في الليلة الأولي من عرض"ليلة من ألف ليلة" خرجت كلمات بطل العرض الفنان يحيى الفخراني إهداء إلى روح الفنان الكبير نور الشريف وقال: "أهل الأرض يموتون وأهل الحب أحياء"، "إلى الصديق العزيز الفنان نور الشريف أهدي هذا العرض"،ليدوي تصفيق حاد ولتدمع الأعين، حتى دقت الأجراس معلنة بدء العرض المسرحي "ليلة من ألف ليلة".

"ليلة من ألف ليلة وليلة" هو أوبريت نادر للشاعر الكبير بيرم التونسي تم تقديمه أربع مرات من قبل، كانت المرة الأولى في دار الأوبرا عام 1931، وقدم للمرة الثانية على خشبة المسرح القومي عام 1958، والثالثة فكانت على خشبة مسرح الجمهورية عام 1994 وقدمها في هذا الوقت الفنان يحيى الفخراني، وشاركه البطولة المطرب علي الحجار والمطربة أنغام.


العرض المسرحي ما هو إلا تلخيص لفلسفة الشاعر الراحل الكبير بيرم التونسي في الحياة، والتي عاش معظمها بين الاضطهاد والنفي، وتدور الأحداث حول شحاذ تم اختطاف زوجته وبعد مرور عدة أعوام يقابل الزوج الرجل الذي قام بخطف زوجته ويصير بينهما ثأر، وتدور الأحداث في هذا القالب التشويقي مصحوبة ببعض الأغنيات بالعربية الفصحى مما يكسب العمل ثقلاً، وليظهر العرض كحالة غنائية جميلة، الحوار كان أشبه بسيمفونية شعرية غنائية تتميز بالاعتماد الوزن والقافية في الحوار.


"ليله من ألف ليلة" هو العمل الذي جذب الفنان الكبير يحيى الفخراني للعودة مرة أخرى إلى أحضان أبو الفنون، المسرح، حيث أنه كان مشتاقاً للعودة لكنه أراد أن يعود بعمل كبير بعد مسرحية "الملك لير" التي لاقت نجاحا مبهرا منذ حوالي عشر سنوات، إلا أنه استقر على هذا النص كونه نصا شعريا من العيار الثقيل، وهو ما يفضله دائما الفخراني في تقديم أعماله سواء المسرحية أو التليفزيونية.
وعن عودته للمسرح من خلال العرض يقول الفخراني: "أود أن أدلي باعترافين، أولهما لصديقي فتوح أحمد الذي ظل يلح على لتقديم عرض مسرحي حينما كنت أصور مسلسل "دهشة" ولم أكن أنوي العودة للمسرح مرة أخرى بعد "الملك لير" لكني كنت "واخده على قد عقله"، والثاني أنني لم أتازم من تأخر افتتاح العرض وزيادة مدة البروفات، لأني كنت مستمتع بها وبوجودي في المسرح القومي، فهذا المكان له سحره بالنسبة لي وأعتبره مثل بيتي".

وعن اختياره لعرض "ليلة من ألف ليلة" تحديداً ، يقول الفخراني: "دائما ما أتبع إحساسي دون التفكير طويلاً ، فهناك أعمال كانت ملحة بالنسبة لي مثل "الخواجة عبد القادر"،ولا يوجد عمل فني مهما كانت قيمته دون متعة، وهذا ما وجدته مع "ليلة من ألف ليلة" فهو ينقلنا إلى زمن به متعة حقيقة، وظللت أبحث عن النص القديم للرواية حتى وجدته بمكتبة زوجتي د.لميس جابر، وطلبت من المخرج محسن حلمي العودة للنص القديم بمصطلحاته ليقدم العرض بروح الثلاثينيات، فالشاعر بيرم التونسي أخذها عن رواية تسمى "If I Was A King" أو "لو كنت ملكاً"، ومكان الأحداث في عاصمة الخلافة العباسية، بغداد، ومع ذلك كل المفردات مصرية 100%، وعند قراءتي للعمل شعرت بالمتعة، وكنت مصمم أن يصاحب العرض أوركسترا لايف لكن تجهيزات المسرح لم تسمح بذلك،لكن الفنان يحيى الموجي صنع الموسيقى والأغنيات لتقدم كأنها لايف".
وعن عرض المسرحية التي قدمها الفخرانى من قبل عن نفس النص، يقول: "قدمت المسرحية من قبل مع علي الحجار وأنغام على مسرح الجمهورية عام 1994، وكانت أيضا من إخراج محسن حلمي،لكن هذا العرض فيه شكل مختلف عن الأربعة مرات التي قدم فيها العرض سابقا، وما سمح لي بإعادة تقديم الدور رغم أن عمري تقدم كثيرا عن العرض السابق، أن الدور ليس له سقف عمري، فهو عن رجل متقدم في العمر له ابنة، لذلك أستطيع تقديمها في أي وقت".

بينما قال المطرب محمد محسن عن مشاركته الأولى مع الفنان الكبير يحيى الفخراني: "أقدم شخصية الخليفة الذي يقع في حب ابنة الشحاذ، وتواجدي في المسرح القومي ليست المرة الأولى، فقد قدمت من قبل عرض "حكايات الناس في ثورة 19" إنتاج المسرح القومي، لكنها عرضت على مسرح ميامي في2011"، وأضاف محسن قائلاً: "كنت أتردد على المسرح القومي لأشاهد "الملك لير" ولم أكن أتخيل أنني سأقف يوماً أمام الفنان يحيى الفخراني وكذلك الفنانة هبة مجدي، فهي اكتشاف كبير كمطربة وليست كممثلة فقط، وأدعو الجميع لمساندة المسرح بشكل عام".
وقالت الفنانة سلمى غريب: "سعيدة بالعودة للمسرح القومي،البروفات كانت طويلة لكن لم يعاني أحد من تأخر الافتتاح، تحملنا أربعة أشهر من المشاكل والمواجهات لكن في النهاية نعدكم بعرض رائع".

فيما يقول مدير المسرح القومي الفنان يوسف إسماعيل: "استغرق العمل على العرض أربعة أشهر من البروفات والمعاناة، وكان لوجود نجم بحجم يحيى الفخراني تأثيره في خروج العمل إلى النور، بالإضافة إلى أنه تم بناء الديكورات والملابس في الأقسام الفنية بالمسرح القومي وهو ما حقق مبدأ الاكتفاء الذاتي".