افتقدت خشبة المسرح الفنان نور الشريف خاصة في سنواته الأخيرة، و ظل نور متابعاً للحركة المسرحية و آخرها تواجده بحفل افتتاح المسرح القومي في نهاية العام الماضي حيث جاء تكريمه ضمن رموز المسرح المصري.



جاءت بداية خطوات الفنان الكبير نور الشريف في طريق الفن على خشبة المسرح و هو في مقتبل سنواته بمعهد الفنون المسرحية ، و كانت عبارة عن دور بجملتين فقط في مسرحية "الشوارع الخلفية" عام 1963 من إعداد "نعيمة وصفي" عن رواية "عبد الرحمن الشرقاوى" وإخراج "سعد أردش"، و أثبت وجوده في دور صغير بعرض "وابور الطحين" عام 1965 مع فرقة مسرح الحكيم للكاتب نعمان عاشور والمخرج نجيب سرور ، هذا الظهور لفت إليه أنظار المخرج كمال عيد الذي رشحه وهو لازال طالبا بالمعهد لبطولة مسرحية "روميو وجوليت" لشكسبير بعد اعتذار كرم مطاوع عن القيام بدور "روميو" ، كما اعتذرت كل من زيزى البدراوى وسعاد حسنى عن القيام بدور "جولييت" ، فقرر المخرج المغامر أن يسند الأدوار لممثلين جدد على الحركة المسرحية هما "محمد جابر" الذي يقول عنه في مذكراته "المسرح حياتي" إنه شاهده "يقدم مشهدا من مسرحية هاملت" أثناء محاضرة له بمعسكر رياضي بالإسكندرية في صيف 1965 ، وأن تقاسمه البطولة "سناء ماهر" ، وسط كوكبة من الممثلين الكبار أمثال عزيزة حلمي وعبد الرحيم الزرقاني و نعيمة وصفي ، وللأسف لم تر المسرحية النور لخلافات داخل فرقة المسرح العالمى التى كان يديرها حمدى غيث.

"أبهر الأطفال"
انطلق نور الشريف في عالم المسرح حيث كان حريصاً على التواجد على خشبته سواء ممثلا ومخرجا بل ومشاركا في الإنتاج أحيانا ، حيث قدم على مدار تاريخه الفنى عددا من العروض المسرحية التى كان يختارها بعناية فائقة و تعبر عن مدى ارتباطه بالمجتمع ، و تنوع حضوره بين عروض مقدمة للأطفال مثل عرض "الأمير الطائر" عام 1968 للكاتب الهندى المشهور "ملك راج" وإخراج العائد من لندن المخرج "أحمد زكى ، وهو أول عمل يقدم لفرقة مسرح الطفل المنشأ حديثا وقتذاك وقدمت على مسرح القاهرة للعرائس ، واستخدم فيها تكنيك المسرح الأسود لأول مرة ، وكانت أول بطولة مسرحية له ، تبهر الطفل دون أن تبتعد به عن حياته .
و قدم عروضا تعيد قراءة الأساطير والحكايات التاريخية والفنتازيا عبر كتاب ألف ليلة وليلة وتقدمها بمنظور معاصر ، مثل "شمشون ودليلة" 1971 للكاتب الفلسطينى "معين بسيسو" وإخراج أستاذه في المعهد نبيل الألفي والذيتعاون معه في أكثر من عرض بعد ذلك .
والعرض الفانتازى "بعد أن يموت الملك" 1974 آخر كتابات الشاعر صلاح عبد الصبور المسرحية من إخراج نبيل الألفي أيضا ، و"ست الملك" لفرقة المسرح القومى 1978 ، من تأليف د."سمير سرحان" وإخراج "عبد الغفار عودة" ، و(الفارس والأسيرة) 1979 تأليف د. فوزى فهمى وإخراج زميل دفعته د.عوض محمد عوض ،و(لعبة السلطان) 1982 لفوزي فهمى أيضا وإخراج نبيل الألفي ، و في عام 1990 قدم مسرحية "المليم بأربعة" للكاتب محمد أبو العلا السلامونى و المخرج جلال الشرقاوي.
و قدم لفرقة أكاديمية الفنون مسرحية (كاليجولا) عام 1991 لألبير كامى وإخراج سعد أردش و هو العرض الذي مثل مصر في مهرجان موتريل بإسبانيا .. و العام الذي يليه قدم مسرحية "كنت فين يا على".
كما قدم المسرحية الكوميدية يا مسافر وحدك عام 1998 تأليف و إخراج د.هاني مطاوع."ربط المسرح بالواقع"
و قدم نور الشريف عروضاً مسرحية معاصرة تعبر عن الواقع منها عرض لفرقة المسرح القومى "لن تسقط القدس" عام 2002 للكاتب الصحفي شريف الشوباشى وإخراج فهمى الخولى وتم تقديمها على مسرح الجمهورية، و تم تقديمها في عدد من البلاد العربية و حقق فيها نجاحاً جماهيريا كبيرا ، وأثناء عرض المسرحية في عمان بالأردن منحت قرينة الملك عبد الله الثاني الملكة رانيا أوسمة لأبطال مسرحية "لن تسقط القدس" التي تتناول فترة الاحتلال الصليبي للقدس قبل نحو ألف عام تقديرا لجهودهم في تقديم العمل ، حيث تسلم نور الشريف وسام الاستقلال من الدرجة الأولى ، كما سلمت وسام الاستقلال من الدرجة الثانية إلي كل من المطربة عفاف راضي بطلة المسرحية ومخرج العمل فهمى الخولى ومؤلفه شريف الشوباشى. وخصصت إيرادات المسرحية التى استمر عرضها أربعة أيام وحظيت بإقبال جماهيرى في عمان، لدعم صمود الشعب الفلسطينى.

و في عام 2004 قدم لمسرح التليفزيون مسرحية "يا غولة عينك حمرا" و ذلك على مسرح النيل بمدينة الإنتاج الإعلامى ، وهى للكاتب كرم النجار وإخراج الراحلين حسن عبد السلام و إسماعيل عبد الحافظ ، و في العام الذي يليه قدم نور عرضا من إخراجه و بطولته مع منال سلامة مسرحية "الأميرة و الصعلوك" للكاتب ألفريد فرج و هى مستوحاه من "ألف ليلة و ليلة" لكن هذه المرة كانت على خشبة المسرح القومى .
ثم قدم عرض "يا مسافر وحدك" تأليف وإخراج د. هانى مطاوع و هو مأخوذ عن نص "أفرى مان" أو "كل إنسان" الشهير في مسرح العصور الوسطى الأوربية ، وشاركته البطولة كل من منى زكى و ندى بسيونى ومخلص البحيرى ."فلسفة خاصة"
و على خشبة مسرح القطاع الخاص قدم نور الشريف عددا من عروضه المسرحية التى ترتبط بفلسفته تجاه المجتمع ، ففي عام 1972 كان عرض "العيال الطيبين" مع الكاتب على سالم والمخرج حسن عبد السلام ، والنجوم الكبار نيللى و عبد المنعم مدبولى ، كما قدم مع نفس الكاتب المسرحية السياسية الساخرة "بكالوريوس في حكم الشعوب" عام 1978 إخراج كل من شاكر عبد اللطيف _زميل دفعته_ و فيصل عزب ، و هو عرض لفرقة "المسرح الجديد" من إنتاج مصطفي بركة ، و شارك في بطولته مع عدد من الوجوه الجديدة ذلك الوقت.

"نور مخرجاً"

خلاف تجربته في "الأميرة و الصعلوك" قدم نور الشريف ثلاث تجارب إخراجية على خشبة المسرح دون أن يكون أحد أبطالها ، حيث كون مع الكاتب على سالم فرقة "مسرح الممثل"، وانتجا مسرحية "سهرة مع الضحك" وكانت من اخراجه أيضاً . بالإضافة إلي مسرحية "محاكمة الكاهن" للمؤلف د. محسن مصيلحى و التى قدمها عام 1994 .
و في نهاية التسعينيات قام بإخراج الملحمة المسرحية "كفاح طيبة" للأديب نجيب محفوظ صياغة ملحمية وأغاني عبد الرحمن ـ
و المسرحية تتناول البطولة العسكرية المصرية على مر التاريخ وأن الجندى المصري واجه نكسات منذ أيام أحمس لكنه لم يستسلم ولم تنهزم قواه الداخليةـ"إفتتاح القومى"
آخر حدث شهده الفنان الكبير على خشبة المسرح قبل الابتعاد نهائيا عن الأضواء كان افتتاح المسرح القومي في ديسمبر الماضي ، حيث كان الفنان نور الشريف ا أول الحاضرين ليشاهد بنفسه الأعمال التى تمت بأقدم دار مسرحي في مصر بعد الحريق الذين شب به و تسبب في إغلاقه منذ 2008 إفتتاح المسرح.