حكاية المستشار المزيف.. وابنه أمين الشرطة

القصة التالية ليست سيناريو فيلم سينمائي إنما حادث من واقع الحياة، حيث يتمتع بطلها بذكاء خارق، وانتقاء ضحاياه بعناية شديدة، والأغرب من ذلك هو مساعدة ابنه له.
وقف صاحب السيارة باهظة الثمن بسوق السيارات بمدينة نصر يعرضها للبيع حيث فوجئ بأحد الأشخاص يقترب منه ويبدي رغبته في شراء السيارة، لكن أوضح له بأن ثمنها بالكامل غير متوفر، وبذكاء شديد نجح في خلق ود بينهما وأخرج من بين طيات ملابسه كارت شخصي يفيد بأنه يعمل مستشار بمجلس الدولة، وأنه على استعداد لتقديم أية خدمات له، وودعه بأدب شديد على أمل اللقاء مرة أخرى.
انتهى صاحب السيارة بعد أن قام ببيعها بمبلغ كبير حيث فوجئ بسعادة المستشار يحادثه تليفونيا ويهنأه على البيع بالمبلغ الذي يرضيه، سال لعاب الرجل وطلب مقابلته، وبالفعل توجه بمصاحبة شقيقه إلى إحدى الفيللات الشهيرة بمنطقة الهرم، محملا بالهدايا، وما إن وصل وشقيقه علت الدهشة وجهيهما حيث استقبلهما بودي جارد وأمين شرطة، واصطحبوهما داخل الفيلا وسط حراسة مشددة.
وبكلمات يشوبها ثقة طلبا منه أن يساعدهما في الالتحاق والتعيين بمجلس الدولة، حيث تجارة السيارات لم تحقق لهما المكسب المطلوب، وبثقة غير مسبوقة طلب منهما إحضار أوراق مصوغات التعيين لكن ذلك سيتكلف 400 ألف جنيه، وبعد إلحاح ونظرا لزيارتهم الغالية وافق على 300 ألف جنيه.
انصرف الشقيقان تراود مخيلتهما العمل بالوظيفة، ووسط الحراسة واصطحاب أمين الشرطة لهما، وكأن هاتفا جعل الشقيق يرمق لوحة أرقام  سيارة المستشار الچيب التي يغطي الفامييه زجاجها بالكامل.
تم اللقاء واستلم المبلغ المطلوب والأوراق، وأخذ الشقيقان يداومان علي الاتصال به لكن دون جدوى فهواتفه المحمولة جميعها مغلقة.
وباضطراب وذعر أسرعا إلى الفيلا التي تمت بها المقابلة ليكتشفا الفجيعة بعدما أخبرهما أحد الأشخاص بأن هذه الفيلا يتم تأجيرها وليست ملك للمستشار.
كادا أن يغشيا عليهما من هول المفاجأة، واسودت الدنيا في عيونهما بعدما باع كل ما يملكاه من سيارات ومشغولات ذهبية راحت أدراج الرياح.
لم ييأس كلا منهما، وقررا الوصول إليه مهما كلفهما ذلك حتى ولو كانت حياتهما في المقابل، توجه أحدهما إلى أحد الضباط بالمرور وروى له ما تعرضا له من المستشار النصاب، ونجحا في الحصول على مسكنه بأحد الأبراج الشاهقة بالمريوطية، واستقبلهما حارس العقار وأشار لهما بأنه يقطن بالدور الحادي عشر والجميع يعرفه وأنه مستشارا بالفعل كما أوهمهما.
طرقا الباب وفوجئا بزوجته تخبرهما بأن سعادة المستشار غير موجود، اشتدت بهما الحيرة وقررا انتظاره أسفل البرج، وسارعا بالنزول إلى الشارع جحظت عيناهما، عندما شاهدا أمين الشرطة يتحدث مع أحد الشباب بالحي، اعتقد الشقيقان بأنهما عثرا علي طوق النجاة وحل اللغز وانقضا عليه في محاولة للامساك به، وتجمع المارة والجيران الذين دافعوا عنه واتهموهما بالجنون، كيف ذلك فهو ليس أمين شرطة إنه ابن سعادة المستشار، وتمكن الابن من الهرب بمساعدة الأهالي الذين أرادوا مجاملة سعادة المستشار وإنقاذ ابنه من بين براثن الشقيقين المخدوعين.
لم يجدا سبيلا غير التوجه إلى قسم شرطة الهرم وتحرير محضر بالواقعة، وأحيل إلى النيابة التي تجري تحقيقاتها بإشراف المستشار أحمد عطية رئيس نيابة الهرم.