أعلنت لجنة الخمسين إقرارها باب نظام الحكم في التعديلات الدستورية، واختيار النظام المختلط الذي يجمع بين النظامين الرئاسي والبرلماني علاوة على تقليص صلاحيات الرئيس وممارسة سلطاته من خلال مجلس الوزراء. وتتقلص اختصاصات رئيس الجمهورية في النظام المختلط عنه في النظام الرئاسي، والذي كان يجعل سلطات الرئيس مطلقة، وعلى الرغم من كونه رأس السلطة التنفيذية، لكنه لا ينفرد بها ويشاركه رئيس الوزراء في وضع السياسات العامة للدولة. وتباينت آراء فقهاء القانون والسياسيين حول النظام الجديد، فمنهم من يرى أن نظام الحكم المختلط بين الرئاسي والبرلماني تفضله الأغلبية بعد الثورة، ورأى آخر يرى أن النظام الرئاسي هو الأفضل، ورأى ثالث يرى أن البرلماني هو الأنسب. وقد أكد الفقيه القانوني المستشار سعيد الفار على أن النظام المختلط هو الأنسب لمصر في المرحلة الحالية لأننا بعد ثورة شعبية عظيمة لم نعتاد على الديمقراطية نتيجة حالة الاستقطاب السياسي التي تشهدها الساحة السياسية حاليا، وأننا لازلنا نحتاج إلى حالة من الاستقرار السياسي. وأضاف في تصريحات خاصة لـ"بوابة أخبار اليوم" أن النظام المختلط يتضمن اختصاصات أوسع لرئيس الوزراء، كما أنه يحل محل رئيس الجمهورية في حال وفاته، أو عزله، أو خلعه، ويعين رئيس الوزراء في هذا النظام من حزب الأغلبية بموافقة مجلس الشعب وله مدة محددة ليتقدم بأسماء أعضاء الحكومة لمجلس الشعب، وأكد أن هذا حدث تاريخي لم تشهده مصر من قبل . واعتبر الفقيه القانوني المستشار د. شوقي السيد أن ما استقرت عليه لجنة الخمسين من نظام الحكم وهو النظام المختلط بأنه انحيازا إلى النظام الرئاسي أقرب منه إلى النظام البرلماني، وأضاف بأنهم أخذوا بالنظام المختلط لأن المرحلة القادمة تتطلب أن يكون رئيس الجمهورية له صلاحيات واسعة، ولهذا فإن هذا النظام يعد أنسب من النظام البرلماني في تلك المرحلة . من جانبها قالت رئيس مجلس الأمناء لحزب مصر أكتوبر ومستشار التحكيم الدولي د. جيهان مديح إن النظام المختلط هو الأفضل في تلك المرحلة لأنه يجمع بين النظام الرئاسي والبرلماني، فضلا عن توزيع السلطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، كما أن النظام المختلط يضمن رقابة البرلمان على الحكومة، وأضافت أنها كانت تأمل في تطبيق النظام البرلماني ولكنها ترى أن تطبيقه صعب في هذه المرحلة لأنه يتطلب سيادة الاستقرار السياسي بالدولة وترسيخ قواعد الديمقراطية ووجود أحزاب قوية. وأبدى البرلماني السابق والمحامى بالنقض المستشار محمد جويلى اعتراضه على نظام الحكم المختلط، وقال إن مصر ليست في مرحلة تحتمل التجارب خاصة أننا لم نحتكم إلى هذا النظام من قبل، وأضاف أن المرحلة الحالية تتطلب أن يكون لرئيس جمهورية له صلاحيات واسعة في ظل التناحر السياسي القائم بين مختلف التيارات ليكون حكما للفصل بين السلطات، وأكد على أن النظام البرلماني أيضا لا يصلح في تلك المرحلة لافتقارنا إلى قواعد الديمقراطية . فيما أكدت منسق عام حركة "أنا المصري" د. وفاء سعد رفضها ورفض كثير من القوى السياسية الوطنية والشعبية لهذا النظام وخاصة فيما يقرره من اختيار الأكثرية في البرلمان لرئيس الوزراء مما يفتح الباب لدخول الجماعات الإرهابية والمتطرفة مرة أخرى إلى الحكم في هذه المرحلة الحرجة التي تحتاج إلى توحد في القيادة والرؤى بين الرئيس، ورئيس الوزراء، ولا تدخلنا في متاهات التوازنات الحزبية، والموائمات في البرلمان بين الأحزاب على حساب تنفيذ الخطط التنموية وبما ينتج حكومة ضعيفة تخضع لتلك الموائمات الحزبية الضيقة على حساب مصلحة الوطن . وأضافت أن النظام الرئاسي يعد حاليا ولفترة معينة هو النظام الأنسب في فترة تحتاج لقيادة رشيدة يلتف حولها الشعب للعبور بأمان من أزماته السياسية والاقتصادية، وأنه على مر التاريخ لم تخرج مصر من كبواتها إلا بالالتفاف حول قائد وطني شريف يلتف حوله الشعب كما حدث في يوليو مع الزعيم جمال عبد الناصر وفى أكتوبر مع الرئيس الشهيد أنور السادات. من جانبه أكد مؤسس حملة كمل جميلك المستشار رفاعي نصر الله أن النظام المختلط فاشل بكل المقاييس، ولم ينجح إلا في دولة واحدة بالعالم وهى بريطانيا لأنها ملكية، ولكنه لا يصلح مع النظام الجمهوري لأن مصر لا يصلح فيها الاختلاط في نظام الحكم، نظرا لأننا نحتاج إلى الفصل بين السلطات، ورئيس الجمهورية يجب أن يكون حكما للفصل بين السلطات . وقال المستشار القانوني محمد عبد الله إن اختيار النظام شبه الرئاسي في حد ذاته هو اختيار ملائم لطبيعة النظام السياسي التقليدي في مصر منذ فترة طويلة لما يعطيه من صلاحيات لرئيس الجمهورية مع مشاركة فعالة لرئيس مجلس الوزراء في تحمل المسئولية والمشاركة في وضع السياسات وصنع القرار . وأضاف أن ما أقرته لجنة الخمسين من قيام الأكثرية النيابية بترشيح رئيس الوزراء يعد اختيارا معيبا من ناحية المرحلة الدقيقة التي تمر بها مصر حاليا، ولا تسمح بأي خلافات بين الرئيس، ورئيس الوزراء مما يعوق عملية التنمية التي تتطلع إليها مصر إضافة إلى أنها تعتبر منفذا للتيار المتطرف للعودة مرة أخرى إلى الساحة. وأوضح أن اختيار لفظ الأكثرية بدلا من الأغلبية يجعل من أي تكتل حتى وإن كان حاصلا على عدد محدود من المقاعد ويعتبر ضعيفا في الشارع السياسي يمكنه ترشيح رئيس الوزراء، وهنا يثور التساؤل عن كيفية اختيار الأكثرية لرئيس وزراء في حال إقرار النظام الفردي في الانتخابات؟. وتابع المستشار القانوني محمد عبد الله قائلاً: كان الأجدر بلجنة الخمسين أن تجعل اختيار رئيس الوزراء لرئيس الجمهورية فقط لتفادى ازدواجية القيادة في الفترة الحالية بشرط حصوله على ثقة البرلمان، وإذا لم يوافق البرلمان يختار الرئيس شخصا آخر فإذا لم يوافق البرلمان يعتبر منحلا ، وبذلك يتحقق الفصل الكامل بين السلطات ويتحمل الرئيس ورئيس الوزراء المسؤولية التنفيذية ويتحمل مجلس الشعب مسؤوليته التشريعية والرقابية بحيادية تامة لا يمنعها اختيار البرلمان لرئيس وزراء يعجز عن مسائلته لأنه هو الذي اختاره .