ننشر مسودة خطاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في الذكرى العاشرة لثورة يوليو

الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر
اختصت الدكتورة هدى عبد الناصر "بوابة أخبار اليوم" لنشر خطاب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بمناسبة مرور عشر سنوات على ثورة يوليو والذي ينشر بخط يده لأول مرة. 
وجاء خطاب الرئيس في الذكرى العاشرة للثورة شارحا بنظرة تاريخية تحليلية الأحداث التي  سبقت الثورة مرورا بأسباب قيامها  وصولا للإنجازات التي تحققت في كافة القطاعات بالأرقام.. جاء حديث الرئيس منذ عصر المماليك ومحمد علي والدولة العثمانية وثورات مصر التي أجهضها الاستعمار وفشلت بسبب الخيانة من الداخل قبل الخارج.. ولم يكتفي الرئيس بالحديث عن ثورة يوليو كفعل وقع في الماضي ولكن تحدث عنها باعتبارها منهجا قائما حتى يحدث التغيير المطلوب في المجتمع المصري.. كما تحدث عن قوة مصر فجاءت قوة الصواريخ إلى جانب حديثه عن قوة العلم والعلماء ولم يقف الرئيس جمال عبد الناصر عند ذكريات الماضي ومعطيات الحاضر بل قدم رؤيته للمستقبل أيضا وأنهى خطابه بنداء للشباب العربي يصلح لكل الأزمان، بأن لا يهتموا بكل الخلافات, لأنها من الماضي.. وطلب منهم النظر إلى المستقبل الذي هو ملك لهم لأن الأوضاع القديمة سوف تسقط.
وجاء في نص الخطاب:
أيها المواطنون: من حق كل مواطن اليوم أن يحتفل بهذا العيد.من حق كل رجل على هذه  الأرض المجيدة, صانعة الحضارة والتاريخ. من حق كل امرأة. من حق كل شيخ. من حق كل شاب. من حق هذا الجيل كله الذى واعده القدر أن يتطلع وراءه الى ما قام به من أعمال. وأن يتطلع أمامه الى ما ينتظره من مسئوليات, ثم يرفع رأسه بالعزة والثقة في النفس, والايمان بالله وبالمستقبل. ثم يمضى في طريقه الى مثله الأعلى ثابت الخطى, صافى الفكر, راضى الضمير. هذا يوم للفرح العميق, للذكريات الباكية. للأمل العريض. للمسئوليات الكبرى. لقد كنا نقول: إن هذا الجيل من شعب مصر على موعد مع القدر.واليوم نقول: إن هذا الجيل جاء في موعده مع القدر.لم تمنعه عوائق. ولم تصده عقبات. وإنما جاء في موعده تماما. ولاقى القدر. وسار به متخطيا كل الصعوبات. مجابها كل الأخطار. حتى ملك لنفسه مكانا يقدر منه ثوريا على تغيير حياتنا. وإعادة صنعها من جديد. إن هذا الجيل من شعب مصر العربي استطاع أن يحقق في عمره كل ما كانت تتطلع اليه أجيال سابقة فيه.بدا للحظات في التاريخ أن القدر يشير اليها, لكنها برغم ما بذلته من جهود, لم تستطع أن توافى القدر حيث أشار لها. في مطلع القرن التاسع عشر,
كان شعبنا بتأيثر أفكار عصر النهضة, التي شارك في صنعها قبل أن يهبط على أرضه ظلام عهد المماليك والعهد العثماني, يفور, وكأنه بدأ حركته الكبرى.لكن مطامع الدول الاستعمارية, ذلك الوقت متحالفة مع عناصر الاستغلال الطفيلية في حكم أسرة محمد على, أقعدت حركته وعرقلت خطاه.وفى أواخر القرن التاسع عشر, بدا شعبنا، بعد فترة طويلة من التأهب الثوري, على استعداد للعمل الثوري.لكن الخيانة ضربت الثورة من الخلف, ولم تصل ثورة عرابي الى حيث كانت تستطيع الوصول, لو لم تضربها الخيانة المتحالفة مع الاستعمار.وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى, تحرك شعبنا يحاول أن يمسك القدر بيده, لكن الفرصة أفلتت, حين تمكنت الرجعية المصرية المتحالفة مع المصالح الرأسمالية الأجنبية والمحلية, من تبديد طاقات ثورية عديدة, ثم استطاعت تحويل النضال الثوريالجماهيري الى مكاسب شخصية, ومغانم ومطامع.حتى جاء هذا الجيل الذى لاقى القدر في موعد معه.وارتفع الى مستوى مطالب أمته الحيوية.وفى نفس الوقت, استطاع بنجاحه أن يكلل بالنصر تاريخ النضال الشعبي لأمته, جيلا بعد جيل.ولست أشك أن أجيالا من شعبنا تتطلع الآن - من عالمها اللانهائي - فخورة معتزة  بهذا الجيل, الذى كان في تاريخ أمته طليعة ثورية, غيرت المصير تغييرا حاسما وأساسيا.كذلك فإني أثق أن أجيالا مقبلة من شعبنا, مازالت الآن في الغيب البعيد, سوف تنظر فخورة معتزة أيضا بهذا الجيل؛ الذى مكنها بقدرته على الثورة, من صنع حياة جديدة على هذه الأرض الخالدة. هذا الجيل كان طليعة ثورية في حياة أمة. 
إننا حينما نقول الطليعة الثورية, فليس ما نقصده هو مجرد الإشارة إلى مجموعة الشباب الذين خرجوا من الجيش ليلة 23 يوليو؛ ليردوا على نداء الشعب الملح من أجل التغيير.هذه المجموعات من الشباب لم تكن لتستطيع شيئا, لو لم يكن جيلها كله مستعدا لاحتمالات الثورة, إذا لم يكن جيلها كله في تاريخ أمته طليعة ثورية.الطلائع الثورية؛ هي كل الذين آمنوا بإمكانية التغيير. كل الذين طرحوا الشعارات الانهزامية السابقة؛ بأنه لا فائدة ولا أمل.كل الذين آمنوا بالمستقبل, وعملوا كل في نطاقه ايجابيا؛ لكى يتحقق.كل هؤلاء طلائع ثورية, بعضهم حتى لم نسمع باسمه.بينهم ضباط وجنود, لم تتح لهم الفرصة لكى يشتركوا في الثورة.بينهم شباب كان يعنيه أمر وطنه, ولا يقف منه موقفا سلبيا.بينهم فلاحون لم يغادروا حقولهم, ولكن ضربات فؤوسهم على الأرض السمراء, كانت تشق الطريق للتغيير الثوري. بينهم عمال لم يتركوا مصانعهم, لكن أيديهم كانت تحمل المطارق التي تهاوت أمامها كل المواقع. بينهم مجموعات من المثقفين الذين هم ثروة عظيمة هائلة لوطنهم, حافلة بالإمكانيات القادرة على خدمة قضية التغيير لصالح الجماهير, وكانت الظروف تباعد بينهم وبين حقهم في الخدمة الوطنية الحقة.كل هؤلاء طلائع ثورية. 
كل هؤلاء من الجيل الذى كان طليعة ثورية في أمته.كل هؤلاء حققوا موعد شعبهم مع القدر.كل هؤلاء راودتهم الأحلام, شدهم الأمل, دفعتهم الإرادة الصلبة الكائنة في أعماق شعبهم؛ لكى يقفوا في عناد يوم 23 يوليو, ثم يقولون في يقين:هذا بدء تاريخ جديد. ثم يحققون قولهم بعد ذلك؛ بكل الأعمال الكبيرة, بكل التضحيات الباسلة, بكل الصبر الشجاع, بكل الإصرار العنيد.وبعد عشر سنوات من ذلك اليوم العظيم, على ضوء التجربة والواقع, نقف هنا جميعا, وإذا ما قالوه ذلك اليوم حقيقة ماثلة.. لقد كان ذلك اليوم بدء تاريخ جديد.لكى ندرك أبعاد هذا التاريخ الجديد, لابد من نظرة أوسع راجعة إلى الماضي, واقفة عند الحاضر, متطلعة الى المستقبل.نتأمل العشر سنوات قبل اليوم الحاسم سنة 1952.الفترة من   42  إلى  52. ثم الفترة من 52 الى   62 الآن. ثم نمد بصرنا الى الفترة من 62 –72.هذه الفترة تقريبا هى عمر جيل؛ الفترة من 1942 الى 1972. 1942 الى 1952..ماذا وجد جيلنا؟ العالم كله يخوض معركة طاحنة في الحرب العالمية الثانية.شعوب تتقاتل مع شعوب.مصير يتقرر في ميادين القتال.ونحن .. أين كنا؟ 4 فبراير. الكتاب الأسود.الاستسلام والخنوع والسوق السوداء.بعد الحرب خرجت شعوب تقاتل, ونحن نحلم بالمفاوضات.حركة التحرير في آسيا, ونحن نتفرج ونصدر البيانات.المفاوضات.كارثة فلسطين.التقسيم.حرب 1948.ما بعد الهزيمة. الاستسلام للقصر.ثالوث الحكم؛ السفارة, الأحزاب, القصر.جيل الشباب الغاضب الثائر.
لو قلت لكم ماذا فعلت؟ كنا نشعر, وغيرى يشعرون, أننا لا نستطيع البقاء سلبيين.النشاط السرى في البلاد.انتصار الملك.البحث عن مثل أعلى دون فائدة.ولكن وجد جيلنا كثيرين. عزيز المصري مثلا. مقاومة الانجليز في القناة.منشورات الضباط الأحرار, ولجانهم.كيف السبيل الى عمل؟
يوم 22 يوليو, مثل هذا اليوم, مثل هذه الساعة منذ عشر سنوات.القصر يحكم. وزارة قصر فيها كريم ثابت.تغيرت وجاءت وزارة الهلالى, الذى كان قد سبق وبيع بمليون جنيه فى سويسرا قبلها بشهر. القاهرة المحترقة.الخزانة الخاوية بسبب المضاربات.ماذا فعلت يومها؟ ماذا كنت أشعر؟ هل كنا واثقين من النجاح؟يكفينا أن قام هذا الجيل.تطورات الحوادث.روايات.أسرار.الإنذار الانجليزي منع التجول. الأجانب.بقاء الملكية.نجاح الثورة..52  إلى 62 التطور الذى صنعته أوروبا في 300 سنه, علينا أن نصنعه في 30 سنة من غير مستعمرات.
تحت الحرب الباردة.فرصه أن لا ننظر الى الخلف في ندم.تجربة غنية.لا نلتفت الى الوراء أبدا بندم. جربنا. وأخطأنا. ونجحنا. حتى الماضي أخد كل فرصة معنا. الأحزاب. جربنا نعطى الفرصة كاملة للأحزاب. جربنا الساسة القدامى. جربنا الاتحاد القومي مع الرجعية.
اقتصاديا: جربنا الوسائل التقليدية للإصلاح.جربنا التمصير قبل التأميم.لم نترك بابا الا وطرقناه.في النهاية عندنا تجربة غنية.في المنطقة: حتى أحفاد الخونة, قلنا لا نحاسبهم بذنب أجدادهم. أعطيناهم الفرصة لكى يذوقوا حلاوة العمل في خدمة الشعب.وجدوا العمل في خدمة الاستعمار أسهل!جربنا الرجعية تمشى في الصف الوطني.ساعدنا كل الحركات التقدمية.لا يهمنا .. اتفقوا معنا, ثم شتمونا بعد ذلك.لا نريد منهم شيئا.مع الغرب. التفاوض للجلاء.. الخ.تغيرت خريطة وادى النيل سياسيا واقتصاديا, بل وجغرافيا.قبل الثورة متوسط إصلاح الأراضى2500 فدان سنويا. خلال الثورة 20 ألف فدان سنويا.
استثمارات الزراعة: قبل الثورة 3.300.000. سنة 61/62 31.790.000.
توزيع الأرض (الملكية) قبل الثورة: 2000 مالك يملكون 1.176.801 فدان. 80 ألف مالك يملكون 3.334.493 فدان ينتمون الى نفس العائلات.بالتوزيع وبالبيع تحولت ملكية 2.5 مليون فدان الى الفلاحين.قانون الإيجار.التجميع الزراعى.التعاون والائتمان.
الصناعة: 1952 استثمارات الصناعة 2 مليون جنيه. في عام 1961  وصلت 91  مليون جنيه. 1962  وصلت 110 مليون جنيه. الصناعة في الخطة خصها 574 مليون جنيه. فى عشر سنين زاد الإنتاج الصناعى من 680  مليون جنيه الى  1300 مليون جنيه.
مئات الألوف من العمال استوعبتهم الصناعة فى ظروف تجعل منهم قوة قائدة, مالكة لناتج عملها. شريكة أرباح. شريكة إدارة. مئات السلع الجديدة من انتاجنا. فلسفة الصناعة من الصاروخ  الى إبرة الخياطة. ثلاجات - بوتجازات – سيارات. أوتوبيسات - لوارى - سكك حديد. دراجات - راديو – تلفزيون. ماكينات خياطة – ورق – سماد. خشب مضغوط – بلاستيك – أدوية. السفن - الصنادل ..نصدر غزل ومنسوجات الى أمريكا.بترول – اطارات
سيارات. أثاث معدنى. أسمنت. سكر.أغذية محفوظة. رفع الكفاية الانتاجية: الانتاج الصناعى زاد بعد قوانين يوليو 61 إلى فبراير 62  9.2 بالمائة. الورق من 20 ألف طن إلى 57 ألف طن . أسمدة  من  200 ألف طن  إلى 90  ألف طن. أسمنت  من 951 ألف طن إلى 2.400 مليون. أدوية ثمنها نصف مليون إلى 5 مليون جنيه. صودا كاوية من 2 ألف طن إلى 24 ألف طن. كاوتش من  700 طن  إلى  15.700 ألف طن. حديد وصلب من 50 ألف طن إلى  370 ألف طن , بترول من 2.300 مليون جنيه إلى 4.500 مليون طن, خامات معدنية من 3 مليون جنيه إلى 9.5 مليون جنيه.  كهرباء من  900 مليون كيلوات ساعة إلى 5.250  مليار. ثمن الكهرباء 5 مليون إلى 31 مليون. مغازل قطن من 539 ألف طن 1.500  مليون, إنتاج الغزل من 50 ألف طن إلى 120 ألف طن  تصدير غزل من 529 طن إلى 21 ألف طن , إنتاج أقمشة قطنية من 220  مليون متر إلى  545 مليون طن. صادرات أقمشة قطنية من 495 طن إلى 13.400 ألف طن  , إنتاج جوت من 1600 طن إلى 15 ألف طن. الصناعات القطنية نصدر حوالي 35 ألف طن فى السنة قيمتها  50 مليون دولار. الذى نفذ من المشروعات, والذى لا يزال ينتظر إكماله خلال الشهور القليلة القادمة من الصناعة. من 52 الى 62    720 مليون جنيه. 341 مشروع صناعى اشتغلت فعلا637 ينظر الانتهاء منها.
المواصلات: تجديد 40 بالمائة من السكك الحديد. 100 مليون جنيه للنقل. خدمات السكة الحديد زادت 50 بالمائة التلفونات 300 بالمائة. السفن والكراكات محليا.
الصحة: مجموع ما صرف على الخدمات الصحية من 1882  إلى 1952 95 مليون جنيه. من 52 إلى 62  115.5 مليون جنيه.
بعد القوانين الاشتراكية: 61 /62  14  مليون للصحة. 62 /63 23.5 مليون للصحة. زيادة في سنة واحدة 70 بالمائة. المستشفيات المركزية والعامة, زادت بنسبة 135 بالمائة. مستشفيات علاج ..الرمد 128 بالمائة. الصدر 272 بالمائة المستوطنة  142 بالمائة. الأسنان 205 بالمائة. الصحة المدرسية  342 بالمائة. الأمومة والطفولة رعاية الأمومة   334 بالمائة. الأطفال  204 بالمائة. أطباء زيادة بنسبة  196 بالمائة. مساعدون فنيون 721 بالمائة. تمريض                   190 بالمائة. التعليم: صرف في عشر سنوات  453 مليون جنيه.ضعف ما أنفق على التعليم فى كل المدة من 1882 -  1952 .
التلاميذ: 1.800.000  سنة 52 إلى 3.300.000  سنة 62. أجور رجال التعليم: من 16 مليون جنيه سنة  52 إلى33.5 مليون جنيه سنة 62. التعليم الفنى: من 18  الف سنة 52 إلى 116 الف سنة 62. المدارس: تم بناء 1641 حتى سنة 1961خلاف المستأجر.
قبل الثورة - عشر سنوات - بنى فيها 55 مدرسة. الجامعات: من 4 مليون جنيه. الى 13.5  مليون جنيه. بزيادة 238 بالمائة.
معارك: الشخصية المصرية وتحديدها. الواقع العربى. الجلاء. الأحلاف .باندونج. السلاح. السد العالى. حرب السويس. الحصار. بلورة دليل وطنى للعمل. القوة والصواريخ. معنى الصواريخ  البشر. العلماء. العشر سنوات القادمة: صورة المستقبل من الخطة مضاعفة الدخل. كفاية وعدل. صورة المجتمع. 
نداء إلى الشباب في الأمة العربية.. لا يهم كل الخلافات, كل هذا ينتمى الى الماضي  ورواسبه. المستقبل ملك لكم. تقدموا.الأوضاع القديمة سوف تسقط.