نفق مظلم بانتظار الأزمة السورية.. ومصير الأسد المعضلة الكبرى

الرئيس السوري بشار الأسد
الرئيس السوري بشار الأسد
"لا جديد يذكر ولا قديم يعاد" قد يكون هذا هو العنوان الأبرز للجولة الثامنة من مباحثات جنيف حول تسوية الأزمة السورية، والتي ترعاها الأمم المتحدة في مقرها هناك.

المبعوث الأممي الخاص لدى الأزمة السورية ،ستيفان دي ميستورا، اعترف بفشل هذه الجولة من المفاوضات، مبديًا أسفه من ضياع ما اعتبره فرصةً ذهبيةً لتسوية الأزمة السورية، ملقيًا باللوم على وفد الحكومة السورية الذي قال في حقه إنه لم يرغب حقيقةً في الحوار، ولم يتباحث للأسف إلا في موضوعٍ واحدٍ ألا وهو الإرهاب.

رد رئيس وفد الحكومة السورية بشار الجعفري على تصريحاته دي ميستورا جاءت لتحمل بين طياتها هجومًا على المبعوث الأممي، الذي اعتبر تصريحاته الموجهة ضد دمشق وحديثه عن النفوذ الروسي في المباحثات تقوض من مصداقيته كوسيطٍ دوليٍ يسعى لإيجاد حلٍ للأزمة السورية.

دي ميستورا طالب من جهته موسكو بالتدخل لإقناع الحكومة السورية والمتمثلة في الرئيس بشار الأسد باغتنام الفرصة والتوصل لاتفاق سلامٍ ينهي الحرب الدائرة في سوريا منذ أكثر من ست سنوات، محذرًا من أن فشل المفاوضات سيؤدي إلى تفتت سوريا ،حسب قوله.

مصير الأسد أكبر الأزمات
ويعتبر مصير الرئيس السوري بشار الأسد معضلةً كبرى، حيث يصر وفد المعارضة السورية بزعامة ناصر الحريري على تنحي الأسد قبل البدء في مرحلة انتقالية جديدة في سوريا، في حين يصر وفد الحكومة السورية على ضرورة تخلي المعارضة عن مطلب تنحي الأسد كشرطٍ لبداية مرحلة انتقالية جديدة في سوريا.
واُنتخب بشار الأسد رئيسًا لسوريا لولايةٍ ثالثةٍ مدتها سبع سنوات (مدة فترة الرئاسة في سوريا) عام 2014، وتنتهي ولايته عام 2021، ووفقًا لتعديلاتٍ دستوريةٍ أجرتها دمشق في محاولةٍ لامتصاص الاحتجاجات الشعبية المناهضة للرئيس السوري فإن بشار على الأرجح لن يتمكن من الترشح لولايةٍ رابعةٍ بعدما تم قصر عدد فترات الرئاسة عند حد الولايتين.

اتهامات متبادلة
ويتهم بشار الجعفري المعارضة السورية ، المدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة و المملكة العربية السعودية ، بتبني هذا الموقف بغرض إفشال عملية التفاوض خلاف دمشق التي لا تريد فشل هذه العملية السياسية ،حسب رأيه، مؤكدًا أن وفد الحكومة لن يمضي قدمًا في محادثات السلام إلا بعد أن يلغي وفد المعارضة بيان الرياض، معتبرًا أن من صاغ هذا البيان قصد تلغييم مسار جنيف.
و كان ممثلو المعارضة السورية قد اجتمعوا في العاصمة السعودية الرياض شهر نوفمبر الماضي، وأصدروا بيانًا في الثالث و العشرين منه شددوا خلاله على ضرورة رحيل بشار الأسد عن الحكم قبل البدء في مرحلةٍ انتقاليةٍ، وألا يكمل الأسد فترته الرئاسية الحالية التي تنتهي في 2021.
وأبدت واشنطن في الأونة الأخيرة مرونةً في مسألة بقاء الأسد إلى حين انتهاء مدته، بعدما كانت تتشدد من مسألة استمراره في الحكم، وهو الأمر الذي كان يخرج على لسان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون والذي تحدث أكثر من مرة على أنه لا مستقبل للأسد و لا لأسرته في حكم سوريا، وهي التصريحات التي لقت تهكمًا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تيلرسون الذي قال في شهر يوليو الماضي إن تيلرسون ليس مواطنًا سوريًا لكي يقرر مصير سوريا.

تنديد فرنسي
و بعيدًا عن التراشق بين الحكومة السورية و معارضيها، وُجهت أسهم الانتقاد صوب الحكومة السورية بالسعي لإفشال مباحثات السلام بجنيف، فقد اتهم مندوب فرنسا الدائم لدى مجلس الأمن ،جيرار أرو، دمشق بأنها المسؤولة عن إفشال مباحثات جنيف، متهمًا إياها أيضًا بارتكاب جرائم إبادة جماعية في الغوطة الشرقية خلال استخدام الحصار كسلاحٍ للحرب ،حسب قوله.
من جهته، يرى رئيس وفد المعارضة إلى جنيف، ناصر الحريري، أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد عرقلت المفاوضات ورفضت جميع المباحثات كما أن هناك ضغوطاً من روسيا، وهو ما يعرقل محادثات جنيف، حسب رأيه.
وتتهم المعارضة السورية روسيا بالسعي لإفشال مباحثات جنيف بغية تحويل دفة المباحثات من جنيف إلى منصة سوتشي الروسية، في وقتٍ ترفض المعارضة السورية الجلوس مع النظام السوري في أي محادثاتٍ بعيدةً عن الأمم المتحدة.
جولةٌ جديدةٌ من مباحثات جنيف لم تفضِ بالجديد، و لا تزال القضية السورية معلقةً بين جولاتها التي بلغت مرحلتها الثامنة، في انتظار حلٍ ينهي الصراع في الأراضي السورية قبل أن تدخل الأمور هناك النفق المظلم.