كان البكاء والصراخ يسيطران على المشهد، إلا بقعة واحدة داخل مستشفى الطور، رجل يبدو عليه الهدوء والارهاق، يلتف حوله أسر الضحايا الغارقين، الذين لم يصلوا بعد، يتحدث بين الحين والاخر فى الهاتف المحمول لمعرفة آخر تطورات أعمال الإنقاذ. حسن الشحات (ريس مركب "محمد أبو وردة")، كان على مسافة 9 أميال بحرية من المركب الغارقة "بدر الإسلام" وأول من تلقى إشارة الاستغاثة عبر اللاسلكى، تحدث فى الثانية عشر ليلا مع عبده أبو شلبى رئيس المركب الغارقة، علم مكانه وأبحر إليه بأقصى سرعة للماكينات. "حطام للمركب، غزل متشابك" والصيادين يمسكون بما يطفوا من أخشاب على وجه الماء، وهناك آخرين سقطوا إلى القاع. شبح الموت يطوف بالمكان.. ينازعون البحر رغم أنهم سباحين.. هكذا وصف الشحات المشهد حين وصل إلى مكان المركب الغارقة والذى يقع قبالة جبل الزيت بمنطقة رأس شقير على البر الغربى لخليج السويس. فور وصوله في الواحدة والربع من صباح الأحد، أرسل إشارة لاصدقاءة الصيادين، وحضرت مركبى الصيد "عبده مايلو" و"العاشر من رمضان" اللتان كانتا قريبتان من مكان الحادث. يقول الريس الشحات، بعد عملية بحث طويلة استمرت وسط الظلام والنداءات التى يبتلعها البحر وصلنا إلى أول الصيادين، وأخرجنا 4 جثث فى الثالثة صباحا. واستمرت دوامة البحث، حتى عثرنا على 4 أخرين متوفيين طفت جثامينهم على وجه الماء فى الرابعة من صباح الأحد. بعدها بنصف ساعة، تركت منطقة البحث، كان على متن مركبى 11 مصاب، يرتعدون من البرد، تصطك اسنانهم، الصدمة سحبت الدماء من وجوههم، وقد قتل الخوف الاحساس فيهم بأى ألام يستكمل. كانت إصاباتهم بسيطة لكن الألم النفسى الذى لحق به كان اسوا من اى جروح واى كسور، 21 ميل بحرى المسافة الفاصلة بين مكان البحث عن الصيادين الغرقى، وبين ميناء الصيد بالطور، واستغرقت مدة ساعتين ونصف لنقلهم الى البر حيث وصلت بهم لمستشفى الطور فى السابعة صباحًا. يصمت قليلا فى حديثة معنا، ثم يتصل بأحد الصيادين للأطمئنان على عملية البحث وهل ظهر أى مصابين او ضحايا، فيجيب من فى البحر ان لا أثر لجديد وان الوضع يحتاج لتدخل غواصين محترفين. يواصل حديثة معنا مجددا، بعد السابعة صباحا تلقي اتصال من زملائه، كانت الرسالة بالعثور على 5 متوفيين آخرين، كما عثروا على 2 صيادين اخرين بحالة جيده حيث تشبثا بالفلوكة التى كانت تلحق بالمركب الغارقة.