"طاحونة القصر" بواحة الداخلة شاهد على العصر العثماني "من زمن فات"

 طاحونة القصر بواحة الداخله
طاحونة القصر بواحة الداخله
لم تكن عملية طحن الحبوب والغلال في محافظة الوادي الجديد مجرد لحظات عابرة تمر على الفلاحين، بل كانت مشاهد يومية يعيشها هؤلاء، سواء كانوا رجالا أو نساء منذ شروق الشمس وحتى غروبها، خاصة، بعد مواسم جني المحاصيل كالقمح أو الذرة أو الشعير ليحصلوا على قوتهم الذي يؤمن لهم معيشتهم طوال العام.


وفي قرية القصر الإسلامية بمدينة الداخلة مازالت طاحونة الغلال موجودة حتى الآن وبفضل جهود وزارة الآثار تم الحفاظ عليها هي ومجموعات أخري كثيرة من الآلات والمعدات التي استخدمها المصرين في عهد الدولة العثمانية منذ القرن العاشر الهجري.
 
ويقول الشاعر مصطفي معاذ، انه فيما  يخص طاحونة "القصر"، فعلى الرغم من أنها أقدم الطواحين، فإنها ما زالت باقية حتى الآن بعدما رممها المجلس الأعلى للآثار، لتعود إلى حالتها الأولى وتكون شاهدا على حقبة زمنية، وتحكي لنا عن حقب عاشها من كانوا قبلنا.


الطاحونة شهدت أجواء خاصة، فهي شاهده علي العصر وتحمل بين جنباتها سطور وحكايات ومواقف تبدأ عند مطلع النهار وتغيب مع غياب الشمس، وعلى امتداد عقود، كان رجال ونساء يحملون أكياس الحبوب على دوابهم يوميا مع شروق الشمس ليستقبلهم الطحان أمام الواجهة الرئيسية للطاحونة، لبدا أعمال الطحين للحبوب.


وأشار "معاذ" إلى أنه يوجد في الطاحونة مداران، أحدهما شرقي، والآخر غربي، وكل مدار مكون من حجر مستدير فيه فتحة وسطيه، أسفل قاعدة ثابتة ذات حافة بارزة لحجز الحجر المستدير، وفتحة أخرى لصب الدقيق، والحجر العلوي مثبت من أسفله بعجلة صغيرة تتصل بدورها بعجلة كبيرة هي عبارة عن ترس من الخشب، وهذه العجلة مثبتة في قائم خشبي رأسي الوضع ومربع الشكل موضوع بمحور الترس الكبير، يدور حول نفسه وينتهي من أعلى بأصبع خشبية تدور في ثقب داخل «الجايزة»..... و«الجايزة» هي الخشبة المستعرضة التي تظهر على شكل «كمرة» خشبية تحمل أجزاء الطاحونة.


والطاحونة كانت تعمل يوميا، ما عدا يوم الجمعة الذي كان يوم العطلة الأسبوعية التي يستريح فيها الطحان من عناء عمل أسبوع متواصل، وترتاح أيضا البغال، ومن ثم تتاح الفرصة لعامل الصيانة لينجز تفريغ أحجار الطاحونة وتخليصها من الطحين والحبوب العالقة بها، مستخدما قطعة من الحديد مستطيلة الشكل مهمتها جلي الأحجار وتنظيفها. 


وكانت الأجرة في ذلك الوقت لطحن تلك الحبوب تدفع إما نقدا أو بنظام «المقايضة» عن طريق منح الطحان كمية من الحبوب التي طحنت، بعد الانتهاء من عمليات الطحن.


ويقول الشاعر مصطفي معاذ انه نادراً ما نجد مكان يحتفظ بعبق التاريخ، وشموخه الجغرافي والثقافي والتراثي والحضاري بقدر ما نراه في قرية القصر.. "عروس الداخلة" كما يطلق عليها، ومن يزور قرية القصر بمدينة الداخلة يشعر، كما لو أنه في المدينة الفاضلة التي يتخيلها الشعراء، لأن زائر مدينة القصر يجد فيها كل ما يشتهيه من جمال وهدوء وشاعرية وبيئة نظيفة خالية من التلوث وهواء نقي خالي من التلوث وآبار استشفائية وأهلها الكرام، وتتمتع قرية القصر الأثرية بأنها مازالت تحتفظ بآثار فريدة ينحني لها التاريخ.