ناجي أبومغنم يكتب: السوسة واللتات

ناجي أبومغنم
ناجي أبومغنم

تصرفات عفوية وأفعال لا إرادية ومواقف عادية تحدث يوميًا بين المرء وزوجه، أو حتى بين المخطوبين، قليل بل نادرًا ما تلتقط عدسات الكاميرات بعضًا منها، ليصبح بين عشيةِ وضحاها ملء السمع والبصر، أو تريند بلغة السوشيال ميديا. 

ينتشل رواد مواقع التواصل هذا الموقف من سكونه وسترته، ويضعوه على المسرح، والكل -إلا من رحم ربي- يتطوع برأيه الذي لم يطلب منه، بين لعن وسب وتنظير ونقد ونصح، 

يضخمون الأمر على أنه حدث جلل هز البلاد، أو كظاهرة استشرت في المجتمع وتعبر عن حال الكثيرين، في حين أنها لا تمثل سوى أصحابها الذين قد لا يعرفهم سكان الشارع القاطنين فيه، ولولا مواقع التواصل ما سمعنا عنهم ما حيينا.

ومن المؤكد أن سنوات ما قبل الإنترنت شهدت حكايات مشابهة ومرت مرور الكرام دون أن تصل لنا ويعقبها -كما نرى حاليًا- لت وعجن، وفضح العباد والتشهير بهم، بما يفضي في نهاية الأمر إلى إظهار عورات المجتمع وسلبياته وهدم قيمه وتحريف معاييره والنيل من ثوابته التي تربينا عليها ، لنفاجئ بتخريب البيوت وتكدير صفو المجتمع. 

فيا أهل السوشيال ميديا الكرام، وحديثي في البداية إلى أخواتي من نون النسوة، اللاتي ارتدين روب المحاماة، وعينوا أنفسهن مدافعات عن كل سيدات الأرض، يدعين النصح الرشيد. 

اعلموا أن تلك المرأة النمامة في حقيقة الأمر تكون كالسوسة التي تنخر في  الود والمحبة اللذان يغلفان العلاقات الإنسانية، وتدعو غيرها جهارًا نهارًا ممن تعرفها ولا تعرفها، بهدم أسرتها والوقوف على الوحدة لزوجها، وتكون سيئة النية معه، لا تلتمس له عذرًا، ولا تتخطى هفوة إلا وقد وضعتها على مائدة التحقيق، وتترك أولادها وبيتها بحجة تأديب شريك حياتها والحفاظ على كبريائها وكرامتها. 

عزيزتي دعي الأمور تصفى بين الأحبة، وإن ملكتي كلمة طيبة فلتتصدقي بها، تكن في ميزان حسناتك، وما دون ذلك، فالتزمي الصمت ويقيني بإذن الله أنك سوف تؤجري عليه. 

وإلى إخواني الرجال كبارًا وصغارًا، ما عاهدت أحد منكم يا أهل الرزانة والوقار "لكلاك أو لتات، يتحدث عمال على بطال في كل ما هب ودب، ويتدخل فيما لا يهمه أو يعنيه" .  
والسؤال لك يا صديقي، ما الطائل من تعليقك على كل المنشورات التي تقع عليها عينك على السوشيال ميديا، لماذا تسهم في نشر قصة أغضبتك وأزعجتك وتؤذي بها آخرين، وماذا سيغير رأيك وما المفعول السحري للنيل من غيرك حتي وإن كانوا مخطئين. 
فقط، دع الخلق للخالق، وكونوا خفافا، لا تكتب بأناملك كلمة تغضب إنسانًا، واعلم أن النصيحة في العلن فضيحة، وحذاري أن تجعلك فاهك كفوهة البندقية تخرج حروفًا كالطلقات تجرح بها من أمامك، وخير حل للقضاء على التفاهات هو تجاهلها والسكوت عنها.
 

وختامًا، ومن خلال هذه النافذة التي أبعث من خلالها بكلماتي، أنقل لكم تمنياتي بحسن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ولا نجعلها حبلاً ينشر عليه "الغسيل السيء" كما يقول المثل الشعبي، ولنعيدها إلى سيرتها الأولى ودورها الأساسي في التواصل وكسب المعرفة والتزود من العلوم، ومساعدة الغير، ونقل الإيجابيات لتعم الفائدة.