مآسي الرقاب المحنية| متلازمة «الرقبة النصية».. في كل منزل ضحية للموبايل

 استخدام الهاتف المحمول يسبب كارثة الرقبة النصية
استخدام الهاتف المحمول يسبب كارثة الرقبة النصية

أُجريت أول مكالمة من هاتف محمول في العالم، عام 1973، في إنجاز فريد تشهده البشرية لأول مرة، اختراع غيّر مسار الحياة، وأتاح التواصل بين الناس مهما كانت المسافات، فعمَّ نفعه على الإنسانية جمعاء وما زالت استخداماته تتطور منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا.

 

لم يذهب أحد في ذلك الوقت إلى إجراء الدراسات حول هذا الهاتف لمعرفة ما هى تأثيراته السلبية التي يمكن أن تلحق بمستخدميه، ورغم التطور الكبير الذي نعيشه حاليًا إلا أن الأبحاث في هذا الشأن ما زالت قاصرة ولا ترقى لحجم المخاطر التي تهدد بالإنسان بسببه، والذي بات يعكف ساعات طويلة من يومه أمام هذه الشاشة الصغيرة.


"بوابة أخبار اليوم" فتحت الملف لمعرفة تأثيرات الهاتف على الإنسان وتواصلت مع المختصين لمزيد من التفاصيل، وفي السطور التالية: نسلط الضوء على مخاطر استخدام الهاتف المحمول على الفقرات والمخ والنظر وتأثيره السلبى على الأطفال وعلى المجتمع كله.

 

وفقاً لدراسة حديثة في نيويورك لجراحة العمود الفقري وإعادة التأهيل، وجد الباحثون أن مقدار القوة الواقعة على الرقبة يزيد بدرجة الإنحناء، فميل الرأس بزاوية 45 درجة يزيد الضغط الذي يعادل 22 كيلوجرام على الرقبة، أما ميلها بزاوية 30 درجة فيعادل قوة ضغط 18 كيلوجرام، في حين تضع 15 درجة قوة ضغط إضافية تعادل 12 كيلوجرام، على العمود الفقري.

 

وقال الباحثون: يزداد الوزن بشكل كبير على العمود الفقري حين تنثني الرأس إلى الأمام بدرجات متنوعة.


وأطلق الأطباء مرض “Text Neck” أي مرض "نص الرقبة" وهو داء ‫العصر الحديث، لدى مستخدمي الهواتف الذكية، ويؤدي إلى آلام الرقبة، والكتفين، والظهر، والرسغين، والذراعين، والصداع بسبب انحناء الرقبة لفترات طويلة.


وبحسب دراسة أجرتها مؤسسة "Kaiser Family Foundation"، فإن الأطفال ما بين 8-18 عامًا يقضون سبع ساعات في استخدام وسائل الترفيه، فيضاعف ذلك آلام الظهر والرقبة، وقد تضاعفت المعلومات المستخدمة على الهواتف الذكية بمعدل ثلاث مرات أكثر بين ‪2010-2011‬.


علياء: أعانى من ديسك بفقرات الرقبة.. ولا فائدة من العلاج الطبيعى وأدوية الالتهابات

 

ساعات عديدة تقضيها علياء أبو شهبة، صحفية مصرية في تصفح الأخبار الإطلاع على كل ماهو جديد من معلومات التي تنتشر كل ثانية، حتى بات الهاتف المحمول واللاب توب، جزء لا يتجزأ من يومها، بل أصبحت شاشته هي المنفذ على الحياة.

 

أكثر من 12 ساعة تقضيها علياء وهي تمسك هاتفها المحمول، ما بين التصفح لوسائل التواصل الاجتماعي، والتحدث مع أصدقائها، وبين مشاهدة المسلسلات والأفلام وكتابة الخواطر، شاشته الصغيرة وإمكانياته الكبيرة و خصوصيته الشديدة التي تشعر بها، جعلتها تهجر جهاز اللاب توب وحجمه الكبير واستسهال كتابة مواضيعها الصحفية عليه.

 

لم تبالي علياء بالأضرار السلبية لاستعمال هاتف المحمول طيلة اليوم، فقط يتسبب في إرهاق النظر، حتى بدأت الآلام في فقرات الرقبة المنحية لساعات طويلة للعمل على الهاتف، في بداية الأمر لم تهتم كثيراً بتلك الآلام البسيطة التي بدأت تنذرها، حتى بات الوجع يزداد رويداً رويداً، خاصة  مع استخدام اللاب توب والانغماس في عملها والجلوس بطريقة خطأ، دون محاولة لتصحيح تلك الأوضاع.


وفي عام 2016، تشخصت علياء بديسك بفقرات الرقبة ناتج عن رأسها المنحي أمام الهاتف المحمول واللاب توب، لتخضع للعلاج الطبيعي لفترة، دون فائدة، واكتفت بتناول الأدوية ومضادات الالتهاب.


علياء لـ "بوابة أخبار اليوم" قالت: طبيعة عملي تجعلني اتعامل مع الموبايل على مدار الـ  24 ساعة، اعتمدت عليه في كل شئ، وبالتالى زادت نسبة الديسك لفقرات الرقبة مع مرور الوقت، بجانب التهابات الأعصاب في اليدين والكتف والذراع ناتجة من فقرات الرقبة.


وتابعت قائلة: "الموبايل سهل الاستخدام وخفيف، وحتى قراءة القرآن كانت من خلال شاشته الصغيرة، ولكني الآن أحاول ممارسة الأوضاع الصحيحة في الجلوس على اللاب توب، أو التخفيف من ساعات الإمساك بالهاتف المحمول.

 

"بحاول حاليا اتوجه إلى ممارسة الرياضة، واتباع إرشادات الجلوس الصحيحة، لتفادي آلام فقرات الرقبة"، هكذا اختتمت علياء حديثها عن رحلة معاناتها.

 


 


هنادي: أصبت بداء العصر "نص الرقبة" لاعتمادى عليه أكثر من ٨ ساعات يوميا متواصلة

 

 أكثر من 8 ساعات معدل استخدام هنادي الشناوي، إحدى المصابين بمرض (نص الرقبة) للهاتف المحمول، تبدأ يومها كمديرة علاقات عامة، بإستعمال الهاتف المحمول لمعرفة تفاصيل يومها، وتحديد الأعمال المطلوب منها، والبحث عن الأخبار المتعلقة بعملها في إحدى شركات الانترناشونال.


7 سنوات من العمل اعتادت فيهم هنادي على ممارسة عادة استخدام هاتفها المحمول قبل النوم، لمدة تزيد عن ساعتين وهي ملقاه على السرير و تحرك رقبتها في اتجاه الموبايل، حتى شعرت بآلام شديدة في يدها، قررت حينها اللجوء إلى طبيب مختص، والذي بدأ بسؤالها إذا كانت تشعر بآلام مصاحبة لفقرات الرقبة، ولكنها لم تشعر حينها بهذه الآلام.

 

استمرت هنادي على أدوية التهاب الأعصاب لفترة وجيزة قد لا تتجاوز شهرين، وسرعان ما بدأت تشعر بآلام شديدة في ذراعيها، وصولاً بِفقرات رقبتها، لتقرر عمل أشعة مقطعية على الرقبة، و تم تشخيصها بمرض (نص الرقبة) داء العصر الحديث الذي يصيب مستخدمي الهواتف الذكية.

 

اقرأ أيضا: قريبًا.. أصابع اليد تشحن الهاتف المحمول | صور


د.عدلى صبور: تثبيته بزاوية خاطئة لفترات طويلة تسبب التهابات في أوتار الكتف والكوع ..وآلام  فى عظمة اللوح

 

نسبة المرضى المصابين بالتهابات الفقرات العنقية تتراوح مابين 5% لـ 12% .. وزادت مع جائحة كورونا للإقبال على الإجتماعات الأونلاين

 

الدكتور عدلى صبور عميد كلية العلاج الطبيعى بجامعة بدر، أكد لـ"بوابة أخبار اليوم" أن استخدام الهاتف المحمول له  تأثير سلبي على الفقرات العنقية للرقبة، وكلما زادت زاوية انحناء الرقبة، كلما زاد التحميل على الغضاريف، مضيفاً إذا كانت زاوية انحناء الرقبة 60 درجة، يكون التحميل على الفقرات العنقية للرقبة 6 أضعاف الطبيعي، بوزن 30 كيلو.


وتابع صبور قائلاً: "طريقة الإمساك بالهاتف المحمول تؤثر على عضلات الكتف، مما تسبب الإنحناء الأمامي لعظمة الكتف، وبالتالي تسبب انحناء في زاوية العمود الفقري".


وأشار صبور  إلى أن تثبيت الهاتف المحمول بزاوية خاطئة لفترات طويلة تسبب التهابات في أوتار الكتف وآلام في أوتار الكوع، بالإضافة إلى آلام بالفقرات الصدرية، وخاصة عظمة اللوح، لأنها فقرات قليلة الحركة، وإذا حدث بها التهابات و ضغط على العصب المربوط بها تعطي أعراض مماثلة للذبحة الصدرية.

 

ونوه عميد كلية العلاج الطبيعي، أن نسبة المرضى المصابين بالتهابات الفقرات العنقية (نص الرقبة) تتراوح مابين 5% لـ 12%، وتزداد هذه النسبة بسبب جائحة كورونا، والفترات التي أجبرت الجميع للبقاء في منازلهم والإقبال على الاجتماعات الأونلاين.


وشدد صبور على أهمية تقليل زاوية انحناء إمساك الهاتف المحمول، ورفعه إلى الأمام وإبعاده قليلاً عن الوجه وتقليل من فترات استخدامه.

 

اقرأ أيضا: دراسة: استخدام الهاتف المحمول لمدة 17 دقيقة يوميًا يزيد نسبة الإصابة بالسرطان