اتصل بي المهندس إبراهيم محلب «رئيس الوزراء السابق ورئيس لجنة استرداد أراضي الدولة المنهوبة»، وهي اللجنة التي أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسي قراراً بتشكيلها بعد خروج حكومة محلب، وبعد فشل جميع اللجان السابقة لهذا الغرض وغالبية أعضائها ساعدوا في تكريس الفساد بدلا من مقاومته، وذلك في اليوم التالي لنشر مقالي بعنوان: «شركة الدلتا للصلب بمسطرد تستجير من مافيا الأراضي»، المنشور يوم الجمعة ١٠ يونيو ٢٠١٦م، حيث طالبني بشرح ما حدث بسرعة وأصل هذه الأرض ودور الشركة في الدفاع عنها.. إلخ، وشرحت له أنها «٤» أفدنة قيمتها «٢٠٠» مليون جنيه، سبق أن سلمته ملفا كاملا بالموضوع، وأحيل لوزير الاستثمار «سالمان» آنذاك الذي أصدر قراراً بعد دراسة وفحص، بتمكين الشركة «الدلتا للصلب» من الأرض، إلا أن تواطؤ كثيرين لم يساعد في تمكين الشركة من أرضها، وطلب مني ملفا جديدا متكاملا مصحوبا بمذكرة من رئيس الشركة بما حدث وآخر التطورات، ويتم تسليم الملف في رئاسة الدولة بالاتحادية. ثم لفت نظره إلي الأرض المنهوبة في شركة اسكو، وأراضي الأوقاف المنهوبة في شبرا الخيمة «حي شرق.. وحي غرب»، ووعدني بالنظر فيها جميعا، وبعد أقل من ساعة اتصل بي اللواء المهندس أشرف نديم المستشار الهندسي للجنة، وأبلغني بما أبلغني به من م. محلب، وشكرته علي الاهتمام، وبالفعل بعد أقل من ٤٨ ساعة، كان الملف علي مكتبه مصحوبا بمذكرة من رئيس الشركة المهندس فاروق خميس، سلمت يوم ١٢ يونيو الماضي. ثم صدرت تصريحات من اللجنة بأنه جار حصر أراضي الأوقاف وبحث ما يجري فيها وضمها لعمل اللجنة وهو استجابة لما ورد بالمقال، ولم يرد شيء عما يجري داخل أسوار شركة اسكو من هدم لبيعها أراضي بالمخالفة للقانون وقواعد الخصخصة! ومافيا أراضي شبرا الخيمة مازالوا يسيطرون علي الموقف رغم التواصل مع محافظ القليوبية اللواء دكتور رضا فرحات والذي وعدني بوقف هذه الأعمال وإزالة التعديات علي أراضي الأوقاف التي أشرت إليها في مقالاتي في هذا المكان، ولكن دون جدوي في الواقع العملي. كما ان الطرف المستولي علي أراضي شركة الدلتا اتصل بي، ورفضت الرد عليه، في هذا السياق، فإن الشكر موصول للمهندس محلب ولمستشاره ورئيس شركة الدلتا الحريص علي المال العام، إلا أنني في هذا المقام لي تحفظات علي عمل اللجنة التي يرأسها م. محلب، لأنها مازالت تدور حول الموضوعات الصغيرة «وهي مهمة» ولكن الأهم منها هو استرداد الأراضي المنهوبة في الطرق السريعة «مصر اسكندرية الصحراوي ـ مصر الإسماعيلية الصحراوي ـ مصر السويس الصحراوي»، وهي بالمليارات، قدرها الجهاز المركزي للمحاسبات في أكثر من تقدير ابتداء من «١٠٠» مليار إلي «٥٠٠» مليار جنيه، وأقول من جانبي أنها تصل ٨٠٠ مليار جنيه عام ٢٠٠٨، والآن ١٫٥ تريليون جنيه!
وهنا وجب عليَّ الإشارة إلي إحدي الوقائع التي تقدمت ببيان عاجل لمجلس الشعب في ٢٩/٥/٢٠٠٩م، تضمنت الواقعة تخصيص «١١» ألف فدان من وزير الإسكان «م. أحمد المغربي» لتنفيذ مدينة سكنية اسمها «مدينة المستقبل»، متكاملة الخدمات، بمعرفة شركة المستقبل للتنمية العمرانية المالكة للأرض. اعتمد المشروع وزير الإسكان علي مساحة تقترب من «٥٠» مليون م٢!! لإقامة مجتمع للأغنياء، وتساءلت آنذاك عن الشركة مالكة المشروع خاصة أن اسمها هو الاسم الشائع لجماعة جمال مبارك «جمعية المستقبل.. الخ». وأخرج لي وزير الإسكان لسانه قائلا: مش حقولك واعمل اللي تعمله! وتساءلت عن السعر الذي تم تخصيص الأرض به؟! ولمن؟! دون جدوي! هكذا تخصص أراضي مصر للأغنياء وبسرعة البرق، بينما الفقراء يستجدون حقوقهم وهم الغالبية!! ومن ثم لم أكن مخطئا عندما أطلقت مسمي «حكومة الأغنياء ورجال الأعمال» علي حكومة نظيف.
وللعلم هذا القرار نشر تحت رقم (١١٧) لسنة ٢٠٠٨ بتاريخ ٢٧ مارس ٢٠٠٨م بجريدة الوقائع المصرية رقم ١٢٥ في أول يونيو ٢٠٠٨م، موقعا من أحمد المغربي وزير الإسكان، دون توضيح من هم أعضاء الشركة ومسئولوها المخصص لهم الأرض، والواقعة شرق مدينة القاهرة الجديدة. وطبقا للسعر الذي تحدد لهذه المنطقة في ملفات وزارة الإسكان «٤» آلاف جنيه للمتر، أي أن قيمتها تصل إلي نحو «٢٠٠» مليار جنيه!! تصوروا!
وعندما تولي م. ابراهيم محلب رئاسة الوزارة، طالبته في برنامج تليفزيوني بالكشف عن هذا الموضوع، وفوجئت باتصاله بي، وعلاقتي به قديمة كرئيس لشركة المقاولون العرب التي وقفت ضد خصخصتها وتفكيكها بتعليمات جمال مبارك وأحمد عز ومافيا نظام مبارك الموجودين في المشهد حتي الآن بكل أسف! وحاول أن يشرح لي الأمر وأنه سيعد لي ملفا بالموضوع حسب طلبي، ومر أكثر من عامين علي الموضوع دون جدوي، ولم أتسلم ورقة واحدة من م. محلب، الأمر الذي يجعلني متخوفا ومتحفظا علي لجنة استرداد الأراضي التي تفاخر بين يوم وآخر أنها استردت «٤٣» ألف فدان حتي الآن، وستبيعها في مزادات، وأنها بصدد التفرغ لحيتان الطرق الصحراوية، بينما «١١» ألف فدان دفعة واحدة لا نعلم عنها شيئا وهل هي لرجال جمال مبارك أو له شخصيا، أو لآخرين! وكذلك أرض العياط «٢٦» ألف فدان التي خصصت بأبخس الأثمان، وما خصص لأبوالعينين وكان عضوا بمجلس الشعب بالمخالفة للدستور آنذاك، وغيرها. أقدر الجهود ولكني متخوف علي خلفية ما جري ويجري، ومازال الحوار متصلا.