هل تعلم يا بُنَي أن أعظم مخاطرة في الحياة هي عدم المخاطرة، فمن لا يخاطر لا يفعل شيئاً، ولا يملك شيئاً، ويصبح لا شيء. وكن دائماً أنت ولا تحاول أن تكون أحداً آخر، فجميع مقاعد الحياة قد امتلأت ولديك مقعد واحد فقط شاغر هو لذاتك، وكن سعيداً وأنت في الطريق إلي السعادة، فالسعادة الحقيقية في المحاولة، وليست بالضرورة في محطة الوصول. وتأكد أن مهمتك في الحياة ليست أن تسبق غيرك، بل أن تسبق نفسك، وليس أن تتحدي غيرك بل أن تتحدي نفسك. لا تصارع ضميرك، فاجعله دائماً ينتصر عليك.
يا بُنَي، تأكد من أن التفاؤل يمنحك النجاح قبل اكتماله والتشاؤم يذيقك حسرة الفشل قبل حدوثه، فكن متفائلاً، وافعل الصواب بصوت هادئ، فغداً سيتحدث عملك عنك بصوتٍ عال. وثق بنفسك أولاً وعندها سيثق الناس بك ولا تتوقع العكس، لأن من يفقد الثقة بالنفس لا يمكنه أن يظهرها للآخرين. وثق أنه ليس من الذكاء أن تنتصر في الجدال، وإنما من الذكاء ألا تدخل في جدال عقيم أصلاً. لا تحصر أحلامك في هدف واحد ولا تحصر آمالك في شخص واحد ولا تحصر أفكارك في موضوع واحد.
يا بُنَي، النجاح هو أن تحول أحلامك إلي واقع، ولكن إياك أن تحلم إلي الدرجة التي تنسي فيها الواقع، وإياك أن يحاصرك الواقع إلي الدرجة التي تنسي فيها أحلامك!! وإذا كانت لك أهداف كبيرة يصعب تحقيقها فقم بتجزئتها إلي أهداف أصغر قابلة للتحقيق. واعلم أن النجاح لا يقاس كثيراً بالمناصب التي وصل إليها الإنسان في الحياة بقدر ما يقاس بالعقبات التي قد تغلب عليها. واجعل الوصول لهدف بمثابة نقطة انطلاق لهدف آخر. والنجاح له شروط ثلاثة، أن تعرف أكثر من الآخرين، وأن تعمل أكثر من الآخرين، وأن تتوقع الأقل من الآخرين. وعليك أن تدرك أن العقل الواعي هو القادر علي احترام أفكار الآخرين حتي لو لم يؤمن بها. وكن من أصحاب الأرواح الراقية التي تحترم ذاتها وتحترم الغير تتحدث بعمق، تطلب بأدب، تمزح بذوق، تعتذر بصدق وترحل بهدوء.
إن السعادة تسكن القلب بشروط ثلاثة، عدم الحزن علي ما فات، وعدم القلق علي ما هو آت، والرضا بما قسم رب السموات. ولذا فإن السعادة أمر صعب المنال يحتاج إلي جهد، واعرف أن من حق نفسك عليك أن تشعرها بالرضاء، فقط تأمل حياتك وتأمل ما رزقت واشعر بالامتنان. وتذكر قول "برناردشو"، أن تبتسم دائماً لا يعني أنك لا تحمل مشاكل... بل يعني أنك قررت أن تتخطاها. وثق أنه لن يمنحك أحد السعادة التي ترجوها ما لم تسع أنت لتحقيقها فالسعادة نابعة منك أولاً قبل أن تكون من أي شيء أو أحد آخر. الحياة جميلة فقد منحك الله إياها، ولكن أعطها حقها من التفاؤل، كي تعطيك حقك من السعادة. فيا بني الحياة قد تتعثر ولكنها لا تتوقف، والأمل قد يختفي ولكن لا يموت أبداً والفرص قد تضيع ولكنها لا تنتهي، فلا تلهث وراء الفرص الضائعة بل استمر في البحث عن الفرص الجديدة.
يا بُنَي، علمتني الحياة أن الأيام لا تغير أحداً بل تظهر الناس علي حقيقتهم فمنهم من يزداد جمالاً ومنهم من ينكشف زيفه. والعلاقات الإنسانية لا تقاس بطول العشرة وإنما تقاس بجميل الأثر وجميل الأخلاق فكم من معرفة قصيرة المدي لكنها بجمالها أعمق وأنقي. واستمتع كثيراً بما لديك، فإن فكرت كثيراً في المفقود فقدت كثيراً من الموجود لأنك انتقلت من عالم الاستمتاع بما في يديك إلي عالم التفكير بما ليس لديك.
يا بُنَي، لا تصر علي الكلام في كل الأوقات، فللصمت فوائد جمة في غير القليل من الأوقات، فالصمت عبادة من غير عناء وزينة من غير حلي وهيبة من غير سلطان وحصن من غير حائط، وفيه استغناء عن الاعتذار. واعرف أن الصمت لا يعني عدم القدرة علي الرد!! فللصمت غايتان، التغاضي عن التفاهات المطروحة والآخر حينما لا تري جدوي من الحديث. والأناقة في الحياة متعة، فكن أنيقاً في المظهر بلا تكبر ولا كبر، وكن أنيقاً في الجوهر، واعلم أن أرقي أنواع الأناقة هي أن تكون بعيداً عن القيل والقال، نظيف القلب، ناصع الفكر، طيب الأخلاق، جميل المشاعر. وعليك أن تشغل عقلك بأمور جيدة وباستمرار فإن لم تشغله بأفكار جيدة شغلك بأفكار مزعجة سلبية. ولا تفكر بشكل مبالغ فيه في خيبات الماضي، فمثل هذا التفكير يجعل حياتك كئيبة جداً، فلا تقتل لحظتك بالتحسر علي الماضي، وعش حياتك سعيداً فالأيام لا تعود. وتذكر أن عجز الفكر والروح ليس مرتبطاً بالسن، فإذا حصرت نفسك بالتفكير فيما مضي فأنت عجوز عقلاً وروحاً، وإذا شغلت نفسك بالحاضر، فقد صرت صاحب حكمة، وإذا تحولت بفكرك نحو المستقبل فأنت شاب الفكر والروح. ولا تكن أنانياً بل كن كريماً مع كل من تحب، وتذكر ما قاله أوسكار وايلد: ليست الأنانية أن يعيش الإنسان كما يهوي، بل أن يطلب من الآخرين أن يعيشوا كما يريد هو.
وتذكر يا بُنَي ثلاثة أمور في معاملتك للناس لا تجعلها تغيب عن فكرك طوال ما حييت، أولها، أن تعامل الناس علي مبدأ، إن لم تنفعه فلا تضره وإن لم تفرحه فلا تغمه وإن لم تمدحه فلا تذمه، وثانيها، أن لا تجعل همك حب الناس لك فالناس قلوبهم متقلبة قد يحبونك اليوم ويكرهونك غداً وليكن همك حب الله لك فإن أحبك جعل أفئدة الناس تحبك، وثالثها، مهما كان حجم خبرتك وعلمك ومهما كان موقفك ووجهة نظرك احرص علي عدم الاستعجال بالحكم علي الأمور، واعطِ الفرصة للآخرين لتوضيح مقاصدهم.
لا تعود نفسك يا بُنَي علي سوء الظن بالآخرين، فسوء الظن ليس من الفطنة أو الذكاء بل هو مرض يقتل علاقتك بالآخرين. وكلما ازدادت قدرتك علي التسامح، ازداد نضجك، فالشخص المتسامح هو شخص ناضج بالقدر الكافي الذي يجعله يتغاضي عن الأحقاد ويقدر الآخرين وظروفهم. فالمتسامح أسعد الناس قلوباً عرف قيمة الدنيا فلم يبالِ بحقد البشر، واحرص علي فهم الآخرين قبل أن تطالبهم بأن يفهموك فمعظم مشكلاتنا الشخصية تقع بسبب الفجوة بين ما أقصده "أنا" وما تفهمه "أنت".
إن النجاح رحلة، فلا تظن أن الناجحين كانوا هكذا علي الدوام بل هم بشر حصلوا علي نصيبهم من التخبط والفشل وتلمس الطريق الصحيح. وتأكد من أنك إذا استطعت العثور علي طريق خال من المعوقات، فهو غالباً لا يؤدي إلي أي مكان، واعلم أنه إذا جعلك النجاح متكبراً فأنت لم تنجح فعلاً، وإذا كان الفشل يجعلك أكثر تصميماً علي تحقيق أهدافك فأنت لم تفشل حقاً. والفشلة ينقسمون إلي نصفين، هؤلاء الذين يفكرون ولا يعملون، وهؤلاء الذين يعملون ولا يفكرون أبداً، فكن من هؤلاء الذين يفكرون ويعملون.
كلمة أخيرة، اجعل شعارك في الحياة "لا أخاف من الأفكار الجديدة بل أخاف من الأفكار القديمة". بالمناسبة هذه النصيحة أتوجه بها كذلك إلي أعضاء الحكومة الجديدة، حكومة المهندس/ شريف إسماعيل!! وأزيد عليها، يا باشمهندس إسماعيل، لا تخف من الوجوه الجديدة ولا الأفكار الجديدة بل عليك أن تخاف من الوجوه القديمة والأفكار القديمة.
رمضان كريم وكل عام وأنتم بخير.