كان الراديو هو سيد البيت وكنت وقتها في أوج نشاطي فكنت أقدم حوارات يومية مع النجوم وكان من أجملها حوار يومي طوال الشهر في الإذاعة
ليس هناك شهر عربي أو أفرنجي (تجري) أيامه بهذه السرعة مثل شهر رمضان المبارك !و برغم الصيام إلا أن ساعة الافطار (ورشفة الماء) بعد عطش الصيف تلخص الشهر الكريم كله ولا يستطيع أحد أن ينكر جمال هذا الشهر الكريم حيث يجمع الناس في سلوك واحد وهو الصيام. هل تتصورون لقد مضي منه ١٨ يوماً؟ وبالرغم من العطش القاسي في هذا الحر إلا أن الصيام لا يشعرنا بالضيق وتمر أيام رمضان سريعة... ولا (الاكسبريس).
وأقول برغم العطش فإن رمضان الصيف أجمل بكثير من رمضان الشتاء. ربما لأن رمضان الشتاء لا يحتوي علي ما يعزز شخصية رمضان من المشروبات والعصائر وربما لأن العطش جزء من الاحساس بالصيام وكانت جدتي تقول لنا زمان.
(كل ما كنتم تعطشوا كل ما كان الثواب أكبر) طبعاً كلام تراثي لا أصل له في الدين ولكنه جمال يملأ النفس بالاحساس الجميل وشهر رمضان من الشهور التي يستحب فيها الصحبة ولكن تغير الحال وأصبح الإنسان يصاحب التليفزيون وزمان كان الراديو يصاحبنا حيث نبدأ الليلة (بفوازير آمال فهمي الجميلة) ثم ننتظر (ألف ليلة وليلة) كان الراديو هو سيد البيت وكنت وقتها في أوج نشاطي فكنت أقدم حوارات يومية مع النجوم وكان من أجملها حوار يومي طوال الشهر في الإذاعة.
وكان من اجمل الحوارات التي قمت بها حوار مع الراحلة العظيمة فاتن حمامة.
وفاتن حمامة كانت لها عادات ثابتة وهي أن تكون هي المسيطرة مهما كان الحوار وقد كنت احاورها وأسجل الحوار ليذاع يومياً وفي الحوار السادس والعشرين قالت لي (والنبي يا نعم خلاص أنا تعبت!) فقلت لها بتضربيني تحت الحزام.. طيب انا حتصرف.
وبحثت عن أربعة من المخرجين الذين اخرجوا لها وقلت في بداية حوارهم. (والآن انتهي الحوار مع فاتن حمامة ويبدأ الحوار عن فاتن حمامة) وقمت بعمل حوارات عنها مع المخرجين الذين اخرجوا لها وكان ذكاء فاتن حمامة اسرع من ذكاء أي حد... فطلبتني بعد أول حوار مع أحد المخرجين.
وقالت لي - غلبتيني يا صحفية وما عرفتش ابوظلك البرنامج.
قلت يعني كنت عاوزة تبوظيه؟
وقالت. لا كنت خايفة لابوظه
قلت كيف..؟ الحوار كان جميلا جداً
قالت: بذكائها رحمها الله يعني.. اصل كتر الكلام يقل المعرفة وهكذا لم يكن هناك مهما تحاورنا.. لم يكن هناك أسلوب يجعل رمضان يتأني ولا تجري أيامه بسرعة.
وها نحن في العشر الأواخر من الشهر الكريم.. الكريم فعلاً ليس بالطعام ولكن بالجو الذي يجمع الناس وبأذان المغرب وبأحاديث الإمام الطيب والذي اتمني ان تستمر لبعد رمضان حيث ان الامام الأكبر أحمد الطيب يستطيع بذكائه وفطنته ان يربط الأحداث الجارية بأحداث إسلامية بحيث يجمعنا حول مائدة كلامه الرائع بحيث يصبح غذاء العقل موازيا لغذاء المعدة في هذا الشهر الذي ينتظره المسلمون طول العام.
إن رمضان كريم.. كريم بكل ما فيه من فكر إسلامي عظيم وبعودة للأوائل الذين اثروا الحياة الدينية بتفاسيرهم القيمة وأحبالهم القوية التي توصلنا لاسلام مستنير ما احوجنا إليه هذه الايام.