في محاولة للارتحال داخل الذات، والبحث عن نفوسنا التائهة، علنًا نطمئن ونؤنس النفس ونعرف الطريق، يطرح علينا المؤلف أحمد مهني، في كتابه «موعد مع فيلسوف»، الصادر عن دار دوّن للنشر، عدة تساؤلات تشغل نفوسنا جميعًا، ويسعى جاهدًا كي يضع يدك على أصل الحكاية، ومنذ البداية يوضح للقارئ ألا ينتظر الكثير من الإجابات الجاهزة، أو الإرشادات الواضحة، بل يطالبه بمحاولة البحث معه للوصول إلى الطريق الذي يبحث عنه، والكتاب أشبه برحلة في قطار، يشبه قطار حياتنا، قد تجد فيه محطات تناسبك وترضيك وتحب البقاء فيها، وقد تجد محطات لا تحب البقاء فيها، محطات مربكة وثقيلة، ويتخذ الكتاب مسارًا مثل القطار، يفضل أن تمر على كل المحطات بترتيبها.
ولكسر الرتابة، ابتعد المؤلف أحمد مهني، عن اللغة الأكاديمية والأسلوب المعقد الذي لا يتناسب مع شرائح مختلفة من القُراء، واستخدم أسلوبًا سرديًا سلسًا ومميزًا، يتسم بالميل إلى طريقة الحكى بأسلوب القصة أو الرواية، وعن فكرة الكتاب يقول «مهني»: «موعد مع فيلسوف»، امتداد لفكرة كتابي السابق، «مذكرات الثانية عشرة ليلًا»، الذى تناولت من خلاله الأفكار التى تراودنى بعد منتصف الليل قبل مرحلة النوم، وفوجئت وقت طرحه بأن أفكارى التى كنت أظنها شخصية تتماس بشكل كبير مع الناس وطالبونى بجزءٍ ثان.
◄ اقرأ أيضًا| وداعًا.. ربة المنزل التي حصدت «نوبل»
وفي هذا الكتاب، موعد مع فيلسوف، تقابل فتاة في العشرينات فيلسوفًا صدفة فى قطار، وتسأله عما يدور في عقلها من تساؤلات محيرة، منها الأسئلة الكونية الحائرة التي تعصف بأفكارها كل ليلة بعد الثانية عشرة ليلًا، وتسأله عن فلسفة البداية، عما يحرك الإنسان، عن الغرائز، والخوف والبقاء، عن الانتظار والاستسلام والسعي والتحرر، عن الغرباء الذين يدخلون حياتنا، وستسأله، كيف يتحرك العالم؟، عن تاريخ الاقتصاد، ونشأة الأموال، والإمبراطوريات، والثورة الصناعية، عن الصراع بين الشرق والغرب، وستسأله أيضًا، أين تذهب أرواحنا بعد الموت؟، عن النفس والروح والجسد والوعي، عن رحلة الأحلام، ورحلة النفس إلى العالم الآخر، وسيحكى لها الفيلسوف، عن رجل الكهف الأول، وكيف بدأ الخلق؟ ولماذا نقابل فى الأحلام مَن سبقونا إلى الموت؟
وكيف يفكر الرجال وبماذا تشعر النساء؟ ما حقيقة النفس؟ وما الفرق بين النفس والروح والوعي؟ وما سر الصراع بين أنصار العقل وأنصار الروح؟ ولماذا تنشأ الحروب؟ ولماذا نعانى من آلام الفقد والحزن؟، «موعد مع فيلسوف»، رحلة من التفكير والتأمل، ثم التحليل الذى يدفعك إلى طرح عددٍ من الأسئلة المهمة عن نفسك، وعن الكون، ربما وجدت ما تبحث عنه فى النهاية، أو أدركت الأسئلة التى يجب أن تبحث عن إجاباتها قبل محطة الوصول.
