عاجل

الوجه الآخر للاحتضان| قصص عن التنمر المجتمعي.. والأسر غير المؤهلة 

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

شيماء: هناك ميكرسكوب على تصرفاتنا مع الطفل

أم هناء: بعد موتي ما مصير بنتي المحتضنة !

يمنى دحروج: عدم إبلاغ الطفل من البداية يتسبب في كارثة نفسية فيما بعد


الاحتضان والكفالة ظاهرة وعبادة رغم وجودها من قديم الزمان، إلا أنها انتشرت وظهرت بقوة مؤخرا، والتفت لها المجتمع بصورة كبيرة، خاصة بعد تعديلات القانون الخاص بها والذي سهّل الإجراءات ويسر الشروط، وأتاح الفرص لفئات لم يكن لها نصيب لتكفل طفلا من قبل.
 
ورغم مالها من فرحة وثواب لا يضاهي، إلا أن هناك مشاكل عديدة تواجه جماعات الاحتضان سواء حاضنين أو محتضنين بعد الاحتضان، حاولت بوابة أخبار اليوم التعرف عليها ممن خاضوا التجربة، ومعرفة كيف يمكن معالجتها.
 
شيماء ورفعت بعد سبع سنوات من زواجهما لم يكن لهم نصيب فى إنجاب طفل، فقررا أن يكفلا طفلا يكون لهما حياة وروح ويكونا له أسرة وسند، وكانت أول مشاكلهم أن عملهم في السعودية، ولم يكن متاح وقتها السفر بالطفل المحتضن خارج البلاد، ومع تغيير بنود القانون، تقدما على الفور بطلبهم، وكانت اعتراضات المحيطين بهم ثاني عائق في طريق تحقيق حلمهم، إلا أن إصرارهم مكنهم من احتضان «سليم» وسط ترحيب المحيطين.
 
ميكرسكوب على تصرفاتنا
وعن مشاكل مابعد الاحتضان تقول «شيماء»: «الناس مش فاهمة يعني إيه احتضان، وكل واحد بيدي نفسه الحق في إنه يحاسبنا عن كل حاجة، في ميكرسكوب على تصرفاتنا ومراقبتها، مافيش راحة زي أي أم طبيعية في تعاملها مع ابنها او تعامل أبنها معاها».
 
وتكمل: «هناك عدم تقبل من الناس لفكرة انه طفل طبيعي بمعنى طالما بنختار يبقى لازم يكون مثالي شكلاً وطبعاً عشان مانتعرضش احنا وهو للنقد»، ما يسبب الكثير من الضغوط على الطفل والأسرة، بالإضافة إلى أن الشكوى من شقاوة هؤلاء الأطفال ليس من حق الأسر المحتضنة كغيرهم من الأسر.
 
وأوضحت شيماء قائلة «أنا مثلا قيل لي ما أنتي كنتي هتموتي وتكفلي، بتشتكي ليه بقى، ودا لأني كنت بهزر وبقول بنام الفجر»، منوهة أن المجتمع لا يفهم أنهم أمومة وبنوة كاملين، ويضع أسرة المحتضنين.
 
«هاجس الموت»
الخوف على الطفل في حالة وفاة الوالدين من أكثر ما يؤرق شيماء وزوجها، فهم لا يعرفان كيف سيكون مصير سليم إذا حدث لهما شىء، فقد يرجعه المحيطين للدار، أو لا يحافظ له أحد على حقوقه المادية بحجة أنه شرع وحق وورث، والطفل ليس له حق في الميراث، قائلة «هذه تعتبر من أكثر المشاكل التي نخاف منها كلنا كمحتضنين».

 

اقرأ أيضا : «سنجل مازر»| أمومة من رحم الاحتضان (ملف)
 
حقوق الطفل البيولوجي
من أبرز المشاكل التي تواجه الأسر المحتضنة بعد أن يحتضنوا أطفالهم كما أشارت شيماء، أنهم لم يحصلوا بعد على حقوق أولادهم التي يريدوها مثل الطفل البيولوجي، ومنها «وصاية تعليمية - كليات عسكرية - عضوية نوادي، وغيرها».
 
خوف من المستقبل
أم هناء «سينجل مازر»، تخاف من مشكلات مستقبلية قد تواجه ابنتها المحتضنة لكونها ليست ابنتها بيولوجيا، قائلة «من المشكلات التي أخاف منها بعد موتي ما مصير ابنتي، ماذا ستفعل إن مت أنا وهي مازالت صغيرة، أريد أن أؤمن مستقبلها، أريد ان يؤول معاشى لها، وأن يكون لها الحق فى ميراثي».


ظهور الأهل البيولوجيين 
أما مشكلة أم فاطمة فتتمثل فى خوفها من يأتي يوم ويظهر لأبنتها أهل بيولوجيين، قائلة «خايفة حد في يوم يطلع ويقولي دي بنتي، وقتها أنا ممكن أعمل إيه، ومهما كان سبب تركها من البداية، فهي أصبحت ابنتي أنا، فكيف يأخذها أحد مني».
 
وتقول إن هناك حالات يظهر أهلها، ويتم عمل تحليل الـDNA، ولو طلع صالح الأسرة البيولوجية تأخذ طفلها، إلا لو أن الأسرة المحتضنة قامت برفع قضية للتمسك بطفلها المحتضن، لذا نطالب بالتعديل فى هذا البند فى القانون، متسائلة "فين حقنا فى عيالنا"، مستطردة «دول ولادنا ورضعناهم، فين القانون اللى يحمينا وأولادنا من ناس وأسر تركت أولادها».
 
مختتمة ان هناك عقبات كثيرة فى طريقهم، ومنها كما قالت «لايمكننا إلحاق أطفالنا بالنوادي التي نحن أعضاء بها، لا يحق لهم معاشنا، ولكن الأهم من كل هذا بالنسبة لي أنا حقي في بنتي وإن ماحدش ياخدها مني في أي وقت».
 
غياب قانون واضح وصريح
وعن أبرز مشاكل ما بعد الاحتضان وفق العديد من التجارب تحدثت إلينا يمنى دحروج مؤسس مبادرة الاحتضان في مصر، قائلة: «من أهم المشاكل أنه لا يوجد قانون واضح وصريح للطفل المحتضن، وبالتالي فإن الأسرة عندما تذهب لأى مكان لعمل أى شئ يخص الطفل مثل عضوية فى نادى أو إضافة على بطاقة تموين أو تأمين صحى أو تقديم فى المدارس أو غيرهم، فإنها تواجه مشاكل مع المصالح الحكومية والإدارات والورق الروتينى، لعدم وجود قانون واضح وصريح يحدد موقف الطفل المحتضن من هذه الإجراءات، وبالتالى أحيانا تتوقف الإجراءات ويتعطل الورق".
 
ولفت إلى أن هناك مشاكل نفسية واجتماعية قد يعانى منها الطفل المحتضن والأسرة، فلو أن الأسرة غير مؤهلة لإبلاغ الطفل بالواقع، وعندما يكبر وتزداد أسئلته تبدأ بالكذب عليه، يشعر الطفل أن هناك شئ مخفى عنه ولا يعرفه، ويدخل فى حالة من الإنعزال والإنغلاق على نفسه، وتحدث فجوة بينهما فى مرحلة المراهقة، ويتغير سلوك الطفل وتقف الأسرة عاجزة عن التعامل معه، وهذه تعد أكبر المشكلات من وجهة نظر مؤسس مبادرة الاحتضان.

اقرأ أيضا : سينجل مازر| هبة..طبيبة نساء وتوليد تحتضن «مهادة»
 
أسر غير مؤهلة
ومن الأمور التى شددت عليها يمنى هى أن هناك أسر قد تكون غير مؤهلة فعليًا الاحتضان وكيفية التعامل مع الطفل، فمثلا كان لديهم تصور معين للطفل وشخصيته وطبيعة الحياة فى وجوده ، ولو لم يجدوا ما رسموه، فيبدأوا فى رفض الطفل ومعاملته معاملة خاطئة أو سيئة، وفي بعض الأحيان ارجاعه مرة أخرى للدار، وهذا يسبب للطفل أزمة نفسية مضاعفة عن ازمة وجوده فى الدار من البداية.
 
وتابعت قائلة إن هناك مشاكل أخرى قد يتعرض لها الأولاد بعد الاحتضان، مثل مواجهة أشخاص تتعمد أذيتهم، والتحدث عن أنهم أطفال محتضنين بصورة سلبية، قائلة «لذلك نؤكد على أن الأسر لابد أن يكون لديها الوعى الكافى لمساعدة أولادها، وانهم لديهم اختلاف ولكن هذا لا تعيبهم».
 
وعن كيفية معالجة مثل هذه المشكلات أكدت دحروج أنه لابد أن تكون الأسر لديها الوعي الكافي، وعندما يكون لديهم مشكلة لا يستمعوا لأي حديث يقال، والأصح هو الذهاب للمتخصص، أو الاستماع لأصحاب الخبرات السابقة ممن مروا بنفس التجربة.
 
وتابع أن هذا بالإضافة إلى أهمية أن تضع الدولة قانون واضح وصريح يحدد كل ما يخص شأن الطفل المحتضن على كل المستويات وبكل الجهات المعنية والتى تتعامل معها الأسر، فيكون هناك قانون كامل للطفل في كل الوزارات والهيئات التى يحتاجها الطفل أو الأسرة الحاضنة.
 
واختمت مؤسس مبادرة الاحتضان حديثها «من وجهة نظري أكبر المشاكل في الاحتضان، هي الأسر التى احتضنت، وكبر أولادها، ولم تبلغهم بالوضع الحقيقي في البداية، ووصل الأولاد لسنْ المراهقة وعرفوا بطريقة أو بأخرى، وبدأوا في التمرد وساءت العلاقة بينهم، فبعد مرحلة الطفولة والفرحة بالطفل وأنه يكبر، يأتي في مرحلة أخرى ويتمرد عليهم».