حملة «حلوة يا بلدي» إيجابية ولكن؟

ضوء أحمر

 تابعت باهتمام بالغ الحملة التي تبنتها مؤسسة أخبار اليوم بقيادة الأستاذ /ياسر رزق ( رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير)؛ بالتنسيق مع الدولة وأجهزتها المحلية؛ وتمت تغطيتها بشكل يومي؛ وذلك من أجل نظافة مصر؛ وجعل مصر نظيفة تحت شعار (حلوة يا بلدي)، وكان الهدف هو شحذ الهمم وتعبئة الجهود؛ في نفس الوقت كشف العورات والقصور؛ من أجل معالجتها؛ والبحث عن آليات لحل المشكلة حلا عمليا وشاملا. ولاشك في نبل الهدف؛ حيث لا يليق بمصرنا الغالية؛ أن تظل في عيون أبنائها وزوارها من الأجانب؛ غير نظيفة، فهو وضع أسوأ وله تداعيات سلبية علي الأجيال الحالية والقادمة؛ حيث التأقلم علي هذا الوضع وتداعياته الكارثية علي صحة المواطنين؛ حتي أصبحت صفة لصيقة بكل ما هو مصري!! كما أن له من التداعيات الكارثية علي الاستثمار؛ الذي يشعر معه المستثمرون بعجز الحكومة عن معالجة مشكلة النظافة؛ فكيف تستطيع حل المشكلات الأكثر صعوبة ؟!
وعادة ما كنت أقول خلال عضويتي في البرلمان ؛ نائبا عن الشعب ( 2005- 2010م)؛ إن الحكومة الفاشلة هي التي تبقي علي مشكلة النظافة وتفشل في حلها؛ بينما الحكومة الناجحة هي التي تسعي لحل هذه المشكلة حلا جذريا. ولذلك استمرت حكومات الفشل من أيام مبارك وحتي الآن؛ ولم تستطع أن تحل مشكلة النظافة في مصر نهائيا؛ وظل الحال علي ما هو عليه للآن بكل أسف !!.
وأطمئن أ. ياسر رزق؛ أن هذه الحملات قد قدتها وأنا ومعي خيرة شباب المنطقة في بهتيم بشبرا الخيمة؛ وكنا نقوم بكل هذه الأعمال تطوعا؛ وننسق مع مجلس المدينة آنذاك لإحضار الأدوات لنظافة الشوارع ودهان الأرصفة وأعمدة الكهرباء ؛ وشيل الطين من الشوارع عقب الأمطار وإزالة كل آثار هذه الأمطار. وكنا آنذاك طلابا في الجامعة؛ وغيورين علي المكان الذي نسكن فيه. وكانت الهمة عالية والحماس متقدا عقب حرب أكتوبر 1973م. كما أنني قدت حملات مشابهة خلال توليتي نائبا عن الشعب وشاركت فيها؛ ولكن شعرت بأن الحماس تراجع. كما لاحظت أن المبادرة التي تبنتها الأخبار شهدت حماسا واضحا؛ ولكنه لا قورن بحماس الشباب بعد ثورة 25 يناير والجهود التي بذلوها في الشوارع لا توصف؛ ولم يكن أي قوة سياسية وراءهم؛ بل تمت بشكل تلقائي كما حدث في شبرا الخيمة؛ الأمر الذي جعلني أقف إلي جوارهم وادعمهم.
ولذلك: فإن الأمر يحتاج إلي رؤية حقيقية وشاملة وحاسمة. وقد أرسلت مبادرة الأخبار رسالة مفادها أن هناك مشكلة نظافة وقمامة يستوجب الأمر الخلاص منها ومعالجتها بشمول. ولدي معيار لنجاح الحكومة؛ إذا رغبت واستطاعت حل مشكلة النظافة حلا جذريا ونهائيا؛ فقد نجحت؛ وإذا لم تعالجها ولا تحلها فقد فشلت.
وقد طرحت أثناء نيابتي بالبرلمان؛ وكتبت ذلك كثيرا؛ مشروعا متكاملا يحتاج إلي تبني الأخبار له؛ كخطوة أخري علي طريق الحل الجذري للمشكلة. ويتلخص في إنشاء مصنع لتدوير القمامة داخل كل دائرة انتخابية (حوالي 200) مائتي مصنع؛ أي مصنع داخل كل مجلس مدينة؛ يتم بمقتضاه إنشاء شركة قابضة بالمعدات والبشر والنظام المتكامل. وحسب الدراسة ؛ فان كل مصنع يتكلف من(20-50) مليون جنيه. ولو افترضنا (50) مليون تكلفة المصنع في 200 مصنع؛ لبلغ إجمالي التكاليف نحو (10) مليارات جنيه. بينما المكاسب المقدرة تصل إلي (15) مليار جنيه سنويا !!وهل تعرفون : لماذا لم ينفذ المشروع ؟! فكروا معي؛ إنه الفساد ومافيا المستفيدين من الأوضاع الحالية. لذلك فضرب الفساد ونحن نسعي لتنفيذ المشروع لإنقاذ سمعة مصر من تلال » الزبالة»‬ هو المدخل الصحيح ؛ فهل وصلت الرسالة ؟! نأمل .. ومازال الحوار متصلا.