"المسجد الليبرالي" يفتج جبهة جديدة للنزاع بين ألمانيا وتركيا

أزمة جديدة بين تركيا وألمانيا تضاف إلى سجل الأزمات المستمرة لما يقرب من عام؛ لكن الأزمة هذه المرة سببها غير متوقع، ألا وهو مسجد جديد مثير للجدل تم افتتاحه مؤخرا في العاصمة الألمانية (برلين)، وأطلق عليه "المسجد الليبرالي"، ولكن اسمه الفعلي  "ابن رشد ـ جوته".

الأزمة اندلعت بين البلدين عقب افتتاح المسجد منذ أسبوعين بتقاليع جديدة، فهو يُتيح الصلاة للرجال والنساء معا وفي صف واحد بمن فيهن السافرات.
كما يفتح لبمسجد أبوابه لكل الطوائف والأقليات بمن فيهم المثليين، ما أدى إلى ردود فعل وانتقادات غير مسبوقة في ألمانيا وخارجها، ومن بينها الأزهر الشريف الذي كان واضحا في رفض الفكرة التي قام عليها المسجد، مؤكدا عدم جواز الصلاة للرجال والسيدات في صف واحد.

وبعيدا عن الجدل الديني الذي أثاره الإعلان عن المسجد الجديد، جاء رد الفعل التركي غريبا وغير متوقع، فقد قالت رئاسة الشؤون الدينية التركية "ديانت" إن المسجد يرتبط بحركة الداعية التركي فتح الله جولن.
وذكرت "ديانت" في بيان لها: "من الواضح أن هذا مشروع للتحول الديني، ويجري تنفيذه منذ سنوات تحت رعاية حركة فتح الله جولن ومنظمات أخرى مشئومة"

من جهتها، رفضت ألمانيا البيان التركي،  وحذرت أنقرة من التدخل في كيفية ممارسة الشعب الألماني لدينه. وأرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية "مارتن شيفر" عن رفض الحكومة بشكل قاطع التعليقات التركية "التي تستهدف الحد من حق الناس في ممارسة دينهم وحرية الرأي والعبادة".

وقال شيفر: "كيف وأين ومتى والطريقة التي يتعبد بها الناس ليست مسألة للدولة، ووفقا لتفهمنا فإن الدولة ليس لها أي سلطة على تقييم دين الأشخاص بل إنها ملزمة بحماية حرية الدين وحرية الرأي أو الصحافة".

ومن جهته، قال المتحدث باسم وزارة الداخلية "توبياس بلاته" إن التعليقات التي "تعرض السلام المحلى في ألمانيا للخطر لا يمكن قبولها"، مؤكدًا: "سنكون على يقين من أننا سنعرب بشكل ثنائي عبر كل قنوات الحوار إن وزارة الداخلية تتحمل ضمان حرية العبادة".

أما "سيران أطيش"، مؤسسة وصاحبة مبادرة إنشاء مسجد "ابن رشد - جوته"،  فقد نفت أي علاقة لها بحركة الداعية التركي عبد الله جولن، التي تتهمها الحكومة التركية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشل في 15 يوليو الماضي.

وقالت أطيش وهي من أصول تركية: "ليس لنا بهم أي علاقة..نحن أكثر تقدمية وليبرالية منهم.. هذه أخبار تجعل مني هدفا عبر وصفي بأني إرهابية".

على الجانب الآخر،  نأى  "إركان كاراكويون"  رئيس مؤسسة "الحوار والتعليم" المقربة من حركة جولن في ألمانيا، بنفسه عن المسجد الجديد. وقال كاراكويون إنه تلقى تهديدات بالقتل بعدما تم الربط بينه وبين مشروع أطيش على نحو زائف.

المسجد منذ افتتاحه تردد عليه عددا من الإعلاميين والصحفيين يتجاوز عدد المصلين الذين دخلوه، مما يكشف عن حجم الإثارة التي أحاطت بالإعلان عنه من قبل المؤسسين السبعة وهم من الرجال والنساء أبرزهم أطيش الناشطة والأكاديمية التركية، والهام مانع بالأكاديمية والناشطة النسوية وهي سويسرية من جذور يمنية والتي أمت أول صلاة في المسجد.
واختار القائمون على المبادرة اسم "ابن رشد- جوته"، نسبة للفيلسوف والطبيب العربي الأندلسي الشهير أبو الوليد محمد بن رشد، والأديب الألماني الشهير يوهان فولفجانج فون جوته، بهدف التأكيد على الرسالة "الإنسانية" للمسجد الذي قالوا إن هدفه محاربة التطرف رغم أن أحدًا من القائمين عليه لم يوضح كيف سيتم ذلك.