في خامس أيام رمضان المبارك..

الطيب: التدين الشكلي العاري من الأخلاق "مغشوش"

شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب
شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب
قال شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب،  إذا كان حق الخاطب شرعًا أن ينظر إلى من يريد خِطبتها فإن هذا الحق أيضًا مكفول للمخطوبة؛ لأنها الطرف الثاني في العقد، فمن حقها أن تراه، وإن رأت منه ما يدعوها إلى أن تقترن به فلتفعل،  كما أن لها الحق في أن ترفض.

وأضاف أن الحديث الشريف حصر الصفات التي تدعو الرجل للارتباط بالمرأة في أربع صفات: المال، ووجاهة الحسب والنَّسب، والجمال، والدِّين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ : "تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا ، وَلِحَسَبِهَا ، وَلِجَمَالِهَا ، وَلِدِينِهَا ، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ"، ومسألة الحسب والنسب كان يُعمَلُ بها قديمًا سواء الرجل أو المرأة، وإلى عهد قريب، وما زالت بعض العائلات تتمسك بهذه المسألة، فيرفض أحد الطرفين الآخر بسبب عدم توفرها في أحدهما.

وتابع - في حديثه اليومي الذي يذاع قبل المغرب على الفضائية المصرية - طوال شهر رمضان المعظَّم: "وهنا يجب أن نتوقف عند مسألة الدِّين الذي لا يُقصد به أداء العبادات فقط، كما يظن بعض المتدينات وبعض الشباب المتدين، ليس هو الاجتهاد في الصلاة والاجتهاد في العبادة والتراويح وقيام الليل، فهذا جانب واحد من جوانب الدين، إذ هناك جوانب أخرى تندرج تحت مفهوم العبادة؛ مِثل: جانب الأخلاق والسلوك، ففي الحديث الشريف: (إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَخْلاقِ)، مشيرًا إلى أن العبادات لا بُدَّ لها من أخلاق داعمة لها لتنفع صاحبها يوم القيامة، فقد سُئلَ رَسُولُ اللهِ  عَن امْرَأَةٍ تَصُومُ النَّهَارَ، وَتَقُومُ اللَّيْلَ، وَتُؤْذِي جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا، فقَالَ : "لا خَيْرَ فِيهَا، هِيَ فِي النَّارِ" فمع أن هذه المرأة كانت صوَّامة قوَّامة حكم عليها النَّبيُّ-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بأنها عبادتها صفر، وأنها في النار؛ لأنها تؤذي جيرانها بلسانها.

ومن ناحية أخرى حين سُئلَ رَسُولُ الله عَن امْرَأَةٍ تُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ، وَتَتَصَّدَّقُ ببقايا طعامها على الفقراء، وَلا تُؤْذِي أَحَدًا بِلِسَانِهَا، قَالَ : "هِيَ فِي الْجَنَّةِ "، فالعبادة تحتاج إلى ما يسندها ويدعمها وهو الأخلاق، لذلك جاء الحديث الشريف: "إِنَّ  أَحَبَّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ -ليس أكثركم عبادةً وإنما- أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاقًا، الْمُوَطَّئُونَ أَكْنَافًا، الَّذِينَ يَأْلَفُونَ وَيُؤْلَفُونَ".

وأكد  "الطيب" أنه إذا صحت الأخلاق صحت العبادة وصح الدِّين الذي يتميز بالربط الشديد بينه وبين الأخلاق، بحيث نقول: إن الأخلاق الحميدة والدِّين وجهان لعملة واحدة، ولذلك حينما نتكلم عن الصفات التي تغري الرجل ليرتبط بالمرأة ونذكر من بينها الدِّين فإنه لا نقصد به التدين الشكلي إطلاقًا، ولم يقصده النبي -صلى الله عليه وسلم- وإنما يقصد به الدِّين الذي يورث الأخلاق الكريمة؛ مثل: خلق الأمانة والصبر والتَّحمل وخلق الوفاء والمروءة، موضحًا أن العبادات الممتزجة بالجانب الأخلاقي والسلوكي  هي الأبقى والأصلح من بين هذه الصفات لإقامة حياة مستقرة متواصلة للأسرة.