حسن روحاني «المعتدل» ضحية «إرث الخميني» المتشدد

الرئيس الإيراني حسن روحاني
الرئيس الإيراني حسن روحاني

«الموت للديكتاتور» ، «الموت لحسن روحاني» بهذه العبارات الصادمة بدت الأمواج تعصف بحكم الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي أُعيد انتخابه في السابع عشر من شهر مايو الماضي لولايةٍ رئاسيةٍ ثانيةٍ على رأس السلطة في الجمهورية الإسلامية.

احتجاجاتٌ شعبيةٌ ضربت الجمهورية الإيرانية امتدت لليوم الثالث على التوالي للتنديد بالأوضاع الاقتصادية المتردية إلى جانب ارتفاع الأسعار وتفشي البطالة وارتفاعها لمعدلاتٍ عليا في إيران.

الرئيس السابع للجمهورية الإيرانية لم يشفع له نهجه الوسطي لتجنب موجة الغضب التي اجتاحت البلاد ضد سياساتٍ متبعةٍ وممنهجةٍ من قبل السلطات هناك على مدار ما يناهز الأربع عقود من الزمن منذ الإطاحة بنظام الشاه محمد رضا بهلول خلال الثورة الإسلامية التي طلت في الحادي عشر من فبراير عام 1979.

هجومه على التيار المحافظ

وقبل أشهرٍ قليلةٍ، كان حسن روحاني، الرئيس المنتهية ولايته والساعي لولايةٍ ثانيةٍ، ساخطًا على التيار المحافظ الأصولي في بلاده والذي كان يدفع بالمرشح إبراهيم رئيسي لإزاحة روحاني من منصب الرئيس، ليكون تصريح روحاني الأقوى حينها "هؤلاء الذين يحكمون منذ 38 عامًا عليهم أن يبتعدوا عن المشهد كفاهم كل هذه الأعوام التي قيدوا فيها حرية الإيرانيين، وأوصلوهم إلى أوضاعٍ سيئةٍ، في إشارةٍ واضحةٍ من روحاني لعبثية نظام حكم ولاية الفقيه المتبعة في إيران.

بيد أن سيطرة الحرس الثوري الإيراني التابع لسلطة المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي وحاشيته الذي يحكمون قبضتهم على مقاليد الأمور ومفاصل الدولة الإيرانية، حال دون ذلك فذهبت برامجه الانتخابية أدراج الرياح، وظلت الجمهورية الإيرانية ،وفق محللين سياسيين، تعاني من قمعٍ للحريات ظل مستمرًا في ظل حكمٍ شموليٍ لا يسمح بإعطاء مساحة للتعبير عن الرأي بحريةٍ دون قيدٍ يكبلها.

غضب ضد النظام بأكمله

المتظاهرون الذين أخذوا روحاني في غمرة غضبهم، كان المرشد الإيراني علي خامنئي ونظامه الملالي في طليعة الغضب الشعبي الذي عبر عنه آلاف المحتجين في أنحاء العاصمة طهران ومدنٍ أخرى، فصور المرشد الإيراني أُزيلت في عديد الميادين واستُبدلت بعبارة "الموت لخامئني" التي بدت تطوف أرجاء طهران وما حولها.

خمسة أشخاصٍ لقوا حتفهم وأصُيب آخرون بجروحٍ، حصيلةٌ أكدها المجلس القومي للمقاومة الإيرانية المعارض تثقل بالتأكيد كاهل النظام الإيراني في مواجهة التحديات التي يرفعها المتظاهرون في إيران، والتي واجهتها السلطات باستخدام العنف إضافةً إلى تظاهراتٍ أخرى في الاتجاه المضاد مؤيدة لحكم خامئني.

هذا النظام الذي بدا فيه روحاني عاجزًا في ظل سلطة المرشد الإيراني عليه، والتي يكفلها له الدستور الإيراني، فجعلت من روحاني رجلًا ثانيًا في الدولة الإيرانية، غير متمكنٍ من تطبيق مشروعه الانتخابي، ليكون الضجر والامتعاض من نصيبه هو الآخر مثله مثل المرشد الإيراني ورئيس مجلس الشوري الإيراني علي لاريجاني، الذي طالبه المحتجون بالتنحي عن منصبه وترك الحكومة.

حكومة بلا نساء كالمعتاد

وخلف روحاني محمود أحمدي نجاد ،المنتمي للتيار المحافظ، عام 2013، بتطلعاتٍ نحو الحرية بعد والانفتاح في الجمهورية الإسلامية، غير أن البرنامج الانفتاحي للرئيس الإيراني لم يتحقق منه شيئًا في هذه النقطة بالتحديد، حتى بعد فوزه بولايةٍ ثانيةٍ.

فقد خلت تشكيل الحكومة الإيرانية من تواجد أية عناصر نسائية رغم المطالبات الحثيثة لروحاني بالإقدام على ذلك، باستثناء وزارة الصحة التي احتفظت مرضية داستجردي بمنصبها الذي تشغله منذ حقبة الرئيس السابق أحمدي نجاد، ليسير بذلك روحاني على نهج أسلافه دون أي تغيير كان يصبو إليه من انتخبوه في الجمهورية الإسلامية.

وسيكون بإمكان روحاني الترشح لولايةٍ ثالثةٍ وأخيرةٍ في الانتخابات الرئاسية المقبلة المقرة عام 2021، دون أن يكون له القدرة للبقاء في الحكم أكثر من ذلك وفقًا للدستور الإيراني الذي يقصر عدد فترات الرئاسة عند حاجز الثلاث ولايات، فهل ستمضي دفة الأمور في مراكب حكمه إلى بر الأمان في مراسيها، أم أن القدر قد يعصف بحكم روحاني دون أن يعصمه حتى من أن يكمل ولايته الثانية؟.