عائشة البصرى صاحبة «رجل اسمه الرغبة»: التقيت بـ «الدون جوان» كثيرًا فى حياتى

الأديبة المغربية تتحدث لـ«الأخبار»
الأديبة المغربية تتحدث لـ«الأخبار»

تقول الأسطورة إن «دون خوان» كان «زير» نساء وعاشقاً شهيراً، أغوى أكثر من ألف امرأة دون تعقيدات أو منغصات، لكنه عندما حاول استمالة فتاة أرستقراطية جميلة تدعى «دونيا آن»، يكتشف والدها، القيادى المحارب، الأمر فيدعوه للمبارزة، وعند المنازلة، يتمكن دون خوان من قتل القائد والهرب مما يدفع «دونيا آنا» مع خطيبها «دون أوتافيو» للإيقاع به دون جدوى، ويمر «دون خوان» بضريح أحد القادة فيسمع صوتا من تمثاله المنتصب فوق الضريح يحذره من عواقب أفعاله مع بنات الناس، وينذره بالعقاب، لكن «دون خوان» يسخر من التمثال داعياً إياه لتناول العشاء معه»، قليل منا من يعرف القصة الحقيقية لـ «دون جوان»، لكن الشاعرة والروائية والقاصة المغربية عائشة البصرى، الحائزة على جوائز عديدة عربية ودولية والمترجمة أعمالها إلى عدة لغات، تأثرت بهذه الشخصية، كما تأثر بها من قبل الكثير من الأدباء الغربيين..  وقدمته لنا بشكل مختلف ومدهش فى رواية «رجل اسمه الرغبة، اعترافات دون جوان»، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية، وحول هذه الشخصية وتلك الرواية كان لنا هذا اللقاء:

سألتها، ما سر اهتمامك بهذه الشخصية فى رواياتك، حتى أصبحت محوراً لروايتك الأحدث «رجل اسمه الرغبة»، أجابتنى: ليست شخصية الدون جوان ولكنها شخصية اسمها خوان رودريغو أمية، وستلاحظ أنه اسم مكون من كلمتين إسبانيتين ولقب عربي، شخصية ملتبسة كاسمها، رافقتى مسافة خمس روايات، كلما قررت التخلص منها اندست بين السطور، وبإلحاح، فى رواياتى السابقة، كان «خوان» حاضراً بأقنعة مختلفة باختلاف الوجوه الكثيرة التى صادفتها فى حياتي، فى الرواية الأولى كان له ثلاثة أنداد، لا يتحقق الواحد منهم، أو يظهر إلا بموت الآخر، ثلاثة أشخاص تناوبوا على اسم رجل ميت، فى الرواية الثانية «حفيدات جريتا جاربو»، ظهر أحدهم كطبيب للأمراض النفسية، وهو نفسه مصاب بالانفصام، فى الرواية الثالثة «الحياة من دوني»، ظهر كشخصية عابرة صحفياً حربياً فى فيتنام، فى الرواية الرابعة «كجثة فى رواية بوليسية» كان حارسا لنفق بين عالم الموت، وعالم الحياة، عندها، اعتقدت أنها المرة الأخيرة التى ستظهر فيها هذه الشخصية فى كتاباتي، بعد أن أعطيتها حقها واستنفدت الحيوات الأربع، لأفاجأ بنفس الشخصية تقتحم عالم السرد فى هذه الرواية، وتأخذ مساحة أكبر، تتمدد وتتوسع لتصبح هى الساردة وتتحكم فى دفة السرد.



اقرأ أيضًا| «ريم نجمي» مؤلفة «العشيق السري للسيدة ميركل» : استمتع بتقمص شخصياتي الروائية

«كورونا» هى السبب
كلام جميل، ولكن، ثلاث سنوات تكتبين فى «رجل اسمه الرغبة»، لماذا كل هذا الوقت، تبتسم عائشة، وتقول: زمن كتابة هذه الرواية هو عادى بالنسبة إلى، كل رواياتى أخذت وقتها الكافى، ليس أقل من سنتين، أحرص على إنضاج النص، واختماره كما أن رواياتى تحتاج إلى الكثير من البحث خاصة تلك التى كانت لديها خلفية تاريخية، فى هذه الرواية هناك فصل عن الرائحة، والعطر، ومدى جاذبيته فى الإغواء، وهو ما تطلب منى البحث فى صناعة العطور وتاريخها، وأيضاً، عندما كنت أشتغل على «رجل اسمه الرغبة» حين باغتتنا جائحة «كورونا»، وتحت تأثير أجواء الموت، والعزلة وجدتنى أقود شخصية روائية لامرأة إلى عالم الموت والصراع مع الوباء، فتحتُ باب الموت على مصراعيه، ودخلت عوالم رواية جديدة «كجثة فى رواية بوليسية»، لم أستطع تجاهل ما يحدث فى العالم، ومقاومة الكتابة عن التداعيات النفسية للجائحة علينا، لأول مرة أحس أن رواية اكتملت فى داخلى بهذه السرعة، وطبعتها دار النشر فى وقت قياسى، بعد شهور عدت إلى رواية الدون جوان.. ألتقت منها طرف الكلام، تغيير السارد فى الرواية، كان ذلك فى صالح النص، فتؤكد: إنها لعبة سردية اعتمدتها عن قصد لتحطيم ذلك الحاجز الهش بين المتخيل والواقع، وبين الشخصية الروائية والقارئ، وكذلك بين الشخصية والكاتب، كل الأصوات متداخلة فى النص، تتحاور وتساهم فى الكتابة، أراهن دائما على قارئ ذكى، ومجتهد يشارك فى كتابة الرواية، ويملأ البياضات التى يتركها الروائى عن قصد.