خبراء البيئة يطالبون بضرورة الاهتمام بالبيئة الساحلية وحمايتها من المخاطر

طالب خبراء البيئة من 15 دولة عربية، بضرورة الاهتمام بالبيئة الساحلية وحمايتها من المخاطر التي تتعرض لها، خاصة في ظل التغيرات المناخية المتلاحقة والتي يتسبب فيها الإنسان الغربي ويدفع ثمنها العربي.
ودعا الخبراء لنشر الوعي البيئي عبر الوسائل المختلفة ووضع استراتيجية لتشجيع السياحة العربية عامة والمصرية خاصة، لما تتمتع به من ظروف طبيعية وسواحل ساحلية شاسعة. 
جاء ذلك خلال أعمال المنتدى الثامن للاتحاد العربى للشباب والبيئة، والذي يُعقد بالغردقة تحت عنوان (التغيرات المناخية وتأثيرها على السواحل العربية) في الفترة من 25-29 أبريل الجاري، بالتعاون مع مجلسي وزراء الشباب والبيئة العرب، ووزارتي الشباب والبيئة، ومحافظة البحر الأحمر، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) تحت رعاية السيد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية. 
بدأ المنتدى بتحذير أطلقه، د. خالد فهمي- وزير البيئة- من أن العالم يواجه مشاكل بيئية لعل من أهمها انقراض بعض الحيوانات والنباتات وظاهرة الاحتباس الحراري والإفراط في الثروة السمكية وصيد الأسماك وإزالة الغابات والمخلَّفات بكافة أنواعها والحروب والتلوث وقلَّة الإنتاج الزراعي، بالإضافة إلى مشاكل نقص الطاقة والإرهاب الذي يهدد العالم كله والإقليم العربي. 
وأشار- في الكلمة التي ألقاها د.أحمد غلاب، مدير عام محمية البحر الأحمر- إلى أن البحر الأحمر يُعدّ واحدا من أهم البحار في العالم بما يحتويه من شعاب مرجانية وموارد طبيعية تعد ركيزة أساسية بالنسبة لأي خطط تنموية، سواء كانت حالية أو مستقبلية، وقد جعلت المحافظة من أهم مناطق الجذب السياحي في العالم. 




وأكد د.خالد فهمى، أن الوزارة تضع في أولوياتها التأثيرات المحتملة للتغيرات المناخية المصاحبة لارتفاع درجات الحرارة من انهيار وموت للحاجز المرجاني الأعظم فى استراليا ومناطق أخرى في العالم، وما لحق بها من خسارة كبيرة على كافة المستويات، وهو الحاجز الذى صنَّفته الأمم المتحدة كمنطقة تراث طبيعي عالمى، مؤكدا أن الشعاب المرجانية في البحر الأحمر- مازالت بحمد الله- لديها مقاومة لكافة التغيرات المناخية، وكذلك بيئتنا البحرية التى لم تتأثر نهائيا بارتفاع درجات الحرارة على عكس مناطق أخرى في العالم أصبح وجود الشعاب المرجانية بها حديثا من الماضي. 
وأضاف "وفي هذا الإطار نتابع بقلق بالغ رغبة بعض علماء الطبيعة العالميين الذين اتجهت أنظارهم لدراسة نوعية شعابنا المرجانية وكيف أنها استطاعت مقاومة التغيرات المناخية، ومحاولة استزراعها ونقلها إلى بحار ومحيطات عالمية أخرى! ولذا نهيب بشبابنا وبلداننا ذات السواحل على البحر الأحمر التكاتف ومواجهة أية محاولات لنقل هذه الشعاب أو تجميعها تحت مسمى اللبحث العلمي! 
ونحن بدورنا نشكِّل لجانا للمتابعة ورصد كافة الظواهر الطبيعية التي تحدث وتشير إلى التحسن النوعي للبحر الأحمر، فقد تم العام الماضي رصد ظهور مكثف للقرش الحوت والحوت الأحدب والدلافين والسلاحف البحرية. 
وأوضح أن وزارة البيئة قامت بدعم محميات البحر الأحمر بأكثر من 50 مليون جنيه خلال هذا العام فقط لحماية البيئة البحرية، وكان منها شراء 6 مراكب حديثة ومتطورة تستخدم في أعمال تطبيق القانون وحماية البيئة، وتجهيز شواطئ محمية وادي الجمال بالمدقات والعلامات والاستراحات اللازمة، مما ساهم في حصول شواطئ المحمية على جائزة كأفضل عشرة شواطئ في العالم، بالإضافة إلى تركيب وحدات للطاقة الشمسية بمحمية وادي الجمال وبناء محطة تحلية للمياه لرفع المستوى المعيشي للسكان، وشراء ودعم كل الخامات المطلوبة لنظام الشمندورات بمبلغ مليون ونصف مليون جنيه، وهو أكبر مبلغ في هذا الخصوص بالمحافظة. 
وأضاف "كما نكثف من الأعمال البحثية وبرامج الرصد البيئي" للشعاب المرجانية والتي تعطينا مؤشرا على وجود ابيضاض للشعاب. 
وأعلن د. فهمي، أن الوزارة تهتم منذ العام الماضي بتدريب شباب كليات العلوم بالجامعات على برامج الرصد البحري للاستفادة من قدراتهم الفنية والمساهمة في الحفاظ على المنظومة البيئية، وشبابنا قادر بما يمتلكه من قدرات وطاقات على إدارة موارده والحفاظ عليها وتطويرها لصالح مستقبله، وأننا نتطلع لتنمية شاملة للمنطقة للحفاظ على السواحل من التحديات التي تواجهها. 
وأكد د.محمد كمالي- مدير إدارة البيئة والتنمية بجامعة الدول العربية- أن تغير المناخ يعد واحدا من أكبر التحديات التي تواجه البشرية في وقتنا الراهن، ومنها المنطقة العربية مما يفرض علينا العمل على معالجة الآثار السلبية التى شملت كافة المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، خاصة وأن ارتفاع مستويات البحر ستهدد الموارد الاقتصادية والطبيعية للمناطق الساحلية ويزيد من حدة تدهور الأراضى، ويؤثر على التنوع البيولوجى سلبيا وسينعكس على التأثير الاجتماعى بشكل كبير. 
وحذَّر د. كمالى، من أن البلاد العربية من أكثر البلاد المعرَّضة لآثار التغير المناخى، فى ذات الوقت فإن القدرات والإجراءات الراهنة غير كافية، والاستراتيجيات الفعالة للتخفيف من الآثار مازالت فى طور الإعداد، ولذا فمناطقنا العربية معرضة لمخاطر ارتفاع منسوب المياه، خاصة وأن الشريط الساحلى العربى يبلغ 43 ألف كم منها 18 ألف فقط مأهولة بالسكان، وتقع معظم المدن الكبرى والأنشطة الاقتصادية والأراضى الزراعية عالية الخصوبة فى إطارها مثل دلتا النيل، وتعتمد أغلب الأنشطة السياحية على الإمكانات البحرية الساحلية. 
استطرد د. كمالى قائلا: فى مقابل هذا فإن مساهمة المنطقة العربية فى الانبعاثات العالمية للغازات الدافئة قليلة، لكن نصيب الفرد من انبعاث الكربون هو 5.3 أطنان مترية، وهى نسبة أعلى من المعدل العالمى وهو 4.9 أطنان! وقد بدأت مشاركة البلدان العربية فى مفاوضات تغير المناخ منذ بدايتها، وصدَّقت على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بهذا الشأن، وبروتوكول كيوتو، وقدّمت تعهداتها بموجب اتفاقية باريس بمساهماتها الوطنية المقررة! 
ورغم كل هذا فإنه يبقى على الدول العربية الاستمرار فى بناء القدرات الوطنية للتعامل مع كافة جوانب تهديدات التغير المناخى، والمساهمة بشكل فعّال فى تطوير النظام الدولى للمناخ، ودعم التعاون الإقليمى والدولى للاستفادة من الفرص المتاحة لتمويل التخفيف من التغير المناخى، وانتقال التكنولوجيا الصديقة للبيئة، وإفساح المجال لهيئات المجتمع المدنى والشباب للمساهمة فى حماية البيئة. 
وأوضح د. ممدوح رشوان- أمين عام الاتحاد- أن المنتدى يهدف إلى تحديث الاستراتيجية العربية الموحَّدة للعمل الشبابي البيئي في مجال البيئة الساحلية، خلق تعاون بيئي شبابي وفتح مجال التعاون والتواصل وتبادل الخبرات بين الشباب، وضع السواحل العربية في بؤرة الاهتمامات البيئية العربية، الاستخدام المستدام للسواحل العربية، تحديد المشكلات وقضايا المناطق الساحلية العربية. 
وتدور محاوره حول: الترويج للسياحة البيئية لسواحل الوطن العربي، التغيرات المناخية وتأثيرها على السواحل والشواطى العربية، العناصر المشتركة لعملية الادارة المتكاملة للمناطق الساحلية العربية، التجارب العربية في مجال الادارة المتكاملة للسواحل العربية، نتائج المؤثرات البيئية للأنشطة البشرية علي السواحل والشواطئ. 
أضاف د. رشوان: أن هذا المنتدى يأتى في اطار اهتمام الاتحاد، بتفاعل الشباب العربي بمشكلاته البيئية وقضايا مجتمعاتهم واهميتها، وتحقيقاً لأجندة التنمية المستدامة، وتأكيداَ على اهمية الحفاظ على السواحل العربية والاستغلال الأمثل لها، والاستثمار المستدام، مما يساعد على تحقيق أجندة التنمية المستدامة، التى أطلقتها الأمم المتحدة، وبما أن البيئة البحرية وفي المنطقة العربية الساحلية أصبحت مهدَّدة نتيجة زيادة معدلات التلوّث والتعدّى السافر على الشواطئ الساحلية، بما يقضى على التنوع البيولوجي والكائنات الحية بخلاف الإفراط في الصيد الجائر للثروة السمكية وإهدار الشعاب المرجانية نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والتعدى على الشعاب من ناقلات البترول أو اليخوت السياحية والبناء العشوائى للقرى السياحية على الشواطئ الساحلية العربية. 
وكذا، إيماناَ بالدور الفعَّال الذى يمكن أن يقوم به الشباب ومؤسسات المجتمع المدنى في الحفاظ على البيئة الساحلية والاستثمار الأمثل لهذه السواحل في إطار التنمية المستدامة، وحرصاَ على التفاعل مع القضايا البيئية التى يتأثر بها الوطن العربى، وذلك من خلال توعية الشباب العربي بدورهم الوطنى فى التصدى لتلك القضايا. 




الأهداف المشتركة 
أكد د. صلاح الجعفراوى- ممثل المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، الإيسيسكو- أن انعقاد المنتدى يأتى تفعيلا للأهداف المشتركة لمنظمة الإيسيسكو والاتحاد تفعيلا لقرارات لوزراء البيئة بالمؤتمر الإسلامى، حيث نهدف لتنمية قدرات الشباب ما يعزز من المساهمة فى التربية البيئية والاستفادة من التجارب بين الدول العربية. أشار إلى أهمية تفعيل القرارات من أجل الاستفادة من التجارب الناجحة ونشر الوعى البيئى من خلال برامج العمل الشبابية والاستفادة من تجارب الخبراء فى مجال البيئة. 




فيما قال د. ممدوح مليجى- مدير مركز المساعدات المتبادلة للطوارئ البحرية، فى البحر الأحمر وخليج عدن "برسجا": أن المنتدى يسعى لزيادة تنمية الوعى البيئى والتصدى للتغيرات المناخية والحفاظ على السواحل العربية وحمايتها من التغيرات المناخية. 




ونحن بدورنا نتطلع للتعاون مع الاتحاد للحفاظ على حالة البيئة ودعم التنمية الاجتماعية والاقتصادية والحفاظ على البيئة لمواجهة مشكلات المتعلقة بالبيئة البحرية ومساعدات الحكومات فى وضع أسس لحماية واستغلال الموارد البحرية من خلال الوثائق القانونية لتهيئة الإقليم ومد التعاون مع كافة الأجهزة الوطنية لإتمام المشروع الذى يهدف لاستغلال الموارد المتجددة. 
أضاف: هناك مخاطر تواجه إقليم البحر الأحمر ترجع لارتفاع مستوى البحر وخطر الانغمار الذى يهدد الشُعب المرجانية. 
أكد على الدور المحورى للهيئة وتشجيع الدول للمساهمة فى حماية البيئة البحرية والتغلب على الآثار السلبية للتغير المناخى 
وطالب بدعم الاقتصاد الوطنى والمحافظة على الموارد البيئية والتنمية الاقتصادية وتطثيف الاكتشافات العلمية وبناء جيل من الشباب يحافظ على تلك المكتسبات للحفاظ على البيئة. 




استراتيجية فعالة 
وأكد د. سيد خليفة- نقيب الزراعيين- أهمية انعقاد المنتدى فى الغردقة بالتوازى مع انعقاد مؤتمر الشباب برعاية الرئيس السيسي، فى محافظ الإسماعيلية للتحاور فى كافة القضايا، ونحن نتحاور فى جنوب البحر الأحمر مع الشباب العربى لمحاربة الإرهاب والتطلع لمواجهته بفكر الشباب المتطلع للمساهمة فى البناء والحفاظ على الإقليم العربى خاصة وأن الإرهاب يؤثر على البيئة. 
وطالب، الخبراء المشاركين بوضع استراتيجية قابلة للتنفيذ بالتعامل مع التغيرات المناخية فى الوطن العربى. 
كما أعلن عن إطلاق مشروع استزراع نبات المنجروف بمساحات شاسعة فى منطقة سفاجا بمشاركة الاتحاد العربى للشباب والبيئة باعتبار أن هذه الأشجار تعمل على حماية البيئة الساحلية. 


وقال د. عباس شراقى- رئيس قسم الموارد الطبيعية بجامعة القاهرة-: أن المحميات الطبيعية بالبحر الأحمر تتطلب استراتيجية متكاملة الأطراف للمحافظة على الأنواع الطبيعية من النباتات والطيور والشعاب المرجانية والمعادن خاصة وأن المحميات بالبحر الأحمر متعددة لكنها تتعرض لمشاكل بيئية طبيعية مثل ارتفاع درجة الحرارة ونشاط الإنسان الذى يضر المحميات وصيد الحيوانات البرية النادرة، إضافة لنشاط البواخر التجارية الحاملة للبترول وتأثيرها على الشعاب المرجانية نتيجة تسرب البترول، والاستخدام الخاطئ من بعض السياح أثناء الغوص من تكسير أجزاء من الشعاب المرجانية، مطالبا بالعمل على حماية هذه المحميات والحفاظ عليها واستخدامها احسن استخدام بما يتوافق مع الدراسات البيئية. 




حياة الشعاب المرجانية 
وشرح د. إسلام الصادق- من وحدة الرصد البيئى بمحيات البحر الأحمر أشكال وتكوّن الشعاب المرجانية منذ مئات بل آلاف السنين، عن طريق المئات من الحيوانات والفطريات الصغيرة جدا والحسَّاسة التى تتفاعل وتتحد معا، مشيرا إلى انها تمثل 800 نوع فى العالم كله، وتعيش فى المناطق الحارة وشبه الحارة، وتعيش بها وحولها أكثر من 8 مليون جنس قد يكونوا غير مكتشفين حتى الآن، هذا فضلا عن أن عددا كبيرا من الأسماك تتخذها مأوى لها. 
أوضح أن هذه الشعاب المرجانية تساهم فى حماية الشواطئ الساحلية من عوامل النحر الأمواج العالية، ويعتمد عليها فى عمليات الصيد والسياحة والغوص، ومصر أقامت على نشاطها 4 مطارات تقع على ساحل البحر الأحمر، بما يعنى أهميتها الاقتصادية أكثر حتى من السياحة القائمة على الآثار. 
وحذَّر د. الصادق من خطورة التغيرات المناخية وزيادة ثانى أكسيد الكربون على حياة تلك الشعاب المرجانية، لأنها تتأثر سلبا بارتفاع درجة الحرارة أو سطح البحر وتساقط الأمطار أو حدوث عواصف هوائية تصل لحد الأعاصير، وكل هذا يفرض على المسئولين والمهتمين ضرورة المتابعة والاستعداد للمواجهة ووضع الخطط القادرة على حماية تلك الشعاب، والحمد لله أن الموجود منها فى البحر الأحمر يستطيع التكيّف والتأقلم نوعا ما مع تلك الظروف الطارئة والسلبية. 




من ناحية أخرى، يعقد الاتحاد على هامش المنتدى جمعيته العمومية لاختيار مجلس إدارة جديد يتولى المسئولية خلال السنوات الأربع القادمة.
ابراهيم الشاذلى