بصوت عال

كنا نعلم.. ولا نعمل!

قال ابن القيم رحمه الله: هلكت جارية في طاعون ورآها أبوها في المنام فقال لها: أخبريني يا بنية عن الآخرة.. قالت: قدمنا علي أمر عظيم وقد كنا نعلم ولا نعمل ووالله لتسبيحة أو ركعة واحدة في صحيفة عملي أحب إليّ من الدنيا وما فيها.. كنا نعلم أننا إذا قلنا سبحان الله وبحمده مائة مرة غفر الله لنا ذنوبنا وإن كانت مثل زبد البحر.. ولا نقولها.. كنا نعلم أن ركعتي الضحي تجزئ عن «٣٦٠ صدقة» ولا نصليها.. وكنا نعلم أن من صام يوما في سبيل الله تطوعا باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا.. ولم نصم.. وكنا نعلم أن من عاد مريضا تبعه سبعون ألف ملك يستغفرون له الله.. ولم نفعل ذلك إلا قليلا وكنا نعلم أن من صلي علي جنازة وتبعها حتي تُدفن فإن له قيراطين من الأجر «القيراط كجبل أُحد» ولم نفعل ذلك إلا نادرا.. وكنا نعلم أن من بني لله مسجدا ولو كمفحص قطاة «عش طائر» بني الله له بيتا في الجنة، ولم نساهم في بناء مسجد وكنا نعلم ان الساعي علي الأرملة وأبنائها المساكين كالمجاهد في سبيل الله وكصائم النهار الذي لا يفطر، وكقائم الليل كله ولا ينام ولم نساهم في كفالة احداهن وأبنائها، وكنا نعلم أن من قرأ من القرآن حرفا واحدا فله حسنة والحسنة بعشرة أمثالها.. ولم نهتم بقراءة القرآن يوميا وكنا نعلم ان الحج المبرور جزاؤه الجنة ويعود الحاج كيوم ولدته أمه «أي بصفحة بيضاء نقية من الذنوب» ولم نحرص علي الحج مع توافر القدرة لدينا.. وكنا نعلم أن شرف المؤمن قيامه الليل وأن النبي صلي الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم لم يفرطوا في صلاة القيام يوما رغم انشغالهم بكسب العيش وجهادهم في سبيل نشر دين الله وفرطنا نحن في ذلك.. وكنا نعلم أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.. ولم نستعد لها.. وكنا ندفن الموتي ونصلي عليهم ولم نستعد لملاقاة الموت.. وكنا نعلم أن العمل عبادة وأن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه لكننا لم نتم أعمالنا ولم نتقنها ورغم معرفتنا بأن كل نفس يقربنا إلي الأجل المحتوم لكننا مازلنا نلهو ونلعب ونضيّع أعمارنا سدي.. كنا نعلم أن الدال علي الخير كفاعله ولم نفعل ذلك.. فهل لنا أن نستوعب ذلك ونبادر إلي التزود من الطاعات؟ اللهم أهدنا ووفقنا لذلك.

> ثلاثة أعمال لا تدخل الموازين يوم القيامة لعظمها.. الصبر قال تعالي: «إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب» ولم يحدد الأجر.. والعفو عن الناس.. قال تعالي: «فمن عفا وأصلح فاجره علي الله» ولم يحدد الأجر والعمل الثالث.. الصيام، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال، قال الله عز وجل: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا اجزي به» ولم يحدد الأجر.. وينادي مناد يوم البعث أين الذين اجرهم علي الله فيقبل الصابرون والصائمون والعافون عن الناس فصوموا واصبروا واصفحوا.

> لماذا يختار الميت «الصدقة» لو رجع إلي الدنيا كما قال تعالي: «رب لولا أخرتني إلي أجل قريب فأصدق...» ولم يقل لأحج أو اعتمر أو اصلي؟ قال أهل العلم: ما ذكر الميت الصدقة إلا لعظيم ما رأي من اثرها بعد موته.. فأكثروا من الصدقة فالمؤمن يوم القيامة في ظل صدقته.

> سأل أحد العارفين نفسه: هل يحبني الله؟ وتذكر أن محبة الله لعباده تأتي لعباده بأوصاف ذكرها في كتابه الكريم: فوجد أنه «يحب المتقين» وهو لا يحسب نفسه منهم و«يحب الصابرين» فتذكر قلة صبره و«يحب المجاهدين» فتذكر كسله وقلة حيلته و«يحب المحسنين» وما أبعده عن هذا وتفحص أعماله فوجد أكثرها ممزوجا بالفتور والشوائب والذنوب فخطر له قوله تعالي: «إن الله يحب التوابين» فأيقين أنها له ولأمثاله فبدأ يردد دائما «استغفر الله وأتوب إليه» لعله يدخل في أحبابه.. اللهم اجعلنا من المستغفرين بإيمان صادق ونية طيبة خالصة.

> حين كان الإخوان يحكمون لم يدفعوا مليما واحدا لدعم اقتصاد مصر، ولما غادروا يدفعون كل أموالهم لتخريب مصر.. فصيل خائن حقير.