مهمة مزدوجة لبنك اليورانيوم بكازاخستان .. التحكم بانتشار السلاح النووي ومنع وصوله للإرهابيين

سيظل السلاح النووي وفرص الحصول عليه خاصة  من جانب الكيانات الإرهابية هاجس خطير يؤرق المجتمع الدولي، لما لذلك من خطر يهدد السلم والأمن العالمي، وفي إطار التعامل مع هذا الملف بادرت كازاخستان من خلال رئيسها نور سلطان نازرباييف باقتراح لإنشاء بنك لليورانيوم منخفض التخصيب، خاصة وأن كازاخستان من اكبر منتجي اليورانيوم بالعالم، وهو ما تم بالفعل بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مما جعله الأول من نوعه عالميا، وللبنك أهمية بالغة لضمان عدم انتشار اليورانيوم المخصب لأيدي  الجماعات الإرهابية حيث يتم التعامل فيه بين الحكومات التي تسلمه لبعضها البعض، وأيضا لتشغيل المفاعلات النووية المستخدمة في  توليد الطاقة والأغراض السلمية  للدول الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي ومنها مصر التي تتخذ خطوات جديه لإنشاء مفاعلها في منطقة الضبعة.
وهذا البنك الذي دشن في شرق كازاخستان في مدينه أوسكمين  جورسك وصلت تكلفته إلي 150مليون دولار،حيث يساهم  الإتحاد الأوربي بحوالي 25 مليون يورو والكويت 10 مليون دولار و النرويج 5 مليون دولار والإمارات العربية المتحدة 10مليون دولار،و الولايات المتحدة49مليون دولار،  ومبادرة التهديد النووي  50  مليون دولار و  كازاخستان: 400.000 دولار بالإضافة إلى مصاريف احتضان ومتابعة  البنك في أراضيها.
وجاء  في إطار الدور العالمي المتزايد لكازاخستان حيث استضافه العاصمة أستانا خمس جولات من المفاوضات السورية  وجولة من المفاوضات مع إيران والمعروفة ب5+1 ،كمبادرة من الرئيس نور سلطان  بعد الأزمة بين  إيران والغرب .


رابع ترسانة نووية
ومن المعروف أن نور سلطان نازرباييف  له مبادرات عده  للتخلص من  الأسلحة النووية بالعالم منها مشروع "أتوم"الذي يهدف إلي جمع توقيعات من مختلف نشطاء العالم  والجمعيات الأهلية والمجتمع المدني المدافع عن مكافحه الانتشار النووي والشخصيات الحاصلة علي جوائز نوبل بهدف الضغط علي الدول النووية للتخلص من مخزونها النووي وتم حتى الآن جمع 300000 توقيع. 
وتحتفل كازاخستان كل عام وذلك في  29اغسطس بيوم مكافحه الانتشار النووي وهو اليوم الذي قررت فيه التخلص من المخزون النووي الذي ورثته عن  الاتحاد السوفيتي السابق، بعد الاستقلال عام 1992بعدما كانت تمتلك رابع  اكبر ترسانة نووية علي المستوي العالمي .
وقد تواكب تدشين هذا البنك الاحتفال بيوم الأمم المتحدة لمكافحة التجارب  النووية وذكري تخلي كازاخستان عن السلاح النووي ومؤتمر  "باجواش"حول المخاطر النووية الجديدة والذي عقد في إستانا ،بمشاركه  مئات  من العلماء  وخبراء عدم الانتشار النووي ونزع السلاح من جميع أنحاء العالم.
ويأتي انعقاد هذا المؤتمر بالتزامن مع تزايد الإحباط في السنوات الأخيرة، في أوساط الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة بسبب التقدم البطئ في مجال نزع السلاح النووي وتنامي القلق العالمي حول العواقب الإنسانية الكارثية الناجمة عن استخدام الأسلحة النووية. ولذلك قررت الجمعية العامة للأمم المتحدة أن تعقد، في موعد أقصاه عام 2018، مؤتمرا دوليا رفيع المستوى للأمم المتحدة يناقش قضايا نزع السلاح النووي لتحقيق التقدم على أرض الواقع في هذه المجال.


أكبر منتج لليورانيوم 
وبمناسبة تدشين البنك تم تنظيم زيارة لوفد إعلامي كبير من 22دولة منها مصر والأردن وماليزيا وأمريكا والسويد والنمسا والهند وجنوب إفريقيا وبيلاروسيا. 
و شملت زيارة هذا الوفد  هذا  البنك وذلك   قبيل افتتاحه رسميا بساعات  واللافت أن من قام بالشرح في ذات المكان الذي أقيم فيه احد المفاعلات السوفيتية القديمة خبيرة روسية تعمل في ذات المكان منذ 50 عاما في فترة الاتحاد السوفيتي السابق  ، واسمها "موردالاينولا سالايتلانا" والتي سردت من خلال المتحف الملحق بالمكان المعاناة من الآثار الخطيرة للتجارب النووية في الماضي، مشيدة بأهمية دور  هذا البنك للوصول  إلي عنصر الأمان النووي. 
وقالت إن  كازاخستان ذاقت الكثير من  مرارة  تجارب الاتحاد السوفيتي النووية وكان بها ضحايا وتلوث إشعاعي  ،كما أن آلاف الأطفال  قد ولدوا مشوهين بسبب الإشعاع النووي، مشيرة إلي انه علي  مدار أربعة عقود، شهدت المنطقة أكثر من 450 اختبارا نوويا،كما سقط آلاف الضحايا جراء التجارب النووية التي أجراها الاتحاد السوفيتي خلال نصف قرن.
وقامت موردالاينولا سلايتلانا  باستعراض تاريخ بلادها في مجال السلاح النووي وبدء تطوير هذه التكنولوجيا ،مؤكدة علي أهمية هذا البنك علي المستوي الدولي وان إنشائه كان القرار الصحيح بعدم انتشار السلاح النووي  وعدم الحاجة للقيام بتخصيب اليوررانيوم والحصول عليه مباشرة من البنك بما يساهم في تحقيق الاستقرار العالمي.
ومن جانبه قال الكسندر خودانوف مدير المبيعات ورئيس المجلس التنفيذي بالإنابة للبنك إن 15بعثة من الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد  زارت  البنك خلال مرحلة  الإنشاء للتأكد من عنصر السلامة  وفقا للاتفاقية الموقعة عام 2015بين مدير عام الوكالة ووزير خارجية كازاخستان . 
وقال إن المبني  قد أسس وفق معايير السلامة ونظام الأمن في كازاخستان والوكالة الدولية ويخضع للإشراف الكامل للوكالة ،ومحاط  بنظام امني إضافي. 
وأضاف مارك باسيت المدير التنفيذي للبنك والمسئول بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، بأن هناك إمكانيات كبيره لاستفادة مصر من هذا البنك فهي عضو في معاهده منع الانتشار النووي ولديها الرغبة في الاستفادة من الطاقة النووية السلمية.


تحديات عدم كفاية الطاقة
ومن جانبه أشاد "يوكيا  امانو" مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بجهود كازاخستان وبالتعاون القائم بينها  وبين الوكالة الدولية وما تقدمه من تسهيلات، كما وجه الشكر للدول التي مولت إنشاء البنك ليخرج للنور وهي الكويت والإمارات والنرويج وكازاخستان وأمريكا والاتحاد الأوروبي وكذلك والصين وروسيا لما قدماه من تسهيلات في نقل المعدات خلال إقليمهم.  
وقال إن امتلاك اليورانيوم المخصب وإتاحته للدول الأعضاء أمر مهم ويساعد علي  تأمين السوق ومواجهه  تحديات عدم كفاية الطاقة وتغيرات المناخ. 
وأشار إلي أن 30 دولة مهتمة بإنتاج الطاقة النووية وسيعطيها  البنك  الثقة في الحصول علي اليورانيوم، كما سيكون له إسهامات قوية لدعم خطط الطاقة بالعالم .