معجزات الفراعنة بين السماء والأرض

الخميس.. الشمس تتعامد على معبد قارون بالفيوم ومعبدي الكرنك وحتشبسوت في الأقصر

قال مجدي شاكر كبير أثريين وزارة الآثار،لـ "بوابة أخبار اليوم"، أن غدا وعند شروق شمس الواحد والعشرون من ديسمبر تتعامد الشمس على قدس أقدس معبد قارون في الفيوم لمدة خمس وعشرون دقيقة، وذلك على المقصورة الوسطى واليمنى ولا تتعامد على المقصورة اليسرى التي بها المعبود سوبك (رمزه التمساح) في الآخرة.

والمعبد يسمى باسم قارون، ولكن ليس له أي صلة بقارون الذي ورد ذكره فى القرآن الكريم بل هو معبد من العصر البطلمى مساحته ٢٨_١٩م، يتكون من صالتين تؤديان لقدس الأقداس، الذي يتكون من ثلاثة مقاصير خصصت الوسطى للمركب المقدس والأخريان لتماثيل الإله وأسفل قدس الأقداس، وحجرة الوحي كان مكرس للمعبود سوبك التمساح والمعبود اليوناني ديونيسوس رب الخمر والحب، ونظرا لقربه من بحيرة قارون سمى باسم معبد قارون.

وأضاف "شاكر"، أنه في نفس اليوم والوقت تتعامد على مقصورة قدس أقداس معبد الكرنك حيث تضيء البوابة الشرقية للمعبد والتي تقع على خط واحد مع البوابة الغربية ، وتضيء تمثالي أمون وموت وموائد القرابين من الألبستر، وكذلك تتعامد على "قدس الأقداس" معبد حتشبسوت في الدير البحري في غرب الأقصر، والذي يقع في مواجهة معبد الكرنك مباشرة.

ولكن لماذا هذا اليوم بالذات؟
هذا اليوم يرتبط بالانقلاب الشتوي وهى ظاهرة فلكية تكون فيها الشمس على أبعد درجة زاوية من مستوى خط الاستواء وتكون متعامدة على مدار الجدي ويكون فيه النهار هو أقصر نهار والليل هو أطول ليل وتكون الشمس في ذلك اليوم في أدنى ارتفاع لها ظهرا في الأفق.

حيث يتم رصد هذه الظاهرة يومي ٢١-٢٢ ديسمبر، وربما يرتبط ذلك لحدث هام للمعبود الرئيسي للمعبد الكرنك وهو آمون الذي كان يصور في هيئة كبش أو هيئة أدمية وفوق رأسه ريشتان نعام وكان من أهم المعبودات خاصة في عهد الدولة الحديثة.

وكل ذلك يثبت ويؤكد أن أجدادنا المصريين القدماء كانوا على دراية كاملة بحركة الشمس الظاهرية حول الأرض ورصدوا وسجلوا كل ذلك وكانوا يشيدون معابدهم فى مواجهة الشمس.

وكان لعلم الفلك مكانة هامة حيث كانت عندهم المراصد الفلكية لرصد الشمس والنجوم لرصد الفيضان الذي كان محور حياتهم وكان عندهم مرصد هام فى مدنية أون(المطرية وعين شمس)وكان هناك كاهن يسمى كبير الرائيين والناظرين للسماء وندعو للترويج لسياحة الفلك والعمارة.

وأوضح شاكر، كيف توصل المصري القديم بوسائله البسيطة لحساب المواسم والفصول والفيضان ورصد نجم الشعري اليمانية الذي يبشر ظهوره ببدء الفيضان وكان يعتقد أن أرواح الملوك تتحد بعد الموت مع هذه النجوم وسجل الأبراج السماوية على أسقف معابدهم ومقابرهم.

معجزات الفراعنة بين السماء والأرض من خلال تعامد الشمس على "قدس أقداس الإله آمون "

ومن جانب أخر قال الأستاذ مصطفى حشاد متخصص في التاريخ المصري وموجه عام بوزارة التعليم سابقا ،إن الظاهرة الفلكية،ينتظرها العالم مرتين في العام الواحد، لتعلن بدء فصل الشتاء ،وبدء فصل الصيف ، بتعامد أشعة الشمس على معابد فرعونية، والتي جاء موعدها، صباح يوم الخميس21 ديسمبر ، بتعامد أشعة الشمس على قدس أقداس الإله آمون، وسط معابد الكرنك الفرعونية الشهيرة بشرق المدينة، وفي التوقيت ذاته، كما تعامدت على معبد قصر قارون بالفيوم.

وأضاف حشاد أن تعامد أشعة الشمس على المعابد الفرعونية ليس صدفة أبدًا"، حيث تتعامد أشعة الشمس على معابد "أبوسمبل، الكرنك، حتشبسوت، وقصر قارون"، وغيرها من المعابد الفرعونية القديمة.

وأوضح حشاد ،أن تعامد الشمس علي قدس الأقداس بمعبد الكرنك يوم ٢١ ديسمبر وهو يوم الانقلاب الشتوي في شمال الأرض وهو يعادل الصيفي في النصف الجنوبي وفي عوده الشمس من مدار الجدي جنوبا إلي مدار السرطان شمالا.

وأضاف حشاد ، أنه يكرر هذا التعامد في نفس المكان يوم ٢١ يونيه من نفس العام ،وهذا الارتباط بين الهندسة المعمارية الفرعونية وبين الفلك في المجموعة الشمسية ،حيث كان العالم كله يجهل دوران الأرض حول الشمس وأن الشمس في مركز مدارات الكواكب هكذا يعتبر من المعجزات الفراعنة بين السماء والأرض.

ورغم انتظار العالم لهذا الحدث، أكد حشاد ،أنها ليست "إعجاز"، لكنها "برهان" على الدراية الكاملة لقدماء المصريين بعلوم الفلك، وبخاصة حركة الشمس الظاهرية في السماء، وهي في مضمونها تعتمد على أن الشمس في شروقها وغروبها تمر على كل نقطة خلال مسارها مرتين في السنة، وبذلك يكون التعامد على مكان بعينه عند شروق الشمس.