عشش «الأباجية» تحت رحمة صخور جبل المقطم |صور

 عشش الأباجية
 عشش الأباجية

رغم إدراج منطقة الأباجية التابعة لحى الخليفة ضمن المناطق غير الآمنة والمهددة لحياة السكان بها، لم يتحرك أحد من المسئولين بمحافظة القاهرة أو وزارة الإسكان لإنقاذ حياة أهالى منطقة الأباجية من كارثة محتملة على غرار كارثة الدويقة عام 2008، حين سقطت صخور جبل المقطم على العشش الموجودة أسفلها، كما تنتشر بالمنطقة العشوائيات والعشش  والصفيح، وهناك من السكان من يقيم بالمقابر، كما ترك بعض السكان منازلهم كونها آيلة للسقوط.

كارثة محتملة لعشش الأباجية

عشش هزيلة تقع أسفل جبل المقطم، بعضها مقام داخل ثغور الجبل، ذلك الجبل الذي يتكرر انهيار صخوره باستمرار بفعل عوامل التعرية والأمطار والرياح، وقيام الأهالى المقيمين أعلاه وداخله بصرف مياه الصرف الصحى بالجبل ما يؤدى الى تآكل صخوره، ومن ثم إنهيارها على السكان، ووفق آراء الجيولوجيون أنه سُمى بالمقطم من "التَقطم" أى تكرار انهيار صخوره المكونة من طبقات رسوبية عبر الزمان فتجد طبقة من الطمى تعلوها طبقة صخرية تعلوها طبقة رمال وهكذا .

فى البداية يقول عبد الحكيم عابدين، 45 عام " الأهالى ساكنين تحت الجبل من سنين طويلة ، والجبل مهدد أنه ينهار عليهم في أى وقت، والناس هنا طفحت المرار، وإحنا عايشين ميتين، ومحدش سأل فينا من المسئولين وعاوزين حد ينقذنا من الجبل" .

وقالت بثينة محمود ، 48 عام " إحنا إتولدنا هنا في الجبل وشكلنا هنموت فيه، ومش مكتوب لنا نعيش حياة البنى آدمين زي باقى الناس، ومصيرنا هيكون زى مصير أهالى الدويقة اللى وقع عليهم الجبل" .


وأشار متولى إبراهيم 52 عام، الى أن سكان العشش داخل الجبل يقومون بصعود ونزول ما يزيد عن 100 درجة سلم لملء المياه لأغراض الشرب والغسيل، حيث لا تصعد المياه إليهم كونها ضعيفة والجبل مرتفع .

وأتفق عباس محمود قائلا " فى شهر رمضان بنقضي النهار نملأ خزانات المياه ونصعد بها الجبل حتى نوفر المياه للأسر الخاصة بنا، وده بيسبب تعب وشقاء لنا كبير في الصيام" .

سكان المقابر : "عاوزين الحكومة تعوضنا بشقق"

على الجانب الآخر من سكان العشش الذين يعيشون أسفل الجبل وداخله وأعلاه ، تجد سكان المقابر الذين اتخذوا من القبور مأوى لهم ويعيشون وسط الأموات، ويطل عليهم جبل المقطم بصخوره الشاهقة مهددا بإنهاء حياتهم فى لمح البصر، تجدهم بملابسهم الرثة القديمة، وأطفالهم ونسائهم الى يبدو عليها الفقر والبؤس.

عمر السيد، الشاب العشرينى الذي بدا حاملا سلاحا ناريا "طبنجة" يقوم بفكها وعمل صيانة لأجزائها داخل المقابر، التقت به " بوابة أخبار اليوم" حيث رفض التصوير وبدأ كلامه "إحنا ملناش تمن في البلد دي، وأنا هنا بلقط رزقى فى حتة سلاح أبيعها أكسب من وراها قرشين تمن دخانى ومصاريف جيبى" .

وذكر عبد الوهاب متولى، 33 عام " الإيجارات الجديدة مرتفعة الثمن وسكان المقابر محدش منهم يقدر يتأجر حتى أوضة، هما عايشين في المقبرة بـ50 جنيه فى الشهر، ومنهم ناس عايشة ببلاش، وبيطلعوا الصبح على رزقهم ويرجعوا آخر اليوم لعيالهم، والناس تعبت من الفقر والإهمال ومحدش سأل فينا " .

وطالب عبد الوهاب المسئولين بإنقاذ الأهالى من الموت تحت جبل المقطم قائلا "الجبل لو وقع علينا هيطحنا طحن، وبالليل بسمع صوت اهتزاز الصخور مع الرياح ".

تكرار انقطاع مياه الشرب 

واشتكى أهالى منطقة الأباجية من تكرار انقطاع مياه الشرب بالمنطقة حيث تأتى المياه ليلاً وتستمر حتى الساعة السادسة صباحا لتنقطع طوال النهار، وقال أحمد عبد الله، 26 عام " المياه بتيجى بالليل وتغيب النهار كله، والأهالى بيملوا مخزون لهم علشان يعرفوا يعيشوا، والمياه بتيجى ضعيفة جدا فى الأباجية ومبتوصلش للدور التانى والتالت " .

وأوضح محسن إسماعيل، 29 عام " تقدمنا بشكاوى للحى وشركة المياه والمحافظة ومفيش فايدة الميه بتقطع باليومين والثلاثة ومش بتيجى، ودايما بيحصل كسور في خطوط المياه.

منازل آيلة للسقوط

ربما يكون القاسم المشترك لمنطقة الأباجية هو انتشار المنازل الآيلة للسقوط فى مختلف أنحائها وشوارعها، منازل بُنيت بالطوب اللبن، عفا عليها الزمان وتهدمت، ليتركها أصحابها ناجين بأرواحهم وأنفسهم ليقيموا في المقابر أو فى عشش الصفيح، أما من لم يسقط منزله فقام بغلقه وتركه خوفا من الكارثة المحتملة بسقوطه على أولاده.

قال عبد الحكيم عابدين، 45 عام " الأباجية ناس كتير منها بتطفش وتعزل علشان البيوت بتقع على أصحابها، لأنها منازل قديمة مش مبنية بالأسمنت المسلح، وإذا كان منها مبنى بالأسمنت المسلح لكن ملوش أعمدة يتسند عليها علشان كدا الناس طفشت منها " .

انتشار السرقات وتجارة المخدرات

واشتكى العديد من أهالى الأباجية من تكرار سرقة بطاريات السيارات بالجراج، وذلك من قبل بعض البلطجية كي يقوموا بشراء المخدرات وبيعها وتعاطيها.
وقال عبد الحكيم عابدين ، 45 عام " المنطقة فيها بلطجية وحرامية بيسرقوا بطاريات العربيات ويبيعوها علشان يشتروا بنجوا وحشيش يشربوه بالليل ويتاجروا فيه ، والناس معندهاش مكان تركن فيه غير الجراج لأن الشوارع ضيقة ومقفولة " .

وذكر أيمن عبد الرحيم، سائق سيارة " بطارية العربية إتسرقت وبلغت قسم الشرطة ومعملش حاجة، والبلطجية بالمنطقة محدش عارف يكلمهم وواخدين كل حاجة بالدراع والعافية ".

أسر كاملة تعيش داخل غرفة واحدة

أسر كاملة تبلغ 7 أفراد تعيش داخل غرفة واحدة ، حيث ينقسم المنزل الى غرف متجاورة يبلغ إيجار الغرفة الواحدة 80 جنيه أو 100 جنيه حسب حالتها ، الغرفة تراها مظلمة وضيقة وقد إنتشرت الرطوبة في أنحائها وتساقط الدهان والجير من عليها ، ويستخدم سكان الغرف المتجاورة جميعا حمام مشترك بالمنزل .

 تكوم الأهالى ومعهم أطفالهم فوق بعضهم البعض على حصير من البلاستيك مفروش على أرضية من الأسمنت لتنهش الرطوبة في عظام سكانها، حيث يجتمع في غرفة واحدة الأخوات من الأولاد والبنات الذين بلغوا سن المراهقة، وكان ينبغى فصلهم في المبيت وفق السنة المحمدية .

وقالت بخيتة إبراهيم، ربة منزل "الايجارات الجديدة غالية ، وإحنا إتولدنا في الأباجية ومنقدرش نطلع منها، والناس هنا فقيرة وعاوزة مكان يلمها أحسن من سكن العشش والصفيح والمقابر ورزقنا ارتبط بالمنطقة فمثلا أنا ببيع عيش وجارتى بتبيع ذرة مشوى وهكذا" .