يوميات الأخبار

.. وأنكر أبوالأنبياء أن سارة زوجته !

كانت حياة سيدنا ابراهيم عليه السلام سلسلة طويلة من الكفاح ومحاربة الملوك وعبدة الأصنام لنشر رسالة التوحيد.. في العراق وقف أمام قومه وهدم أصنامهم، وتحدي ملكهم »النمرود»‬ الذي لم يكتف بالملك بل ادعي الألوهية وأمر شعبه أن يعبد تمثاله.. وبعدأن اهتز النمرود من معجزة خروج ابراهيم عليه السلام من النار التي ألقاه فيها قومه وخوفه من ايمانهم به أخذ النمرود يضيق علي ابراهيم عليه السلام حتي اضطره لترك مدينته »‬أور» والفرار منها ومعه زوجته سارة الرائعة الجمال وبعض من آمنوا به.. إلي أرض الشام.. واستقر في فلسطين بعد عناء سفر شاق طويل تحملته معه زوجته الجميلةسارة، يدعو إلي عبادة الله الواحد الأحد قوما يعبدون النجوم والكواكب والاصنام.. وحاول أن يقنعهم بالعقل والمنطق والحجة بأن الشمس والقمر والنجوم تغيب والغياب ليس من صفات الخالق.. إذن فهي ليست جديرة بالعبادة.. لم يقتنعوا وعاندوا وقاوموا فقرر الرحيل إلي مصر خاصة بعد أن عمّ الجفاف والقحط ارجاء الشام وكانت سارة بصحبته متحملة مشاق السفر.. وفي مصر تحدث الناس عن جمالها الاخاذ وحسن أخلاقها.. وكان ملك مصر مستبدا ظالما مشركا يعبد الأصنام مثل قومه وأكثر أهل زمانه، ووصل إلي سمعه ما يتنقله شعبه عن جمال سارة فقرر أن يستولي عليها لنفسه فأرسل في طلب ابراهيم عليه السلام وسأله عن علاقته بسارة وأدرك ابراهيم أنه لو أخبره بأنها زوجته فسيقتله ليختصها لنفسه، فادعي أنها شقيقته مطمئنا إلي أن الله  قادر علي حمايتها ورعايتها كما أنقذه من جحيم النار التي قذفوه فيها فأمر الملك رجاله باحضار سارة وكان ابراهيم حكي لها ما حدث وطمأنها بأن الله سيحفظها تأكيدا لقوله »‬الله ولي الذين آمنوا»، وأخذها أعوان الملك عنوة وذهبت معهم مستسلمة لأمر الله.
وفي القصر حاول الملك الاقتراب منها ففوجئ بما لم يتوقعه، كلما اقترب منها انتابته رجفة ورعشة وتملكه الخوف والفزع وتذهب كل تلك الأعراض حين يبتعد عنها.. وعندما آوي إلي فراشه وراح  في نوم عميق جاءه هاتف يأمره بالابتعاد عن سارة وتكرر ذلك حتي ادرك الملك أنه امام أمر خارق للعادة فقرر اطلاق سراحها واعادتها إلي ابراهيم ومعها هدية تليق بها فوهبها هاجر التي عادت مع سارة إلي ابراهيم وكان قرر العودة إلي فلسطين وعاد تصحبه زوجته سارة وجاريتها هاجر، وابن اخيه لوط.. لكن سارة الفائقة الحسن المحبة لزوجها والتي تحملت معه مشاق الرسالة، كانت عقيما لاتلد محرومة من نعمة تتمناها كل امرأة وزوجها، وتمر الأعوام وتري سارة زوجها امامها يتمني من الله طفلا وهو صابر ومحتسب، وتهتدي سارة إلي حل للمشكلة يحتاج منها إلي تضحية  لاتقدر عليها امرأة عادية فهي تضحية كبيرة غير عادية وهي أن يتزوج حبيبها ورفيق عمرها من امرأة أخري، فأشارت عليه أن يتزوج من هاجر المعروفة بحسن الأخلاق والأدب الجم،ويتزوج ابراهيم من هاجر وينجبان ابنهما اسماعيل وتتحول هاجر من جارية إلي زوجة وأم لأول ولد لنبي الله ابراهيم بعد أن ضحت سارة لتحقق حلم ابراهيم عليه السلام.. لكنها وهي امرأة لم تستطع أن تقاوم مشاركة امرأة أخري لها في زوجها خاصة بعد أن أنجبت له.. حقيقة أنها هي صاحبة الفكرة لكنها بشر وحققت هاجر ما كانت تتمناه سارة التي ملأت الغيرة قلبها فطلبت من نبي الله ابراهيم ان يبعد عنها هاجر وابنها ولم يكن أمام الخليل إلا أن ينفذ رغبتها فرحل مع هاجر واسماعيل إلي حيث شاء الله أن يذهب إلي واد مقفر مرعب لازرع به ولاماء ولا احياء ولاعمران أو بناء.. وادي »‬فاران» بمكة وهو مكان الكعبة التي استكمل بناءها ابراهيم واسماعيل.. وترك ابراهيم زوجته وابنه الوحيد بعد أن زودهما بقليل من الماء والطعام وتركهما في رعاية الله وحدث بينهما الحوار المعروف.
والمفيد لنا أن نستفيد من هذه الملحمة فسارة كانت عنوانا للتضحية والايثار عندما قامت بنفسها بتزويج ابراهيم عليه السلام حتي يستطيع الانجاب ويهنأ بالولد وهاجر المرأة العظيمة، المؤمنة القوية أعطت البشرية كلها درسا يفيدنا في حياتنا مليئا بالسعي والكد والعمل والتعلق بالاسباب والخضوع لأمرالله والايمان برحمته وعدله فهي تمتلك نفسا مؤمنة وعقلا راجحا مكناها من الاستقرار وتعمير الصحراء الجرداء.. سعت بين الصفا والمروة حتي تفجر الماء تحت اقدام اسماعيل، ويحميها ايمانها وصبرها من كيد الشيطان، لم ترفض ما طلبه منها نبي الله ابراهيم تنفيذا لأمر الله بذبح اسماعيل.. »‬وفديناه بذبح عظيم».
ذات يوم زار سيدنا ابراهيم بمنزله غرباء قدم لهم الطعام فأعرضوا عنه وطمأنوه أنهم ملائكة مرسلون من رب العالمين وبشروه بغلام عليم وتعجب ابراهيم فكيف له وهو شيخ بلغ المائة وعشرين عاما وزوجته سارة التي اكملت عامها التسعين كيف لهما أن ينجبا غلاما وتحققت البشري وولدت سارة اسحاق عليه السلام كانت معجزة لكنها مكافأة من الله تعالي علي صبرها ومساندتها لزوجها نبي الله بنفس كريمة راضية.
عبدالله وجميلات مكة
استوقفت »‬بنت نوفل» عبدالله والد النبي محمد صلي الله عليه وسلم في الطريق وقالت له: ياعبدالله تعرف انني فتاة شريفة طاهرة فائقة الحسن والجمال وأري في وجهك انوارا تتلألأ، تنبئ أنه سيكون من نسلك مولود عظيم.. اشكرك يابنت نوفل، لكن ماذا تريدين مني؟.. اريد ان اتزوجك حتي افوز منك بتلك الانوار، اجابها: لقد خطب لي ابي »‬آمنة بنت وهب» وتنصرف بنت نوفل عنه غاضبة تردد: فازت آمنة بالانوار.. واستوقفته »‬فاطمة بنت مر» اجمل النساء واشرفهن وكانت كاهنة تقرأ المستقبل كما يقول العرب وعرضت علي عبدالله الزواج منها ويعتذر عبدالله بانه خطب آمنة بنت وهب وتغضب بنت مر وتتمتم: فازت آمنة بالانوار، وتستمع آمنة إلي كلام زوجها عبدالله وتصيح: ياعبدالله اني لاري في هذا الحديث عجبا.. أي عجب يا آمنة؟.. انت تعلم ان بنت نوفل هي اخت ورقة بن نوفل العالم الذي قرأ كتب الاقدمين وتنبأ بأن سيكون في هذه الأمة نبي منتظر.. ويرد عبدالله واعلم كذلك أن فاطمة بنت مر كاهنة اطلعت علي علوم الأقدمين ويقول العرب عنها: انها تقرأ المستقبل وتتنبأ بما سيكون فيه ويصمت الزوجان وينظر كلاهما إلي صاحبه نظرات فيها تفاؤل ومحبة.
وللحديث بقية