إنها مصر

وماذا بعد؟

كرم جبر
كرم جبر

إسرائيل لن تستطيع القضاء على حماس، وحماس لن تهزم إسرائيل، وتؤكد حرب الشهور السبعة الماضية فى غزة، صعوبة الحسم ميدانياً، وضرورة الإذعان لمبادرات التهدئة وصولاً إلى وقف إطلاق النار.


إسرائيل لن تستطيع البقاء فى غزة طويلا، وسبق لها الانسحاب منها دون شروط، فهى تشبه برميل البارود القابل للانفجار ضد الاحتلال فى أى وقت، وستصبح مقبرة للجنود الإسرائيليين كما حدث من قبل.


صحيح المقاومة الفلسطينية لا تمتلك أسلحة مثل إسرائيل، ولكنها ستوظف ما لديها فى حروب الشوارع والعصابات والعمليات الاستشهادية، ولن يكون فى قدرة جيش الاحتلال أن يعيد هدم اجزاء من غزة واجتياحها عقب كل عملية، فلم يعد فيها الا الركام والحطام.
إسرائيل لا تريد الرهائن فحسب، ولكن أيضاً تدمير حماس عسكرياً ورءوس القادة الميدانيين، حتى يعود نتنياهو منتصراً إلى تل أبيب، ليزف للإسرائيليين تفاصيل الانتصار العظيم، على جثث عشرات الآلاف من الشهداء.
المعادلة صعبة فى حرب ليس فيها منتصر وليس لها نهاية، لأن أحد طرفيها شعب يدافع عن وطنه وقضيته، ولن يترك أرضه مهما كانت التضحيات، ولا يمكن لجيش مهما كانت قوته أن ينتصر على شعب يصمد منذ 75 عاما.
والأزمة تتعقد يوما بعد يوم ، فى ظل أوضاع محلية وإقليمية ودولية بالغة الصعوبة، ولا تبدو بارقة أمل لنهاية هذه المأساة الرهيبة.
ففى ميدان القتال فى غزة ورفح الفلسطينية تتصاعد رغبة نتنياهو الجنونية فى حرب الإبادة، لأن الأهداف التى دخل من أجلها الحرب لم يحقق منها شيئاً، وكلما بحث عن حماس فى منطقة ولم يجدها جن جنونه ويقوم بإخلاء مناطق أخرى وكأنها لعبة "الكراسى الدموية".
نتنياهو يريد الرهائن وحماس وهدم المنازل والمدارس والمستشفيات والإبادة الجماعية والتخلص من الشعب الفلسطينى، وتدمير كل مظاهر الحياة، ولا حدود لرغبته فى الوحشية والانتقام.


وإسرائيل تعيش عهداً جنونياً من الكراهية التى تشمل كل فئات المجتمع وليس اليمين المتطرف فقط، واختفت تماماً نداءات أنصار السلام والعيش المشترك والتطبيع، وكلهم يريدون الثأر والانتقام.
وليس معلوماً من الذى يدير السياسة الأمريكية فى المنطقة، تل أبيب أم واشنطن، والأمر ليس مرتبطا بقرب الانتخابات الأمريكية، ولكن بسيطرة اللوبى اليهودى على صناعة القرار، أياً كانت اتجاهات من يجلس فى البيت الأبيض.
ولا تمتلك القوى الإقليمية أوراقاً للضغط على الولايات المتحدة وإسرائيل للخروج للتهدئة ووقف إطلاق النار، ولم تعد القضية الفلسطينية فى صدارة الاولويات.
والأمل الباقى هو مصر وموقفها الصلب تجاه المناورات الإسرائيلية التى تستهدف توريط المنطقة كلها فى صراع ليس له نهاية، وتحملت تاريخيا وحتى الآن اعباء هائلة.