قال الشيخ سالم عبد العزيز الصباح محافظ البنك المركزي الكويتي السابق ، انه بات محتما على بلدان الخليج العربية الغنية بالنفط المبادرة باتخاذ إجراءات إصلاحية عاجلة لمواجهة آثار التقلبات الحادة والسريعة لأسعار النفط على اقتصادياتها التي تعتمد أساسا على عائداتها من الصادرات النفطية.

وأوضح الصباح - في تصريحات له على هامش مؤتمر "التحديات الاقتصادية للبلدان العربية النفطية" الذي اختتم أعماله في الكويت الليلة الماضية - أن في مقدمة الإجراءات الإصلاحية المطلوبة ، إجراء خفض سريع في معدلات الإنفاق العام وتقليل مستويات الدعم المقدمة لمواطني هذه البلدان إلى حدودها الدنيا بشكل تدريجي ، أخذا في الاعتبار أن هذا الدعم ينبغي أن يقدم إلى مستحقيه فقط ، مع البدء في بناء شبكة حماية اجتماعيه فعالة لتقديم العون للمتضررين من تبعات الإجراءات الإصلاحية المنشودة.


وأكد أن الدول العربية النفطية عليها أن تستعد لتبعات مرحلة صعبة مليئة بتحديات حقيقية من المرجح أن تستمر لمدة ليست قليلة ، وإن كانت حدة هذه التحديات تختلف من دولة إلى أخرى.
وأضاف "علينا الاعتراف بأن البلدان النفطية لم تستفد من دروس الثلاثين سنة الأخيرة فيما يتعلق بصدمات التقلبات الحادة في أسعار النفط وما تفرضه عليها من تحديات في رسم سياساتها المالية والنقدية ، خاصة ما يتعلق بالخلل الهيكلي في موازناتها العامة التي يتوقع أن تسجل عجزا إجماليا يصل إلى تريليون دولار خلال السنوات الخمس القادمة تأثرا بالانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية.


ولفت إلى أن السياسات المالية والنقدية في دول التعاون الخليجي لها نفس الملامح من حيث الاعتماد كليا علي مصدر واحد للدخل في تمويل الموازنة العامة يتمثل في عائدات البترول التي تمثل نحو ٨٠ إلى ٩٠ % من إجمالي حجم الموازنة العامة ، فيما تمثل مساهمة الضرائب نسبة متواضعة للغاية ، كما أن هذه البلدان لم تعرف حتى الآن ضريبة القيمة المضافة.
وأشار إلى أن الإنفاق الجاري يستحوذ علي النصيب الأكبر من حجم الإنفاق العام الكلي في هذه الدول بنسبة تتراوح بين ٧٠ و٨٠ %، فيما يمثل دعم السلع والخدمات نحو ٢٠ إلى ٣٠ % من إجمالي الإنفاق في الموازنة العامة.


وقال أن الإنفاق الحكومي هو المحرك الرئيسي لتحفيز الاقتصاد وتشجيع القطاع الخاص في الدول العربية النفطية، التي توسعت بنحو كبير على مدى السنوات الأربعة عشر الأخيرة تحت ضغط الزيادة الهائلة في الإنفاق العام الحكومي ، ما أدى إلى خلل هيكلي كبير في موازناتها التي تتسم بالجمود وتفتقر إلى المرونة.


وعلي صعيد الناتج المحلي الإجمالي ، قال محافظ البنك المركزي الكويتي السابق إن البترول يسهم بأكثر من ٦٠ % من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي في حين تتواضع مساهمة استثمارات القطاع الخاص نظرا لان النفط ما يزال هو اللاعب الأوحد في اقتصاد هذه البلدان ، كما أن دور السياسات النقدية في هذه الدول ما يزال محدودا نظرا لعدم تمتع البنوك المركزية بدرجة استقلالية عالية في رسم هذه السياسات فضلا عن عدم توافر مبادئ الشفافية والإفصاح في هذه السياسات.


وأشار إلى أن أغلبية دول مجلس التعاون الخليجي تعتمد أساسا علي الدولار الأمريكي في تمويل الجانب الأعظم من وارداتها ، كما أن الدولار ما يزال هو العملة الرئيسية في تقويم أسعار صرف عملاتها التي لم تشهد تعديلات ملموسة في أسعارها مقابل الدولار علي مدي أكثر من ٢٠ عاما رغم ما شهدته أسعار صرف الدولار من تقلبات في الأسواق العالمية مقابل معظم العملات الرئيسية.