ذكريات ٣٠ يونيه...

وصلت مطار القاهرة يوم ٢٨ يونيه.. رغم تهديدات الإخوة أعضاء الجماعة ومرشدهم العام حتي لا يفوتني شرف المشاركة في ٣٠ يونيه.. خرجت من نادي الجزيرة ولم نستطع أن نصل إلي منتصف الطريق إلي ميدان التحرير.. ومازلت أتذكر سيدات مصر من كبار السن بفرحتهن بالمشاركة وكوني بينهن.. كان شعورًا بقرب الخلاص من هذا الكابوس الذي جثم علي قلوبنا وأفقدنا طعم الحياة...
و كما ذكرت سابقًا ،فقد كنا خلال شهور الحكم الإخواني كالأيتام المشردين نمشي في شوارع القاهرة نحس بالغربة...نسافر للخارج نشعر أننا لاجئون... نفتح التليفزيون فتطل علينا وجوه عابسة، كئيبة ومخيفة...اختفت الابتسامة تمامًا من علي الوجوه وحل محلها الغم واليأس وفقدت الحياة معناها وحلاوتها وتواري الفن والغناء وأصبحت الثقافة مستهدفة...
لقد ضاعت هيبة وكرامة مصر علي يد رئيسها الإخواني محمد مرسي بسبب فجاجة وعشوائية تصرفاته وضحالة ثقافته العامة...وجهله بالقواعد البروتوكولية. لقد أثبت الدكتور مرسي يقينًا أنه أسوأ تمثيل لدولة بمكانة مصر وتحولت مؤسسة الرئاسة في عهده إلي ما يشبه السيرك ،يسخر منه الجميع وازدادت معدلات الهجرة من الأقباط والمسلمين علي حد سواء وامتلأت دبي وقبرص بالمصريين الباحثين عن مسكن وعن إقامة.
لم تخلُ أي زيارة خارجية له من فضيحة تتداولها وسائل الإعلام العالمية سواء بسبب الاستهانة في استقبال الدكتور مرسي خارجياً ومن ثم الاستقبال غير اللائق والمتكرر لرئيس مصر في عهده أو بسبب تصرفاته غير اللائقة أثناء جلوسه بجوار رئيسة وزراء أستراليا أو نظره في الساعة خلال لقائه بإنجيلا ميركل وغيره...ناهيك عن سيل من أقواله المأثورة التي كان يتحفنا بها من وقت لآخر من نوعية الحارة المزنوقة.. دوﻧﺖ ﻣﻴﻜﺲ.. ﻟﻮ اﻟﻘﺮد ﻣﺎت اﻟﻘﺮداتي يشتغل اﻳﻪ؟... ارجو سلامة الخاطفين والمخطوفين....واﻟﻮاد ﺑﺘﺎع اﻟﻜﻬﺮﺑﺎ أﺑﻮ ٢٠ جنيه...
ثم فوجئنا بالخطة الميكافيلية لأخونة الدولة... التي لم تسلم منها حتي المؤسسات الأمنية والاستخبارية وإن كانت مقاومتها أفضل من غيرها.يكمنون كالمرض الخبيث في قطاعات  كثيرة من مؤسسات الدولة بداية من الجهاز الإداري للمحافظات حتي سفارتنا في الخارج... هذه الأمور شمتت فينا قوي ما قبل ٢٥ ينايرعلي أساس أن الثورة هي السبب في كل ذلك ،فهي التي جاءت بحكم الإخوان.
اما عن نفسي... فقد أكدت لي هذه التجربة مدي حبي لمصر وعدم قدرتي علي الحياة خارجها وأن أقصي عقاب للإنسان هو الغربة والبعد عن وطنه. لقد وجدت أن مجموعات البشر حولي ينقسمون إلي فئات مختلفة... الفئة الأولي تابعت حياتها وكأن لم يحدث أي شيء غير عادي في البلد وكأن الموضوع لا يعنيهم وكنت في الحقيقة أغتاظ كثيرًا من هذه الفئة وهي غير الفئة الثانية... فئة حزب الكنبة التي كانت علي الأقل تتفرج وان لم تتحرك...ثم الفئة الثالثة وهي فئة المنتمين إلي الجماعة وأصدقائهم من المتحولين والأرزقية والخلايا النائمة والباحثين عن المصلحة الشخصية وهم معروفون فلا داعي لذكرهم.
أما الفئة الأخيرة التي افتخر بكوني منها... فهي فئة حماة الوطن المحاربين سواء من أعضاء جبهة الإنقاذ أو من خارجها وأذكر منهم علي سبيل المثال وليس الحصر د. محمد أبو الغار، السيد عمرو موسي، د. أحمد سعيد، د. أسامة الغزالي حرب، المستشارة العظيمة تهاني الجبالي، القاضي الجليل أحمد الزند، الأستاذ سامح عاشور، د. رفعت السعيد ود.عبد الغفارشكر ومن الاعلاميين عمرو أديب ولميس الحديدي وإبراهيم عيسي ويوسف الحسيني وآخرون لا تسمح المساحة المتاحة لي بذكر أسمائهم كلهم. لقد كان التواصل مع كل هذه الرموز هو الشيء الوحيد الذي كان يرفع من معنوياتي وقد تكاتفنا جميعا في معركة الخلاص إلي ان جاء شباب « حركة تمرد « بفكرتهم العبقرية التي انتهت إلي ٣٠ يونيو.. واستجابة جيشنا الوطني برئاسة الرئيس السيسي لمطلب الشعب للخلاص من الظلم والاستبداد..