أكد وزير المالية هاني قدري أهمية مؤتمر اليورومني الذي يعقد اليوم الإثنين بالقاهرة، قائلا" إن هناك روحا جديدة تحيط بهذا الحدث، وستؤكد الحكومة خلال جلساته أن الدولة المصرية لديها عزيمة قوية لاستكمال الإصلاحات التي يتطلبها انطلاق الاقتصاد المصري وتعظيم مظلة الحماية الاجتماعية لصالح المواطن البسيط خاصة في مجال الصحة، وكذلك في مجال التحويلات النقدية للمواطنين لرفع مستوى المعيشة للفئات الأولى بالرعاية".


وأضاف قدري، في بيان له أمس الأحد"، إن المؤتمر سيعقد وسط اهتمام بالغ من الحكومة ومجتمع الأعمال الدولي والمحلي نظرا للتطورات التي شهدتها مصر على مدى الفترة الماضية، وعلى رأسها إنجاز مشروع قناة السويس الجديدة واكتشاف مصر لأكبر حقل للغاز بمنطقة البحر المتوسط، والمؤشرات العديدة على تحسن أداء الاقتصاد المصري واستعادته لحيويته بجانب جهود الحكومة للسيطرة على عجز الموازنة العامة".


وأوضح أن الحكومة تؤمن بقدرة اقتصادنا في أن يتبوأ مكانة كبيرة في الاقتصاد العالمي من خلال العمل على جذب استثمارات ضخمة، وتحسين آليات إدارة الاقتصاد، مضيفا" ندرك حجم التحديات الداخلية والخارجية التي نواجهها ولدينا عزيمة أكبر من هذه التحديات وسوف نجتازها".


وبين أن أهمية المؤتمر ترجع أيضا إلى حجم المشروعات التي تنوي الحكومة طرحها وتنوعها واشتمالها على عدة قطاعات بجانب آليات التمويل المختلفة التي سيتم الاعتماد عليها في إقامة تلك المشروعات سواء في صورة استثمار أجنبي مباشر أو الاعتماد على آليات تمويل متعددة كنظام المشاركة مع القطاع الخاص P.P.P أونظام BOO أو نظام BOT أو نظام ABC Plus Finance.


وأشار إلى أن هناك إطارا آخر لتمويل المشروعات يعتمد على مساعدات طويلة الأجل تقدمها بنوك التنمية الاقتصادية العالمية كالبنك الدولي للإنشاء والتعمير، والبنك الأوربي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية وبنك التنمية الأفريقي.


وقال " في بعض المشروعات العامة سنلجأ إلى ضخ استثمار حكومي مباشر خاصة أن هذه المشروعات عادة ما تكون محفزة للاستثمارات الخاصة كمشروعات البنية التحتية والطرق وشبكات الطاقة".


وأضاف" إن آلية التمويل التي استخدمت في مشروع قناة السويس الجديدة لم تكن فقط مجرد تمويل لحفر القناة الجديدة، وإنما أسهمت في إزكاء الشعور الوطني، وهو ما نعتبره نوبة صحيان للمجتمع كي يشارك في بناء مستقبل أفضل لمصر، ورغم أن التمويل كان تجاريا ومتوسط الأجل إلا أنه وجه لمشروع تنموي طويل الأجل وهذا الأمر كان له خصوصية مهمة تتعلق بالقناة، كما أن المشهد الاقتصادي والاجتماعي كان يملي علينا أن نخرج عن الأعراف المالية التقليدية لندشن لنهضة حقيقية يمولها ويقوم بها أبناء هذا الوطن".


وتابع" إن نموذج قناة السويس ليس بالضرورة أن يتكرر، خاصة أن القناة مشروع قائم بالفعل ونحن قمنا بعملية تنمية لقدراته وجذب خطوط ملاحية لم تكن تعبر من قبل بالقناة، وبالتالي فإن القناة الجديدة كانت نقطة البداية لجذب استثمارات مباشرة لمشروعات تنمية محور القناة على طول 193 كيلو مترا في قطاعات تنموية وهي التجارة والصناعة والسياحة بجانب توفير الأمن الغذائي".


وقال وزير المالية" إن العائد الاقتصادي للقناة الجديدة بدأنا نراه بالفعل رغم إننا لم نعلن عن تفاصيله حتى الآن..لكن الأهم من هذا العائد جراء مرور السفن للقناة هو الخدمات التي ستؤدى للسفن العابرة، وكذلك المشروعات التنموية والاقتصادية التي ستقام على ضفتي القناة".


وأضاف" أثناء زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى روسيا مؤخرا أعلنت أكبر شركة نفط في العالم عن رغبتها في إنشاء مشروعات لتقديم خدمات بترولية لتموين السفن العابرة لقناة السويس التي ظلت تعمل على مدى 150 عاما على أنها مجرد معبر فقط ولم تكن بها أي خدمات لوجستية أما الآن فنقوم من خلالها بتغيير شامل لمنظومة إدارة الموانىء المصرية".


وحول الحوافز التي يمكن أن تمنحها الحكومة للمشروعات المقرر إقامتها على جانبي القناة، قال الوزير" إن هذه المشروعات تقام وفق نظام المناطق الاقتصادية ذات الطبيعة الخاصة، وما يتضمنه من امتيازات لحماية الاستثمارات، فضلا عن تمتعها بحوافز قانون ضمانات وحوافز الاستثمار، إضافة إلى ما نطلق عليه الإدارة الذاتية لهذه المناطق من حيث عدم وجود البيروقراطية الحكومية، وهو ما يستهدف رفع الكفاءة الاقتصادية للاستثمارات التي ستضخ بهذه المشروعات".


وبشأن مدى تأثير تقلبات الاقتصاد العالمي على الموازنة العامة للدولة، قال" إنه من المبكر أن نحدد الأثر الحقيقي لهذه التقلبات على أداء الاقتصاد المصري، وبالتالي على أداء الموازنة العامة إيرادا ومصروفا، موضحا أن التقلبات يمكن أن تكون في صالح مصر، ولكن يجب التعامل معها بحذر شديد لأن المخاطر لا زالت قائمة، لافتا إلى أن الأسعار العالمية على سبيل المثال بها قدر من التذبذب لكن في اتجاه نزولي، وهو ما قد يخدم مصر لأنها مستورد صافي للمنتجات البترولية، ولكن هذه التقلبات قد تؤثر بالسلب للطلب العالمي على الصادرات المصرية".


وأضاف وزير المالية" إن هناك اهتمام حكومي باقتناص هذه التقلبات، واعتبارها فرصة جيدة لزيادة الثقة في أداء الاقتصاد القومي بحيث تكون مصر هي نقطة جذب بديلة للاستثمارات المالية العالمية والمشروعات التي تبحث عن أسواق بديلة مستقرة لنقل أعمالها بها، وهذا ما حدث خلال الأزمة المالية العالمية العام 2008، حيث كانت هناك ظاهرة لاقتناص رءوس الأموال المباشرة وغير المباشرة التي هربت من الدول الكبرى بحثا عن ملاذ آمن".


وكشف عن الترتيب لزيارة بعثة جديدة لصندوق النقد الدولي للقاهرة قبل عيد الأضحى المبارك لمراجعة تقييم أداء الاقتصاد المصري، موضحا أن هذه الزيارة تأتي في إطار الزيارات الدورية المعتادة للصندوق للدول الأعضاء تمهيدا للزيارة السنوية التي يقوم بها الصندوق مع بداية العام المقبل في إطار مشاورات المادة الرابعة من ميثاق تأسيس الصندوق.


وحول أثر تراجع أسعار البترول على أداء الموازنة العامة للدولة، قال الوزير" لقد حدث بالفعل انخفاض في فاتورة الدعم في حدود 40 مليار جنيه، ولكنها لم تنعكس على عجز الموازنة؛ نظرا للظروف المالية لهيئة البترول إضافة إلى أن سعر البترول العالمي ليس العنصر الوحيد، فهناك عناصر أخرى يجب أخذها في الاعتبار مثل تغير سعر صرف الدولار أمام الجنيه وزيادة الكميات المستهلكة من المواد البترولية المختلفة، وكذلك السعر العالمي لهذه المشتقات البترولية، وكلها تسير في اتجاهات مضادة لبعضها البعض".


وأضاف" إن من الضغوط أيضا على الموازنة أن هيئة البترول عليها متأخرات للشركاء الأجانب، وهناك سياسة معلنة والتزام من الدولة بسداد تلك المديونية والانتهاء منها قبل النصف الثاني من العام 2016، لافتا إلى أن الدولة سددت بالفعل حتى الآن نحو ثلاثة مليارات دولار من هذه المتأخرات".


وبشأن الحد الأدنى للأجور، أكد قدري أن الزيادة التي حدثت في العام 2014 تخطت نسبة الـ 60% لأن الأجر ارتفع من 700 جنيه إلى 1200 جنيه، ولذا نحرص الآن على توجيه الفوائض المالية لتمويل الخدمات ذات البعد الاجتماعي، والتي تؤثر بالفعل على حياة المواطن المصري، ومن أهم تلك الخدمات الإسكان الاجتماعي حيث خصصنا له بالموازنة العامة الحالية نحو11 مليار جنيه ولعلاج غير القادرين نحو ثلاثة مليارات جنيه، وهي برامج تسعى الحكومة من وراء زيادة تمويلها إلى خدمة قطاع عريض من المجتمع المصري من الطبقة الوسطى والأولى بالرعاية.


وقال" إن الدولة تفكر في ذات الوقت في تعزيز اعتمادات وبرامج التحويلات النقدية المباشرة، حيث تعكف المجموعة الاقتصادية ومجموعة الحماية الاجتماعية على دراسة أفضل آليات لهذه البرامج بهدف أن تكون أكثر تأثيرا، ورفعت الحكومة في التعديلات الأخيرة لضريبة الدخل حد الشريحة المعفاة من 5 آلاف جنيه إلى 6500 جنيه، وهي بمثابة تحريك للحد الأدنى للأجور، حيث إنها تعني إعفاء قسم أكبر من الأجر من عبء الضريبة".


وحول الحوافز التي تقدمها مصر للمستثمرين، قال" إن التعديلات التي تم إقرارها بقانون ضمانات وحوافز الاستثمار، وكذلك تعديلات قانون الضريبة العامة على المبيعات والخاصة بخفض الضريبة على السلع الرأسمالية من 10% إلى 5% فقط وردها مع أول إقرار ضريبي هي بمثابة حوافز إضافية للمستثمرين".


وأشار إلى أن جذب الاستثمارات في المقام الأول يقوم على الثقة في مدى استدامة الوضع المالي والاقتصادي في مصر، وهو ما نعمل عليه بشكل مستمر وفي نفس الوقت تحقيق الحماية للفئات الأولى بالرعاية، لافتا إلى أن المستثمر يولي أهمية بالغة لمعدل العائد المحقق على استثماراته وأيضا مدى الحماية التي تتمتع بها استثماراته بغض النظر عن معدل الضريبة التي يسددها.


وقال" إن معظم الاستثمارات الأجنبية في مصر ترتبط الدول التابعة لها باتفاقيات لمنع الازدواج الضريبي، وبالتالي فإن الإعفاء من الضريبة بمصر يعني أن المواطن المصري يدعم خزانة الدول الأجنبية التابعة لها هذه الاستثمارات لأن هذه الدول تخضع عوائد استثمارات مواطنيها بالخارج للضريبة، وبالتالي فإن إعفائها من الضريبة في مصر لا يعفيها من سداد الضرائب في بلادها، والاستثمارات الأجنبية لا بد أن يكون لها دور في التنمية وإعادة توزيع الدخل بالمجتمع المصري".


وبالنسبة لمؤشرات عجز الموازنة العامة للعام المالي الماضي، قال الوزير" إن المؤشرات طيبة للغاية فيما يخص العجز حيث نلمس تراجعا في نسبة عجز الموازنة للناتج المحلي بنسبة 0.7% ليصل إلى 11.5% وإذا ما تم استبعاد حجم المنح التي حصلت عليها مصر في العام المالي 2013/2014 مقارنة بالعام 2014/2015 نجد أن التحسن في العجز الكلي كنسبة للناتج المحلي تزيد على 4 نقاط مئوية، وهذا نجاح غير مسبوق للسياسة المالية".


وأضاف قدري " لدينا آمال وطموحات تزيد عن هذا، ولكننا نتعامل مع متغيرات ومعطيات كثيرة لا ترتبط جميعها بالسياسة المالية".


وحول الحصيلة الضريبية، قال الوزير" إن هناك مؤشرات عظيمة تؤكد نجاح السياسة الضريبية في مصر"، وبشأن اكتشاف حقل الغاز العملاق، قال" إن اكتشاف هذه الثروات سيخدم التنمية للأجيال القادمة، وهو أمر مهم ليس فقط في حجمه وتوقيت اكتشافه، وإنما مهم أيضا في التركيب الجيولوجي في المنطقة التي تم بها الاكتشاف والتي تنبئ عن احتمال وجود مناطق أخرى بها اكتشافات بترولية كبيرة ومهمة سيكون لها تأثير إيجابي على الاقتصاد المصري".


وأكد ضرورة تنمية ثرواتنا المهمة التي حبانا بها الله والحفاظ عليها بمزيد من العمل والإنتاج وليس بمزيد من الإنفاق الاستهلاكي، وستستخدم الدولة هذا الاكتشاف لتحقيق التنمية والبناء.
وقال" إن أثر الاكتشاف المالي كبير خاصة أن الغاز الطبيعي أصبح في مجمله غير مدعوم، وبالتالي فإن بيع هذا الغاز للاستهلاك المحلي سيؤثر إيجابا والدولة تدبر موارد لاستيراد الغاز والدخل سيكون إيجابي على الخزانة العامة".


وحول مستقبل المساعدات العربية والحزمة التمويلية، قال الوزير" إننا في المقام الأول ندير الاقتصاد المصري بمنظومة إصلاحية تشمل إصلاح هيكلي وتشريعي ومالي، ونستعين بالدول الصديقة والأشقاء لاستعادة الاقتصاد المصري لعافيته، وهذا ما شاهدناه في المؤتمر الاقتصادي"،
وأضاف" نحن مصرون على إتمام الإصلاحات، وهناك دعم من القيادة السياسية لإتمامها لكي نصل إلى المستوى الذي نطمح إليه".