مسابقات الخيول أو «المرماح» كما يطلق عليها في صعيد مصر عربية خالصة وليس بها تأثيرات فرعونية مثل الألعاب والمسابقات الأخرى كلعبة التحطيب والعصي، وأتت مع القبائل العربية القادمة من شبه الجزيرة العربية للصعيد والذين أعطوا لها قوالبها المعروفة التي تسير بها حتى الآن.

وكما يقول العمدة مصطفى الأمير أحد الفرسان المشهورين فى هذا المجال من قرية العدسى مركز الزينية بمحافظة الأقصر، فقد دخلت هذه الرياضة مصر مع الفتح الإسلامي ومازالت مستمرة حتى الآن فى صعيد مصر، ويوضح لنا أن من أهم عناصر تقييم الفارس والخيل تتمثل فى أربعة فنون أولها التقطيع عند دخول الخيل إلى الحلقة أمام المزمار البلدي والرماحة والمشالاة والرقص، ولا توجد هذه العناصر فى جميع الخيول فهناك من يجمع بين العناصر الأربعة وهناك من يتميز بشئ او اثنين منهم.

أما نوبى مصطفى صاحب حصان العمدة فيخبرنا بأن أشهر مهرجانات المرماح تكون في الاحتفال بموالد العارفين بالله على رأسهم سيدي عبد الرحيم القنائى الذى وصفه بالزعيم وسيدى محمد العدسى وسيدى أبو القمصان بالقرنة الأقصر وسيدي أحمد بن إدريس وسيدي أبو الفضل الدندراوى وسيدي أحمد السنجق وهو المهرجان الذى تقيمه قبيلة الأنصار بصعايدة دشنا.

ويشير الباحث محمود الديرى إلى ان الخيل نوعان الخيل السعيد والخيل النحس تملك اعتقادات شائعة عند الصعايدة بأن «الخيل معقود بنواصيها الخير»، فهى أما تجلب الخير على الفارس وعلى أهل بيته أو تجلب الشر والتعاسة وهو اعتقاد يغذيه المعتقد الشعبى عند الصعايدة الذين يرون أن التشاؤم يكون فى كل ماهو ذات حافر من الدواب.

ويضيف الباحث بأن "المرماح" للرجال والشباب والشيوخ وكذلك لمن لم يتعد مرحلة الشباب بعد والمسابقة تكون عبارة عن شكل دائرة وكل فارس يمسك عصا مصنوعة من الزان وعلى الفارسين فى المرماح أن يسيروا على القواعد بداية من حركات «المشلاوية» اى اللف وإعطاء النقطة النقود تحية للمزمار الذى يحييهم ونهاية بخط السير المستقيم الذى سيقطعه الفارس جنب فارس وهى تكون مسافة 3 أمتار والذى يصل الأول يكون الفائز وتتم تحية حصانه قبل الفارس الذى يترجل عليه وفى المرماح لايوجد العنف وتكون الحركات الخفيفة فالمرماح اقرب إلى الرقص الايقاعى وإعطاء مظهر جمالى للفوارس أما فى نظام سباق الطارد والمطرود فالعنف هو الفيصل .

حيث يمسك فارس بسوط اى يعتبر جلادا وفارس يمسك بجريدة نخل ويعتبر معوقا لحركة الفارس ومن يمسك الجريدة يعيق صاحب السوط وفى هذه المسابقة ربما يموت احد الفارسين ولكن القتل فى سباق الخيول ليس له دية بجانب انه ليس لعائلته أو قبيلته الحق فى المطالبة بثأره فقانون الصعيد العرفى يحرم الثأر فى السباقات مهما كانت وعلى هذا العرف نسير.

وتحظى الخيل باهتمام كبير من صاحبها ولا بعد الحدود فهو ينتقى لها أفضل وأجود الأطعمة من الفول والشعير والسكر كما يهتم بنظافتها الشخصية، وعندما يموت الحصان يكفن قبل دفنه ويدفن فى بيت صاحبه، أما عند وفاة الفارس فتوسم جبهات الخيل بالطين وكأنها تشارك الفرسان الحزن على رحيل الفارس تعبيرا عن حزنهم وحدادا على موت فارس صديق.