حكايات| عبقرية الصعايدة في «آيات».. إنجيل وقرآن على أبواب نقادة التاريخية

باب في نقادة مزين بالزخارف الإسلامية والآيات القرآنية
باب في نقادة مزين بالزخارف الإسلامية والآيات القرآنية

شوارع تزينها مباني تاريخية قديمة، وأبواب خشبية عتيقة الطراز، مخزون هائل من الفن المدون والمحفوظ في وجدان الثقافة والمآثر التي تركتها التجربة الإنسانية.. هنا في «نقادة» تتجلى أروع ما أبدعته الأنامل من منمنمات غارقة في نعيم العراقة، دللت تفاصيلها برقي بالغ عن أولئك الذين عبروا التاريخ وخلفوا تلك الثقافات.

 

في مدينة نقادة جنوب محافظة قنا، سجلت واجهات المباني التاريخية نموذجًا فريدًا من طراز الفنون الخشبية، بعدما وجد الفنان القديم فيها مادة مطوعة له، فنقش عليها كلماته وأسراره، وأشعاره المتوارثة جيلًا بعد جيل.

 

وبحسب المؤرخين، فقد سجل التاريخ عنوان «الفنون الإسلامية والقبطية» التي أنتجها الفنان المسلم والقبطي، عبر العصور المختلفة، بعدما استطاع كل منهما أن يصهر ثقافات متعددة ومتباينة ويوحدها، لتشمل بجانب النقوش الخشبية، الزخرف والمنحوتات وأساليب التخشيب المتنوعة.

 

وفي الفن الإسلامي، تميزت ابتكارات النجارين، الذين استخدموا «الحشوات المجمعة» في صناعة الأدوات الخشبية والأبواب والنوافذ، بالجمع بين القطع ذات الأشكال الهندسية المختلفة، والتحايل على تقوسات الخشب نتيجة عوامل الطبيعة، فأصبحت القطع الموصولة، تتيح مجالا للتعامل مع حرارة الطقس، وتعمل الفراغات بين قطع الأخشاب الصغيرة على منح الخشب مساحة كافية للتقلص والتمدد.

 

وفي عصر الدولة الفاطمية بمصر، اشتهرت الفنون الخشبية الى حد كبير، مرورًا بالعصر المملوكي، الذي برزت فيه فنون النحت والتصميم على الخشب، بطريقة «الخرط» التي شاعت في صناعة السواتر الخشبية، المعروفة حاليًا بـ«المشربيات» التي يتم من خلالها تحويل الخشب إلى «برامق» مستديرة ترص إلى جانب بعضها البعض، بأسلوب لا يخلو من ذكاء الصنعة وفن الإبداع.

 

 

وقد استخدم فى المداخل العامة للمنازل والمساجد بأشكال زخرفية على هيئة نجوم أو دوائر، ما بين حمراء وسوداء وبيضاء، وكذلك استخدام الأجر بألوان أحمر وأسود، إضافة إلى استخدام الأعتاب الخشبية التي تحوي زخارف هندسية مختلفة وكتابات داخل بحور. 

 

أما ثابت صابر، صاحب محل بالسوق القديمة بنقادة فيروي أن المباني القديمة في المنطقة مبنية منذ أكثر من 150 سنة، وهو طراز قديم يدل على تاريخ المكان. 

 

الباحث الأثري أيمن أبوالوفا تحدث عن أن المباني التاريخية في نقادة، طراز ظهر في العصر العثمانى بصعيد مصر، وتحديدًا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وهو طراز امتاز بالبناء بالطوب الأجر. 

 

 

ويشير بطرس ثروت من أهالي منطقة السوق، إلى أن الرموز المكتوبة على أبواب المنازل القديمة بالمنطقة، تدل على إبداع الأجداد في هذا الفن، وهذا تاريخ لا يعرفه «شباب اليومين دول». 

 

ويلمح جلال همام، باحث أثري، إلى أن نقادة مدينة تاريخية تقع غرب النيل، وتبعد عن القاهرة 670 كيلومترًا، تمتاز بالمباني القديمة ذات التراث القديم، وعندما تمر بشوارعها تشم رائحة التاريخ، خاصة شارع السوق القديمة به أبواب خشبية محفورة، منها آيات قرآنية وأيضًا من الإنجيل، ويمتاز الباب الخشبي بنقادة، بأن به «مزلاج وهو الغلق». 

 

 

ويشير أحد أهالي نقادة، إلى أن منظر المنازل دليل على عبقرية مصمميها من قبل، الذين يمتازون بالمهارات العالية.