقى القاهرة الإسكندرية والقاهرة الإسماعيلية الصحراوى يحتوى على مخالفات بالمليارت والبعض يرى أنه من الصعب استردادها بسبب وضع المسيطرين عليها والذين يطلق عليهم البعض «حيتان»..

ما رأيك؟


- هؤلاء الحيتان تعاملنا معهم بشكل مباشر، ولا يوجد «حوت» على الدولة وإنما هؤلاء «حيتان» على أنفسهم، فنحن لا نفرق بين المواطن البسيط ولا غيره، القانون يسرى على الكل، الكل له حقوق وعليه واجبات، وطالما تطالب بحقوقك فيجب أن تنفذ ما عليك من واجبات مهما كنت ومهما كان وضعك فى المجتمع، وهذا هو المبدأ الذى نتعامل به مع الجميع، ويتم الآن حصر كافة المخالفات على الطرق الصحراوية بشكل دقيق جدا، حيث تقوم اللجنة المسئولة عن ذلك بـ»كنس» هذه الطرق لمعاينة وضع الجميع على الطبيعة وما يمتلكونه من عقود ومساحة وضع اليد لديه والمساحات التى تم تغيير نشاطها.


وماذا عن الذين حولوا الأراضى الزراعية إلى قصور وفيلات ومنتجعات فى هذه الطرق؟ وهل سيتم هدم هذه المباني؟


- هناك تعليمات واضحة بتقنين وضع اليد المستقر، أى أن كل ما هو منشأ وحصل على كل الخدمات والمرافق سيدفع مستحقات الدولة كاملة، وإذا رفض الدفع وتعنت فهناك إطار قانونى للتعامل معه، فنحن نرفض إزالة مساحات زراعية مستقرة لأنها ثروة يجب الحفاظ عليها وبالتالى لن نزيل الزراعات المثمرة المنتجة وسنقنن وضعه، أما فى حالة الرفض الكامل لسداد مستحقات الدولة يتم تحويله فورا إلى قاضى التحقيق وبالتالى منعه من السفر والتحفظ على جميع ممتلكاته.  


مشروعات التعمير


  وهل نجح قرار تفويض المحافظين بتقنين وضع أراضى اليد فى تحقيق أهدافه؟


نعم وقد تم إرسال خطابات رسمية من قبل وزير الزراعة إلى المحافظين لإعلامهم بصدور القرار، وتضمن الخطاب ضرورة قيام المحافظة بموافاة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بنسخة أصل من العقود الصادرة بناء على هذا التفويض تباعا ومرفق بها إحداثيات بالمساحة.