حقنة هـوا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
جريمة تبرأ منها الشيطان، وتبكي لها الفضيلة وتنعاها المروءة، لم تتذكر الابنة وأبيها لأمها صنيعًا طيبًا أو معروفًا؛ حيث سطر جريمتهما بعقل هائم ومداد قاتم.


حرصت الأم على تأمين مستقبل أبنائها وتحفظت على كمية كبيرة من الذهب وعمارة شاهقة ورثتهما عن أمها، بينما ملأ الأب الجشع والطمع، وأصبح يعتمد عليها في كل احتياجات الأبناء والمنزل من طعام وشراب، مما أثار فضيلة الأم، ودائمًا كان يحدث خلافات بينهما بعد أن أيقنت بطمع الزوج، وعدم تحمله المسئولية، وفي أحد الأيام تقدم أحد الشباب لخطبة الابنة، وبنظرة ثاقبة وقلب الأم رفضت هذه الخطبة بعدما أيقنت بأن الشاب فقير ولا يقدر على تحمل مسئولية الزواج وطامعًا أيضًا في أموال الابنة التي سترثها بعد وفاة أمها.


اشتاطت الفتاة غيظًا من الأم رغم تقديم النصائح لها وضربت لها مثالًا؛ حيث أنها عارضت أهلها وهددتهم بالانتحار إن لم تتزوج والد الفتاة الذي كان لا يمتلك من حطام الدنيا غير راتبه.


وفي جلسة مع الشيطان نجح الأب في السيطرة على عقل ابنته، ورسمها لها الحياة مع عريس المستقبل وموافقته على الزواج منه، ولكن يجب التخلص من الأم التي تقف أمامهما كحجر عثرة، وحرمانها وأشقائها من حياة الغنى والترف.


سال لعاب الفتاة، وراود مخيلتها بريق الذهب ونصيبها من العمارة الشاهقة، لم تراودها نفسها ولو لبرهة، واتفقت والأب على التخلص من الأم لكن دون أن يتركا دليلًا واحدًا، وكانت كلمة السر "حقنة هوا".


توجهت الفتاة بقلب قاسي، وأيقظت الأم من نومها؛ حيث ميعاد حقنة الأنسولين التي اعتادت أن تحقنها بها، استسلمت الأم للشيطانة الصغيرة وشمرت عن ذراعها بطمأنينة ودعوات يشوبها حب وشكر، ولم تكن تعلم بأنها وقعت ضحية لطمع ابنتها وأبيها، وما إن وخزتها، انعقد لسانها عن الكلام، وتحشرجت الكلمات من بين ثنايا فمها، وجحظت عيناها؛ حيث يسري الهواء ناعمًا وقاتلًا في آن واحد، وتغير ميزان دقات قلبها، وأصيبت بهبوط حاد.


ورقدت ولم تحرك ساكنًا، عادت الفتاة للاطمئنان عليها، وما إن وقعت عيناها على خيوط الدماء التي تنساب من فم الأم، هرولت مسرعة تطلب الإسعاف؛ لكن بعد فوات الأوان؛ حيث توفيت الأم متأثرة بجراحها.


اقترب الأب الجاحد من الابنة يخبرها بصوت شيطاني بأنها فعلت ما كان يجب أن يكون، فالأم كانت مريضة بالسكر، والضغط وأنها اراحتها من عذا المرض.


كان قسم شرطة السلام تلقى بلاغًا يفيد بمقتل سيدة عن طريق حقنها بحقنة هواء، وبعمل التحريات تبين أن الأب وابنته وراء مقتلها.


اعترفت الفتاة بصحة الواقعة وتم تحرير المحضر اللازم، وأحيلا إلى النيابة التي تولت التحقيق.