نظمت الجمعية المصرية للأوراق المالية يوم الثلاثاء 17 مايو احتفالًا تحت عنوان «مصر - نحو اقتصاد جديد». وقد شارك في هذه الفاعلية نخبة بارزة من رجال الصناعة والاقتصاد والسياسة ورؤساء البنوك وكبريات المؤسسات المالية. ومن خلال حلقات نقاشية موسعة تدور حول الرؤية المستقبلية للاقتصاد المصري والمشكلات التي تعيق هذا القطاع وكيفية حلها تصدرت البيروقراطية وسوء الإدارة قائمة أهم معوقات الاقتصاد المصري وانقل لكم باختصار اهم ما قيل في هذا الصدد.
فقد قال السيد عمرو موسي الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية: «إن الإصلاح الاقتصادي يعتمد علي الإصلاح الإداري، فبدون إصلاح إداري وتشريعي لا يمكن أن تكتمل المنظومة الاقتصادية، وأن قوة البيروقراطية السلبية في مصر هي السبب الرئيسي في عدم تحرك الاقتصاد، لأن سوء الإدارة وغياب التشريعات من شأنها أن تجعل أي فكرة متقدمة جيدة تتعثر». أما السيد منير فخري عبد النور، وزير التجارة والصناعة السابق فقد قال : « إن أبرز السلبيات التي تعاني منها المنظومة الاقتصادية المصرية طوال الفترات الماضية هي ارتفاع معدل البيروقراطية وحجم التداخل الكبير في الاختصاصات والهيئات التابعة للجهاز الإداري للدولة وطالب سيادته بإعادة هيكلة الجهاز الإداري وإعادة صياغة العلاقات الإدارية بالدولة بالإضافة إلي دمج عدد من الوزارات فيما بينها وتعيين نواب لرئيس الوزراء للتنسيق بين الوزارات ومنع التداخلات القائمة بين الوزارات. وطالب أيضا بإلغاء الحد الأقصي للأجور في الحكومة خاصة في ظل تدني معدلات الخبرات اللازمة في الأجهزة الحكومية في الفترة الحالية، وطالب أيضا بحماية متخذي القرارات.» وفي الاتجاه نفسه، قال الدكتور أحمد جلال، وزير المالية الأسبق:» إن هناك 3 عناصر رئيسية لتحقيق النمو الاقتصادي، يتمثل أولها في تحقيق الإصلاح السياسي، فمازالت هناك فجوة كبيرة بين ما هو منصوص عليه في القوانين والقرارات المتخذة، وما هو مطبق علي أرض الواقع، مشيرا إلي أن الأمر يعتبر أكبر العقبات أمام تحقيق مزيد من التقدم علي الصعيد الاقتصادي.»
لا شك أن اخطبوط الروتين والبيروقراطية هو المعوق الأول لمسيرة الاستثمار والتنمية وقد حذرت مرارا في مقالاتي السابقة من خطورة تفشي البيروقراطية في جهازنا الإداري ومصالحنا الحكومية بل ذكرت تحديدا أننا إذا لم نقض علي البيروقراطية ستقضي علينا وأذكر هنا بعضا مما سبق أن قدمت من اقتراحات اعتبرها في رأيي علاجا حقيقيا يضع حلا جذريا لهذه المشكلة بدلا من الحلول المسكنة التي اعتدنا عليها والتي تلقي بالمشكلة إلي الإمام فتزداد تضخما وتعقيدا:
تفعيل نظام الشباك الواحد الذي تقوم فكرته حول توحيد الجهة المختصة بالتعامل مع المستثمر وإنهاء جميع الموافقات والإجراءات والأوراق والرسوم الخاصة بإقامة أي مشروع استثماري في جهة واحدة تشرف عليها وزارة الاستثمار.
زيادة الميكنة وآليات الحكومة الإليكترونية وتقليص الأوراق المطلوبة لأي طلب واستبعاد الأوراق غير الضرورية ومراجعة أيضا البيانات المطلوبة وتقليلها إلي الحد الأدني.
إيجاد الحلول لتبسيط الإجراءات ومعاقبة الموظف المعيق للعمل بالخصم من مرتبه وعدم ترقيته ودراسة الحالات المتأخرة وتعديل الإجراءات لعدم تكرار التعطيل.
تفعيل وتمكين لجان المنازعات وجعلها بعضوية الوزراء ورئاسة رئيس مجلس الوزراء.
التدقيق في اختيار الوزراء ونوابهم من ناحية الأخلاقيات والمبادئ والسمعة والأمانة وكذلك العاملون معهم ثم تشريع القوانين الواضحة التي تخولهم اتخاذ القرارات بما فيها الأوامر المباشرة دون مساءلة بمعني ان نختار الأمناء منهم ثم يخولوا في اتخاذ القرارات دون تشكيك مع تحصينهم من عقوبة السجن في حالة الخطأ الإداري وإلغاء عقوبة السجن نهائيا عن الأخطاء الإدارية ما دام لم يثبت ارتشاء الموظف العام.
القضاء علي ظاهرة الأيادي المرتعشة وطمأنة الموظف العام وذلك بتعديل قانون الأموال العامة الذي لم يعدل من الستينيات وإلغاء المادتين 116 و116 مكرر من قانون العقوبات الخاصتين بجريمتي الإضرار بالمال العام العمدية وغير العمدية فليس لهما مثيل في العالم بالإضافة إلي انهما تهم مطاطة ولا يمكن الفكاك من أيهما.
مازالت قوي الفشل والكسل تضغط لعرقلة محاولات إصلاح الجهاز الإداري للدولة وحتي الآن لم نر أي خطوات جادة علي ارض الواقع للقضاء علي البيروقراطية واخشي ان نظل إلي الابد ننادي بالإصلاح دون استجابة ممن بيدهم تغيير منظومة الفشل التي تأكل موارد وخيرات بلدنا.
نحن في أمس الحاجة لثورة تصحيح جديدة تنفض عن مصر غبار البيروقراطية والفساد الذي تراكم خلال عقود سابقة.. وأقترح إنشاء وزارة باسم القضاء علي البيروقراطية وارشح الدكتور احمد درويش وزيرا لها لما له من باع طويل وإنجازات عظيمة في مجال ميكنة واصلاح الجهاز الإداري للدولة.
لقد أصبحنا امام احد اختيارين...اما ان نفكر ونتحرك بأسلوب وفكر جديد.. يا اما...مفيش فايدة !